الخميس 2014/11/06

آخر تحديث: 13:10 (بيروت)

هل ينكفىء الاحتلال أمام غضب القدس؟

هل ينكفىء الاحتلال أمام غضب القدس؟
ليبرمان: دخول أعضاء الكنيست إلى المسجد الأقصى غباء سياسي (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

لم تمض ساعات على عملية دهس المستوطنين في حي الشيخ جراح في القدس، حتى تبعتها عملية دهس ثانية عند مدخل مخيم العروب في الخليل، استهدفت هذه المرة ثلاثة جنود كانوا يقفون على أحد الحواجز المتاخمة للمخيم، قبل أن يلوذ منفذها بالفرار تاركاً السيارة التي كان يستقلها.

عقب الحادثة، فرض الاحتلال طوقاً أمنياً مشدداً على المدينة، واعتقلت أفراد عائلة من تزعم سلطات الاحتلال وقوفه وراء العملية، وهو همام المسالمة من قرية بيت عوا قضاء الخليل.


مصير الجنود لم يعرف حتى الآن. المصادر الإسرائيلية تقول إنهم أصيبوا، من دون ذكر خطورة الإصابة، غير أن تسجيل الفيديو الذي نقلته وسال الإعلام العبرية وقت الحادثة يظهر إصابة الجنود الثلاثة بشكل مباشر، كما أن الصور التي بثت للسيارة التي استقلها منفذ العملية تعكس مدى قوة الضربة.


في غضون ذلك، شيع أهالي القدس، الشهيد إبراهيم العكاري، منفذ عملية الدهس الأولى في حي الشيخ جراح في القدس، والتي أودت بحياة ضابط في الشرطة الإسرائيلية، إضافة إلى ثلاثة عشر جريحاً. الجنازة التي اقتصرت على 35 فرداً من عائلة الشهيد، وأحيطت بحراسة أمنية واسعة؛ انتهت بمواجهات مع الشبان المقدسيين الذين تجمعوا بالقرب من مقبرة الأسباط للمشاركة في مراسم التشييع، مستخدمين الحجارة والألعاب النارية في مواجهة بنادق جنود الاحتلال.


لم يتبنّ أي فصيل فلسطيني حتى الآن أياً من العمليتين، تماماً كسائر العمليات التي وقعت في الضفة خلال السنة الماضية، رغم إجماع الفصائل كلها على مباركتهما، وهو ما يشي بأنهما وقعتا بمبادرة فردية. هذا ما يُستنتج أيضاً من رواية أهل الشهيد إبراهيم العكاري عن لحظاته الأخيرة قبيل تنفيذ لعملية، إذ ودع زوجته وأطفاله بشكل طبيعي قبل أن ينطلق إلى عمله كما في كل يوم، غير أن الشهيد العكاري كان متأثراً بسلفه معتز حجازي، منفذ عملية إطلاق النار على الحاخام اليهودي، يهودا غليك، قبل أسبوع.


إذاً هي سلسلة من التراكمات التي قد ينفجر فتيلها في أي لحظة، وتتحول إلى هبّة جماهيرية واسعة قد لا تتمكن آلة القمع الإسرائيلية من احتوائها. فالفلسطينيون أثبتوا عبر تاريخهم في الصراع مع الاحتلال قدرتهم على ابتكار أدوات نضالية تناسب الظرف، بدءاً بانتفاضة الحجارة، مروراً بانتفاضة السكاكين في أوائل تسعينات القرن الماضي، ومن ثم العمليات الاستشهادية، وصولاً إلى استخدام السلاح المتقدم، والاشتباك المباشر مع العدو.


تزامنُ العمليتين الأخيرتين دفع الكثيرين من الفلسطينيين إلى التفاؤل. البعض أطلق وسم "تنظيم داعس الفلسطيني" متندراً، والبعض الآخر  وصف ما حدث "بانتفاضة سيارات" قد تتحول فيها أي مركبة فلسطينية إلى قنبلة موقوتة، لاسيما في مناطق التماس، وعلى الحواجز، حيث ينتشر جنود الاحتلال والمستوطنون منكشفين أمام أي سيارة عابرة.


ومنذ حرب غزة الأخيرة، حدثت أكثر من عملية مشابهة، لاسيما في القدس نفسها، فقبل أسبوعين فقط، نفذ الشهيد عبد الرحمن الشلودي عملية دهس قرب محطة القطار الخفيف في حي الشيخ جراح في القدس، وخلال حرب غزة، هاجم المقدسي محمد جعابيص بجرافته إحدى الحافلات الصهيونية، قبل أن يستشهد برصاص قوات الاحتلال، غير أن للمستوطنين أيضاً سوابق في عمليات الدهس، تصاعدت وتيرتها بعد حرب غزة، ومعظمها جرت بحق أطفال صغار (إسلام العمور 6 سنوات، ومعاذ غزال 16 عاماً، وإبراهيم عودة 13 عاماً، وآدم الرشق 10 أعوام، والشهيدة إيناس دار خليل 4 سنوات)، كلهم أطفال تعرضو للدهس من قبل المستوطنين في مختلف مناطق الضفة  عقب حرب غزة، إضافة إلى عمليات الخطف التي تقوم بها العصابات الصهيونية في مدينة القدس، التي كان آخرها محاولة اختطاف الطفل أمير رمضان والاعتداء عليه بالضرب المبرح.


صباح الخميس أيضاً، حاول مستوطن دهس أحد المواطنين في قرية تقوع قرب بيت لحم، لكن محاولته  باءت بالفشل.


في مقابل ذلك، باشرت قوات الاحتلال فرض إجراءات انتقامية بحق أهالي المدينة المقدسة، شملت هدم أربعة منازل بشكل تعسفي في سلوان الليلة الماضية، بالإضافة إلى جباية ضرائب بشكل عشوائي من السكان، وفرض غرامات ومخالفات تعسفية على المارة. العقوبات استهدفت بشكل أساسي الشبان المتهمين برشق الحجارة، حيث عمدت قوات الاحتلال إلى تشديد الرقابة عليهم، وفحص الديون والمخالفات المترتبة عليهم كإجراء عقابي لذويهم.


غير أن تصاعد حدة الأحداث دفع المستويين السياسي والأمني في إسرائيل إلى الانكفاء وإعادة التفكير مجدداً، خوفاً من انفجار الوضع في القدس، وهو ما لا تريده سلطات الاحتلال قطعاً، لاسيما بعد التوتر الدبلوماسي مع الأردن عقب استدعائه سفيره في تل أبيب، وتلويحه بإعادة مراجعة اتفاقية وادي عربة، وتقديم مندوبه الدائم في مجلس الأمن شكوى ضد إسرائيل.


إلى ذلك، نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الخميس، عن مسؤولين في الشرطة الإسرائيلية قولهم إن تعزيز التواجد الأمني في القدس لن يؤدي إلى تهدئة الأمور، معتبرين أن القوانين التي فرضت على ذوي المتظاهرين قد تزيد العبء على أهالي المدينة، مما قد يؤدي إلى إشعال الأوضاع مجدداً، محذرين القيادة السياسية من استمرار اقتحام أعضاء الكنيست للمسجد الأقصى، وإطلاق "التصريحات غير المسؤولة" على حد وصفهم. وهذا ما ظهر بالفعل لاحقاً في كلام نتنياهو، الذي دعا نوابه ووزراءه إلى التروي في تصريحاتهم حول المسجد الأقصى. والمفارقة أيضاً أن هذا الانطباع كان واضحاً كذلك في حديث وزير الخارجية المتطرف، أفيغدور ليبرمان، إذ وصف، الخميس، دخول أعضاء الكنيست إلى المسجد الأقصى "بالغباء السياسي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها