السبت 2016/11/05

آخر تحديث: 07:44 (بيروت)

السيسي: من مواجهة الخصوم إلى مواجهة الشعب

السبت 2016/11/05
السيسي: من مواجهة الخصوم إلى مواجهة الشعب
© AFP
increase حجم الخط decrease

تواصل الحكومة المصرية الإعلان عن قرارات اقتصادية، تؤرق المواطن المصري في عطلة نهاية الأسبوع، إذ أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري شريف اسماعيل، الجمعة، عن نية الحكومة المصرية رفع سعر تذكرة المترو، بالتزامن مع التوقعات بزيادة الإقبال على استخدام وسائل النقل العام بعد رفع أسعار الوقود، وهو أمر يبدو أن الحكومة ستستغلّه بأقصى ما تستطيع.

وكانت الحكومة المصرية قد فاجأت المصريين بثلاثة قرارات صدرت في يوم واحد، فجّرت حالة استياء وغضب غير مسبوقة في الشارع المصري، الأمر الذي دفع البعض للقول إن نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تفرّغ للمواطنين العاديين بعد مواجهة طويلة مع معارضيه.


وقام البنك المركزي بتحرير سعر صرف الدولار وتعويم الجنيه المصري، الأمر الذي خفض من قيمة الجنيه بشكل حاد، وفتح باباً واسعاً لتحويل تجارة السوق السوداء للدولار من السوق غير الرسمية للبنوك، بعدما ترك لها تحديد السعر يوماً بيوم، فيما صدر قانون الخدمة المدنية الذي شهد حالة مقاومة كبيرة من موظفي الدولة لأكثر من عام، نظراً لأنه يفتح باباً واسعاً للفصل التعسفي غير الخاضع للمساءلة القضائية، وهو ما سيجعل الحكومة قادرة على تخفيض الجهاز الإداري للدولة المتراوح عدده ما بين 5 ملايين موظف ونصف المليون، إلى 7 ملايين موظف، وذلك عبر الفصل والتضييق، إلا أن أكثر ما يثير الحنق لدى العمال والموظفين أن القانون الجديد لا ينفذ على كافة الوزارات والهيئات، إذ استثنى شريحة من الموظفين العاملين في وزارات سيادية مثل الداخلية والخارجية.


وكان آخر القرارات الجديدة هو رفع الدعم عن أسعار الوقود، ما أحدث ضجة ومشاجرات في الساعات الأخيرة من مساء الجمعة، في كافة محطات البنزين، فيما أثار ارتفاع أسعار اسطوانات الغاز والسولار حالة غضب عارمة، نظراً لما سيرتبه على أسعار باقي السلع، إذ يعد رفع الدعم عن السولار من القرارات التي لم يجرؤ نظام من قبل على اتخاذها. 


وتعد نسب رفع الأسعار كارثية بالنسبة لعموم المصريين، إذ ارتفعت مادة البنزين-80، 45 في المئة، والسولار 30 في المئة، واسطوانة الغاز المنزلية 87.5 في المئة.


كأي قرصان انتهازي، استغل السيسي لحظة الارتباك الواسع نتيجة الهزة في أسعار صرف الدولار وصعودها وهبوطها بشكل مفاجىء، لتمرير قرارات بدت عصيبة على الدولة المصرية منذ أكثر من 40 عاماً، خصوصاً وأن رفع الدعم ارتبط في ذهن صانعي القرار بتظاهرات يناير/كانون الثاني 1977، عندما رفعت حكومة الرئيس الراحل أنور السادات أسعار بعض السلع الأساسية، قبل أن تجبره التظاهرات الواسعة على التراجع عن تلك القرارات.


ويبدو أن هاجس الغضب الذي يمكن أن تسببه مثل هذه القرارات، ظلّ مسيطراً على الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الحين، إلا أن السيسي الذي وعد مراراً بمصارحة المصريين قبل الإقدام على أي خطوة خاصة بـ"ترشيد" الدعم كما أسماه، تنصّل من وعوده، وكالعادة دفع المصريون ثمن طموحات الجنرال ومحاولاته الحصول على الشرعية الدولية لتثبيت حكمه.


توقيت القرارات، التي تسبق دعوات التظاهر بأسبوع، تعني أحد أمرين: إما أن السيسي لا يهتم لتلك الدعوات نظراً لقدرة أجهزته الأمنية على إحكام السيطرة على الشارع المصري، اعتماداً على أن جدار الخوف والرعب من "قمع الدولة" الذي أعيد بناؤه عقب 30 يونيو/حزيران 2013 ما زال كبيراً في نفوس المصريين، خصوصاً وأن ذاكرة المصريين ما زالت تحفظ مشاهد الدم والقتل وعلى رأسها مذبحتي رابعة العدوية وميدان النهضة، وهو ما يمنع المصريين من أي تحرك جاد أو فعلي ضد هذا النظام، أو أن هنالك توجهاً لدى الدوائر الضيقة في النظام المصري للإجهاز على السيسي وضرب شعبيته بتوريطه في قرارات تثير سخطاً شعبياً ضده، نتيجة تآكل رهانات المصريين عليه.


حتى الآن، سيكون من الصعب ملاحظة ردة الفعل في الشارع، خصوصاً وأن القرارات صدرت نهاية الأسبوع، إلا أن ردة الفعل الحقيقية ستبدأ في الظهور ابتداء من الأيام الأولى في الأسبوع المقبل، مع انتظام دوام العمل لدى الموظفين، وعودة الطلاب إلى المدارس والجامعات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها