فيضان الدراجات النارية في لبنان: هل هي الحل الوحيد؟

نغم ربيع
الأحد   2023/04/23
إجمالي الدراجات المسجلة يبلغ نحو 289 ألف دراجة.. وغير المسجلة توازيها عدداً (Getty)

"أنا معلمة خصوصية في المنزل، وتكلفة النقل العام زادت بشكل كبير. لذا، قررت أن أتعلم قيادة الدراجة النارية لتوفير التكاليف. تعبئة الدراجة الواحدة بالبنزين فقط 300 ألف ليرة لبنانية، وتكفيني لمدة 3 أيام، بينما كانت تكلفة النقل العام (السرفيس) بمشوار واحد 150 ألف ليرة لبنانية. وهذا يعني أنه كان عليّ دفع كل مدخراتي للنقل العام". هكذا عبرت مروة عن سبب خيارها لقيادة الدراجة النارية، وتقول: "هذه الخطوة كانت صعبة بالنسبة لي، لأنني كنت أخشى الدراجات النارية وأتجنبها. لكنها الأفضل للاستمرار في ظل هذه الأوضاع الصعبة".

ازدياد الطلب على الدراجات النارية
مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، وتحديداً في ظل ارتفاع أسعار الوقود والصيانة، يبحث اللبنانيون واللبنانيات عن وسائل نقل بديلة تكون أقل تكلفة. ومن بين هذه الوسائل الدراجات النارية.

حسب دراسة "الدولية للمعلومات"، تم استيراد 177 ألف دراجة نارية في 6 سنوات. "نتيجة الأزمة المالية التي يمر بها لبنان، التي أدت الى ارتفاع أسعار المحروقات وتالياً كلفة النقل، عمد الكثير من اللبنانيين إلى شراء الدراجات النارية لاستخدامها في التنقل كبديل عن السيارة. فبعدما شهد العام 2021 استيراد 29,102 دراجة نارية ارتفع العدد الى 47,077 دراجة حتى نهاية تموز 2022، ليصل إجمالي عدد الدراجات التي تم استيرادها خلال الأعوام (2017-2022 في نهاية تموز 2022) إلى 177،388 دراجة. أما إجمالي الدراجات المسجلة فيبلغ نحو 289 ألف دراجة. أما غير المسجلة فربما تقترب من هذا العدد، ولكننا لا نملك رقماً دقيقاً.

في هذا السياق، تؤكد رنا كرزي، وهي سائقة ومدربة لركوب الدراجات النارية، أن "أعداد الراغبين في تعلم قيادة الدراجات النارية زادت بشكل ملحوظ منذ عام 2020، والملفت هو أن العدد الأكبر هو من النساء المتشجعات والراغبات في القيادة". وتضيف: "البعض يرغبن في قيادة "الموتوسيكل" كهواية، ولكن الأغلبية تهدف إلى أن تكون وسيلة للتنقل".

حلول أخرى..
في لبنان، كان ركوب الدراجات الهوائية في الماضي مجرد هواية، ولكن اليوم أصبحت ضرورة يومية نظرًا للصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون واللبنانيات. فالعديد منهم يعتمدون عليها اليوم كوسيلة للتنقل بدلاً من السيارات. في هذا الصدد، ينتقل رامي يومياً من منزله في كورنيش المزرعة إلى مركز عمله في المتحف باستخدام دراجته الهوائية. ويقول للمدن: "غلاء البنزين أجبرني على ركن سيارتي والبحث عن وسائل أخرى للتنقل، لذلك أصبحت أعتمد على الدراجة الهوائية كوسيلة للوصول إلى مكان عملي والنادي وأماكن أخرى في المدينة". ويكمل حديثه "اخترت الدراجة الهوائية لأستغل الفرصة للوصول إلى المكان المقصود وممارسة الرياضة في آن واحد".  

أما بالنسبة إلى شربل الذي يقيم في بيروت ويعمل في جونية، فقد قرر هو وأصدقائه التناوب في استخدام السيارات خلال الأسبوع الواحد، بدلاً من أن يتوجه كل واحد بسيارته، أو ما يعرف بـcarpooling . وأشار شربل إلى أننا " نفتقد في لبنان وسائل النقل الجماعية كالمترو أو القطار الذي يكون عادة أرخص تكلفة، وهذا يزيد من صعوبة التنقل بين المناطق، خصوصاً في ظل غلاء الأسعار. وبالتالي، هذا ما دفعني وأصدقائي مشاركة سيارة واحدة للوصول إلى عملنا".

وعلى غرار مروة ورامي وشربل، قررت مايا الاعتماد على قدميها للتنقل في مدينة صيدا التي تقيم فيها، لتقوم بأداء مختلف المهام التي تحتاج إلى التنقل، ومنها الذهاب إلى مكان عملها الذي يبعد عن منزلها حوالى 20 دقيقة سيرًا على الأقدام. وتقول "إن منزلي لا يبعد كثيرًا عن مكان عملي، ولكن مع ارتفاع أسعار المحروقات، فقد قررت التوجه إلى عملي سيرًا على الأقدام عندما يسمح لي الطقس بذلك. وبهذا، أستطيع أن أكون أكثر نشاطًا وأوفر في مصروفي".

كلما اشتدت الأزمة سيصبح المواطن خلاقاً أكثر. فلو تمّ دعم قطاع النقل ودعم مشاريع كوضع خطة سير وشراء حافلات للنقل العام وإنشاء مسارات للدراجات الهوائية والنارية لكانت الأمور اختلفت.