السبت 2017/04/08

آخر تحديث: 13:50 (بيروت)

"الجمعة الحزينة" التي لن ينساها مؤيدو النظام في اللاذقية

السبت 2017/04/08
"الجمعة الحزينة" التي لن ينساها مؤيدو النظام في اللاذقية
مثقفون وفنانون تشكيليون اجمعوا على ضرورة سحب الجنسية من السوريين في الخارج ممن أيدوا الضربة الأميركية (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
يوم ثقيل سريع الإيقاع، عاشه مؤيدو النظام في اللاذقية، الجمعة. وبدل قضاء الوقت بالاحتفال الروتيني بميلاد حزب "البعث العربي الاشتراكي"، الذي ما زال "حاكماً" لمفاصل البلاد حتى اللحظة، والتحضير لمشاركة المسيحيين بعيد الفصح وجمعته الحزينة، استبقت الولايات المتحدة على المؤيدين الوقت، فجاءت جمعتهم الحزينة قبل موعدها، بعد تلقيهم صدمة من العيار الثقيل بقصف مطار الشعيرات في حمص، كرد على استخدام النظام للسلاح الكيماوي في الهجوم على خان شيخون. وتحول الجمعة إلى حدث أليم، مرره الجميع في محاولة إيجاد تحليل سياسي للأحداث والتنبؤ بالخطوة التالية للضربات، التي وسمت بداية النهار بهزيمة مدوية، لينتهي بانتصار من نوع آخر.

حديث بسيط مع أي مؤيد للنظام تصادفه في لقاء أو جلسة جانبية، سيكشف حالة التخبط التي أصابت أوساط المؤيدين، الذين لم يتوقعوا أصلاً رد فعل أميركي على ما حدث في خان شيخون، في استعادة لتجربة الكيماوي في الغوطة الشرقية في العام 2013. هذه المرة لا خيام نصبت على أسطح المنازل تلبية لحملة "على أجسادنا"، واستبدل الخوف باستهزاء وتأكيدات على أن الإدارة الأميركية لن تجرؤ على تجاوز الوجود الروسي في سوريا، وإلا فسيكون الرد قاسيا ومدوياً. الأمر الذي أكد عليه محافظ اللاذقية ابراهيم خضر السالم، في زيارات ميدانية واجتماعات مع جهات خدمية، حرص خلالها على إنكار المجزرة من أساسها، والترويج للحماية الروسية المفترضة للبلاد، ما جعل النفوس تهدأ وتنام مطمئنة لتستيقظ في اليوم التالي على هذه الفاجعة.

وعلى الرغم من الحركة الطبيعية التي سادت الأحياء والشوارع، لكن لا يمكن تجاهل الوجوم الذي رسم على الوجوه، فالضحايا الست الذين أعلن النظام سقوطهم في هذه الغارة، ينحدر قسم منهم من ريف اللاذقية التي تنتظر دفن قتلاها في جنازة مهيبة تعادل حجم الحدث. خطب الجوامع توحدت لإدانة الضربة والتركيز على استهداف المحور المقاوم، خدمة لإسرائيل. أما روسيا فقد نالها اللوم والعتب وسيل من الشتائم في بعض الأحيان. كيف لا، فأميركا أعلنت تنسيقها المباشر مع الروس لتنفيذ الضربة؟ وراح الجميع يتساءل: أين هي منظومة "أس 400"؟ أليس من المفترض ان تصد الضربات في مثل هذه الحالات؟ أسئلة لم يجد المؤيدون إجابة شافية لها، فقضوا بعض الوقت بإطلاق النكات الباردة عن الاحتفاظ بحق الرد، او الدعوة لحرق إدلب والرد الحاسم فيها، على اعتبار ان الإرهابيين المأجورين "أدوات الامبريالية وإذنابها"، هم السبب في كل ما حدث، والرد المؤلم لإسرائيل وأميركا سيكون هناك على حد تعبيرهم.

يقول إياد، وهو مجند مقاتل ضمن صفوف قوات النظام، إنه  يشعر بخجل وانكسار شديد بعدما حصل "نحن بلا قيمة، يضحون بنا لأجل لاشيء، الروس سحبوا قواتهم وتركونا وحدنا، هل أرقام الضحايا صحيحة قياسا للهجوم الكبير؟ أين الدفاعات والمنظومات التي يتحدثون عنها، الجيش لم ولن يرتكب مثل هذه الأفعال، وبدل الدفاع عن أنفسنا عام 2013 سلمنا الترسانة بأكملها، ماذا سيكون الثمن الآن؟".

إياد ، الذي طرح تساؤلات شريحة واسعة من أقرانه، كان موقفه أقل حدة من مثقفين وفنانين تشكيليين اجمعوا على ضرورة سحب الجنسية من السوريين في الخارج ممن أيدوا الضربة الأميركية. ليكون نصيب المرتاحين او الصامتين في الداخل "الإعدام شنقاً" كما جرت المطالب التي لقيت ارتياحا وتأييدا واسعا من الشارع الذي استهجن تهليل باقي السوريين ومباركتهم للضربة، داعين الى ان يتوحد الجميع خلف النظام لمقاومة الامبريالية وإسرائيل. فالضربة "اختبار للانتماء الوطني" بالنسبة لهم، بغض النظر عن أسبابها والحدث الذي أفضى إليها.

الأمر الغريب كان في حجم التناقض الواضح في الرؤى عند سؤالهم عن الوجود الروسي في البلاد وماهية توصيفه كإحتلال من عدمه، لتأتيك أجوبة تؤكد على شرعية الوجود الروسي الذي أتى بطلب وتنسيق مع القيادة السورية، كذلك الحال مع باقي الفصائل المقاتلة من دول أخرى. فالتنسيق مع القيادة أمر تجاوزته الولايات المتحدة التي تصرفت بشكل فردي كرد على "انتصارات الجيش وتقدمه على الأرض"، فكانت "مسرحية الكيماوي والعقاب" سبباً لرفع معنويات "الإرهابيين المتراجعين في كافة أنحاء البلاد، وإعطائهم أملاً بمساندة فاشلة من مشغليهم تقوي بقاءهم وتطيل أمده".

وكالعادة، لم ينته هذا اليوم الحزين من دون محاولة يائسة من النظام للملمة الجراح. لم تحصل دعوات للتظاهر الشعبي تنديدا بما حدث، حتى أن المؤيدين لم يطالبوا بمثل هذه الوقفات. فالمزاج الشعبي مختلف الآن عما كان سائدا في التهديد الأول عام 2013، والجميع بانتظار الموقف الروسي، دون أدنى أمل بتحرك فاعل من قبل القيادة السورية. لكن محاضرات وندوات قادمة ستعقد لاحقا للتحدث عن فشل الهجوم وانعدام أثره، خاصة بعد إعلان إعادة تشغيل مطار الشعيرات وتحليق طائراته من جديد، في خطوة مرت مرور الكرام على المتابعين الذين اختتموا نهارهم متسائلين بإلحاح، أين سيكون الهدف التالي يا ترى؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها