الثلاثاء 2014/04/01

آخر تحديث: 00:09 (بيروت)

درعا: جبهة مفتوحة على الاغتيالات

الثلاثاء 2014/04/01
increase حجم الخط decrease
تبدو جبهة درعا والمنطقة الجنوبية عموماً حقل اختبار للعبة تبدّل المواقف الإقليمية. سرعان ما تترجم نتائج هذا التبدل بمحاولات لتعديل موازين القوة العسكرية على هذه الجبهة، عبر اغتيالات تطال بعض قياديي الجيش الحر، وسط ترجيحات أن يكون التعاون الأمني الإقليمي هو المؤسسة التي تقف خلف هذه المحاولات.
 
في إطار مسلسل اغتيالات قادة الجيش الحر في درعا، شهدت مناطق العمليات، ليل الأحد، محاولتي اغتيال متزامنتين، استهدفت إحداهما ضابط عمليات المنطقة الجنوبية وقائد لواء المهاجرين والأنصار، النقيب إياد قدور، بعبوة ناسفة زرعت في سيارته، نجا منها، في حين قتل في هذه العملية القائد الميداني للواء "لؤي عبد الرحمن الحراكي"، وهو أيضاً من القادة العسكريين البارزين في المنطقة الجنوبية. 
 
أما العملية الثانية، وقعت في المنطقة الغربية، في بلدة تسيل، واستهدفت بنفس الطريقة قائد لواء "الشهيد رائد المصري"، جلال المصري، ونجا هو الأخر من هذه المحاولة، وقتل شقيقه الذي كان يرافقه في السيارة لحظة الإنفجار، وهو قائد ميداني للواء، والاثنان يعتبران من القادة البارزين في المنطقة الغربية وجنوب محافظة القنيطرة.
 
مسلسل الاغتيالات كان قد طال في أواخر العام الماضي قائد لواء فلوجة حوران ورئيس غرفة عمليات المنطقة الجنوبية، وأحد أبرز قادة الجيش الحر في درعا، المقدم ياسر العبود، عبر استهدافه بصاروخ حراري، ليعلن بعدها بفترة، محاولة اغتيال القائد الثوري للجبهة الجنوبية، بشار الزعبي، بصاروخ حراري أيضاً.
 
ويتوقع ناشطون، أن هذه الاغتيالات، تسعى لتصفية التيار المعتدل الوطني، غير المرتبط بأجندات ممولين من خارج الحدود. وغالباً ما تتزامن تلك المحاولات مع الحديث عن انفتاح أقنية دعم عسكري جديدة للجيش الحر، في فترات تقدمه السريع باتجاه مناطق تعتبر خطوطاً حمراء بالنسبة للنظام، والتي تتمثل في إبقاء الأوتستراد الدولي دمشق ـ عمان، ومعبر نصيب الحدودي مفتوحين كدلالة من ناحية ثانية الحفاظ على المربع الأمني وسط مدينة درعا والطريق الواصلة إليه، في تثبيت لاستراتيجية السيطرة على الجزر داخل المدن وطرق النقل والإمداد إليها. 
 
كثير من الغموض، وقليل من التصريحات تتناول تفاصيل هذه العمليات والجهات التي تقف وراءها، والجميع يكتفون باتهام جهات مجهولة تنسق مع النظام، مع إشارة سريعة إلى احتمال أن تكون التصفيات قد تمّت بأيدي أو بالتنسيق مع جماعات من الجيش الحر، لها علاقات وثيقة مع قوى خارجية، يرفض الجميع تسميتها على صعيد التصريحات الرسمية. 
 
يقول الناشط الإعلامي عمر الحريري لـ"المدن": "حتى الآن الجهة المنفذة مجهولة، هذه ليست حادثة يتيمة، جرت مؤخراً اغتيالات لعدد من أفراد الجيش الحر في مدينة داعل وعام 2013 الماضي شهد عمليات اغتيال لعدد من قادة وأفراد الجيش الحر، الاغتيالات تستهدف قادة الألوية الفاعلة على الأرض ".
 
وحول طبيعة الجهة المنفذة قال : "ليس هناك أي شيء مؤكد حتى الآن بشأن تحديد الجهة التي تقف خلف هذه العملية وخلف سلسلة العمليات السابقة أيضاً، كل الاحتمالات واردة ، لكن المؤكد أن هذه العمليات لا يقف خلفها مجرد أفراد، هناك تنسيق واضح على مستوى كبير من الدقة والتخطيط، وفي أكثر من مكان بنفس الطريقة والوقت، من الصواريخ الحرارية سابقاً، إلى العبوات الناسفة الآن. واضح أن الجهة التي تقف وراء جميع هذه العمليات هي نفس الجهة". 
 
وأضاف "النظام قد يكون وراء الإغتيالات لأنها تستهدف أهم قادة العمليات على الأرض، وإن لم يكن النظام، قد يكون طرف خارجي لا تعجبه وتيرة سير المعارك في درعا، ويستخدم لذلك أفراداً تسللوا بين جماعات الجيش الحر لتنفيذ تلك الأجندة، وهذا الاحتمال الأكثر وروداً. مهما يكن من يقف خلف هذه العمليات سننتظر نتائج بعض التحقيقات التي يجريها الجيش الحر مع أفراد متهمين بالتورط في حملة اغتيالات لعناصر وقادة من الجيش الحر في مدينة داعل (الأسبوع الماضي)، عندها ستتضح المزيد من خيوط هذه الشبكة الأمنية المترابطة والمعقدة".
 
ثمة رابط يجمع ثلة الضباط المستهدفين بهذه العمليات، وهم جميعاً من عداد القادة المعتدلين، المنقلبين، على المجلس العسكري في درعا، الذين شكلوا، في تموز/يوليو العام الماضي، مجلساً جديداً وغرفة عمليات مستقلة، وقع بيانها كل من القائد الثوري للجبهة الجنوبية بشار الزعبي، ورئيس غرفة العمليات المقدم الركن ياسر العبود، وأعضاء الغرفة الرائد قاسم نجم، النقيب إياد قدور، النقيب إياد الدوس، الملازم أول محمد القادري.
 
في الأروقة الخلفية ثمة غزل أمني أردني سوري يجري في المنطقة الجنوبية، وتدفعه التخوفات الأردنية من تواجد منظمات متشددة على حدودها مع سوريا، أو من تشكيلات معارضة لا تتمتع بالمرونة الكافية في تعاطيها مع المتغيرات الإقليمية، ويبدو أنها تميل إلى استقلالية غير محبّذة بالنسبة للأصدقاء على الطرف الآخر من الحدود. المشكلة على الأغلب كما تعرّف سياسياً، هي مشكلة عدم التكيّف.
 
increase حجم الخط decrease