الثلاثاء 2015/12/22

آخر تحديث: 13:21 (بيروت)

روسيا.. والسلاح العنقودي في حماة

الثلاثاء 2015/12/22
روسيا.. والسلاح العنقودي في حماة
المسافة الفعالة لهذه القذائف، كبيرة جداً، ويتم إطلاقها عبرالمقاتلات الروسية (براء عبدالرحمن)
increase حجم الخط decrease
مع بداية التدخل الروسي المباشر في سوريا، منذ شهرين، بدأت المعارضة برصد قذائف عنقودية جديدة، يلقيها الطيران الروسي، على ريف حماة. رُصدت تلك القذائف العنقودية، في قرية كفرنبودة في ريف حماة الشمالي الغربي، وفي قرية عطشان في الريف الشرقي. قذائف وصفها المدنيون بالـ"فتاكة"، فيما أكد قادة عسكريون في المعارضة المسلحة، أن هذا السلاح يستخدم لأول مرة، في سوريا.

المسافة الفعالة لهذه القذائف، كبيرة جداً، ويتم إطلاقها عبرالمقاتلات الروسية وأحياناً من مطار حماة العسكري، وأحياناً تُطلق الصواريخ المحملة بها من معسكر جورين وبلدة بريديج في ريف حماة الغربي، باتجاه الريف المحرر، بحسب مراصد المعارضة.

ويشرح العقيد أبو شهاب المنشق المنتمي إلى "فيلق الشام" العامل في ريف حماة، لـ"المدن"، مواصفات السلاح وطريقته في إصابة أهدافه بالقول: "تطلق الراجمة صواريخ تتفكك في الجو إلى قذائف تسقط عبر مظلات. وهي مصممة لتدمير عربات مدرعة عبر إطلاق كتل معدنية متفجرة بعد تحديد الأهداف بنظام رصد مطور، ثم تخرج من داخل كل قذيفة قذيفةٌ أخرى تقوم بتدمير الهدف".

ويضيف العقيد: "يعد هذا السلاح بالمقياس العسكري منظومةً متطورة ليس لها مثيل، عبر إطلاق الصواريخ على شكل زخات، تحتوي على جهاز لتصحيح مسار تحليق القذيفة، ما يجعلها قادرة على تدمير كافة الأهداف الأرضية، عملياً، بأقل قدر من القذائف، في أقصر وقت وبدقة عالية ولمسافة بعيدة". ويشير أبو شهاب إلى أن توجيه هذه القذائف يتم عن طريق نظام ليزري داخلها، وأنها تصيب الأفراد وتجمعات البناء والبنى التحتية العسكرية، حيث تصل المسافة الفعالة للصاروخ إلى 90 كيلومتراً، وهو مختص بتدمير الأهداف الجماعية".

وهذا ما أكده بدوره الناشط الإعلامي أبو اليمان الحموي، والذي عاين سقوط القذائف في بلدة كفرنبودة، وقال إنها تسقط مثل زخات المطر، فتدمر كل ما تسقط عليه في محيط دائرة كبيرة.
ويقول أحد العاملين في "الدفاع المدني" في ريف حماة: "تلك القنابل التي تسقط دون أن تنفجر تتحول إلى ألغام فردية، حيث يمكن أن تنفجر لاحقاً عبر الصعق أو بمجرد لمسها من قبل أحد المارة، وحصل ذلك في حالات متعددة".

ويوضح القيادي في "أجناد الشام" حسين داوود، لـ"المدن": "هذه القنابل على نوعين؛ الأول منها مضاد للأفراد، يحتوي الصاروخ الذي يلقيها على مئتي قنبلة منها، ويقذف تلك القنابل على مدى واسع فور إطلاقه من الطائرة، وقد رصدنا سقوط العديد من القنابل من هذا النوع في مناطق عديدة من ريف حماة". أما النوع الثاني، فيكمل داوود: "هي قنابل عنقودية ذكية مضادة للدروع والآليات، وهي أكبر حجماً ومزودة بكاميرا حرارية تتبع الآليات المستهدفة، كما أنها مزودة بمظلة وصاعق للتفجير، استخدمت لقصف منازل المدنيين والمساجد وآليات تابعة لقوات المعارضة".

القنابل المستعملة تنقسم إلى نوعين بحسب نوع السلاح الذي يحملها؛ الأول تم التعرف عليه عن طريق فوارغ وجدت في مكان القصف في بلدة كفرنبودة، وهو عبارة عن صواريخ كاتيوشا خاصة براجمة صواريخ من نوع "BM -30" سميرتش الروسية، والثاني تم عرضه على بعض الضباط المنشقين عن النظام، الذين أكدوا أنه من نوع "RBK-500-SPBE-D" روسي الصنع، وهي قنابل عنقودية حاضنة، تحتوي قنابل أصغر حجماً بداخلها، وقدرتها على الفتك والتدمير كبيرة، ويبلغ وزنها 0.5 طناً.

وتم توثيق أربع غارات جوية نفذها الطيران الروسي على ريف حماة، تم خلالها استخدام قنابل عنقودية شديدة الإنفجار، أحدثت أضراراً مادية كبيرة وخسائر بشرية.

وفي ظل إنعدام الأساليب العسكرية الحقيقية لمقاومة هذا السلاح الذي يشكل خطراً كبيراً، على المدنيين والعسكريين، لجأ قادة في فصائل المعارضة، إلى اختراع طرق تجنبهم ضرر هذا السلاح بالوسائل المتوفرة. وعمد بعض القادة على تمويه الآليات بالطين لتشويش القذائف التي تعمل بنظام ليزري يحدد الأهداف، وذلك قياساً على تجربة تمويه العربات للتشويش على طيران قوات النظام، الذي يعاين المنطقة ثم يطلق صواريخه على الأهداف التي يراها. القائد الميداني في "لواء الفاتحين" أبومحمود، قال لـ"المدن": "في البداية طلينا العربات بالطين الرطب الذي يغير لون العربة وشكلها وهذا ما كنا نفعله سابقاً لنخفي الأهداف عن طيران النظام لكن هذه الطريقة لم تنجح مع القذائف التي اتضح أن نظامها أدق وتستطيع حساساتها إختراق هذه الطبقة الطينية".

ويكمل أبومحمود: "بدأنا بالتطوير على طريقة التمويه، فأضفنا إلى مزيج التراب والماء قطعاً من القش، تزيد من سماكته وتعيق نظام التوجيه الذي يعتمد على الليزر والحرارة في التعرف على الأهداف. وأصبحنا نطلي العربات بهذا المزيج ما يشكل طبقة تصل سماكتها إلى خمسة سنتيمرات تقريباً، تغطي كامل جسد العربة وتمنع القذائف من اكتشافها". وقد استطعنا بهذه الطريقة حماية الأهداف العسكرية والعربات، لكننا إلى الآن، لم نتمكن من الحد من دمار هذه القذائف على البنى التحتية والمدنيين الذين يعد هذا السلاح بالنسبة لهم كابوساً يشابه قصف الطيران الحربي.

وفي السياق، تحدثت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن صور وأشرطة فيديو، تظهر تجدد إطلاق القنابل العنقودية من الجو، فضلاً عن استخدام صواريخ محملة بذخائر عنقودية، كجزء من العملية السورية-الروسية المشتركة في الشمال السوري.

وبحسب المنظمة، فإن الصور وأشرطة الفيديو التي تظهر اعتداءات جوية وبرية بالقنابل العنقودية في محافظات حلب وحماة وإدلب، منذ بدء الحملة الجوية الروسية في سوريا، وتعتبر هذه الأسلحة محرمة دولياً، ورغم ذلك فإن النظام وحلفاؤه الروس يستخدمونها بشكل واسع.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها