"العمل الحر" بين تطوير الذات وغياب الأستقرار المادي

نغم ربيع
السبت   2023/03/11
في لبنان أعلى نسبة من العاملين لحسابهم الخاص freelancer (Getty)

في العام 2020، في أوّج الأزمة الإقتصادية التي ضربت لبنان، قرر محمد، وهو صحافي لبناني، ترك وظيفته واللجوء الى العمل الحر (freelance) لتحسين وضعه المادي، متجاوزاً كل النصائح التي حذرته من التخلي عن "المعاش آخر الشهر"، في ظل ظروف معيشية صعبة. "تركت الضمان الإجتماعي، والراتب الثابت، وانطلقت بحثاً عن عدة فرص في وقت واحد لمواكبة التحديات المعيشية"، يقول محمد في حديث لـ"المدن"، مشيراً الى أن التجربة بنتيجتها كانت ناجحة، لكنها متعبة.

العمل الحر "الفريلانس" هو العمل غير المنتظم، حيث يعمل الفرد على مشاريع مختلفة بدلاً من العمل لحساب مؤسسة واحدة. يشمل هذا النوع من العمل العديد من المهن والمجالات.

لبنان الأول عالميا!
في دراسة أجرتها شركة الدراسات والأبحاث للقوى العاملة Revelio Labs  يظهر أن لبنان لديه أعلى نسبة من العاملين لحسابهم الخاص في العالم من أصل القوى العاملة، بنسبة 2.4%، بعد أن كان الرقم منذ 10 سنوات 1.3 بالمئة.

تذكر الدراسة نفسها، ان العديد من الأشخاص اعتمدوا العمل المستقل مع بداية وباء كورونا وتأثيره المدمر على الاقتصاد العالمي، وهذا ينطبق على لبنان، حيث أدت الازمة الاقتصادية الى زيادة البطالة، ودفعت الناس للبحث عن طرق بديلة لكسب معيشتهم. وتلفت Revelio Labs الى ان العمل المتنقل ليس الأكثر "صحة" في العالم. معتبرة الى ان انخفاض قيمة الليرة في مواجهة الدولار، دفع العديد من العاملين لحسابهم الخاص للبحث عن عمل من خارج لبنان بهدف الحصول على أموال بـ"الفريش.

بين زيادة الدخل وغياب الامان
من أبرز حسنات العمل الحر، بحسب تجربة محمد، الحرية في العمل والمرونة في الوقت والزيادة في الإنتاج المادي.

يمكّن العمل الحر من المساعدة على التنمية المهنية إذ يمكن للفرد تطوير مهاراته وتعلم مهارات جديدة، لكي يكون منافساً اكثر في سوق العمل، حيث أن الفرد يعلم بأن عدم تطوره يعني خسارته لفرص العمل.

ومع ذلك، فإن للعمل الحر مخاطر وتحديات تتطلب التعامل معها. ومن بين هذه التحديات  التنافس الشديد والمتزايد في هذا المجال، وكذلك ضغط المشاريع والمهام الواجب تنفيذها في وقت قياسي، أما الاهم كما تراه هبة وهي عاملة في مجال "الغرافيك"، هو عدم الاستقرار المالي خصوصاً في بداية العمل.

تقول هبة أن العمل الحر مربح بشكل عام، لكنه يفتقد الى شعور الأمان المادي، حيث أن الموظف يعلم أن راتبه سيصله نهاية الشهر، أما في العمل الحر فهذا الأمان غير متوفر.

بحسب آرثر بيزديكيان مؤسس ومدير لشركة “Lemonade Fashion” أن الطلب على "الفريلانسيرز" يزداد في الأعمال التي لا تحتاج موظفين بشكل يومي لإتمامها، مثل التصوير، وعرض الازياء، على سبيل المثال.

ويقول بيزديكيان لـ"المدن": "السبب الأساسي وراء الإستعانة بالعمالة الحرة هو أن عملنا بالموضة والثياب لا يتطلب منا تصوير كل يوم، بل فقط مرة في الشهر. ونحتاج باستمرار إلى وجوه جديدة من عارضين وعارضات، بحسب المحتوى الذي نريد إيصاله". وبحسب بيزديكيان أن "هذا أوفر من تعيين موظف ثابت، ولكن من ناحية أخرى، هناك خشية من عدم توفر أحدا منهم نتيجة عدم التزامهم الكامل معنا. 

القانون لا يحمي العامل الحر!
العمل الحر غير مخالف للقانون إنما لا يوجد قانون عمل خاص لتنظيمه، وبحسب المحامية جودي فتفت "لا يتمتع العامل الحر بحماية قانونية مباشرة كالتي يتمتع بها العامل أو الأجير بحسب قانون العمل اللبناني. فالعامل الحر ليس بأجير ولا رب عمل ولا يوجد أي قانون يحميه.

وتضيف لـ"المدن" أن  "الفريلانسر يحرم من الحقوق المكفولة لأي عامل أو أجير مثل تعويض نهاية الخدمة والتسجيل بصندوق الضمان الاجتماعي وفي بعض الأحيان يحرم من بدل أتعابه نتيجة عدم توقيع عقد يوثق العمل بينه وبين صاحب الشركة".

وفي هذا السياق تشير فتفت الى أنه من الضروري الإصرار على توقيع عقد بين العميل والعامل للحر لتحديد كل الشروط مثل طبيعة العمل والمدة والبدل المالي للحفاظ على الحق المالي.