وزارة التربية تطلق الخطة الخمسية للتعليم العالي

بتول يزبك
الإثنين   2023/01/23
أتت الخطة في سياق منبثق من الأزمات الحالية (جورج فرح)

تستمر محاولات السّلطة اللبنانية المستميتة  لاستجداء المزيد من الدعم الدولي المالي، لتدارك واقع أزماتها المتناسلة، وطمس فسادها المقرون بالهدر التاريخي وغياب الخطط الجذرية والتغييرية منذ سنوات، فصباح اليوم الإثنين 23 كانون الثاني، وبدعوة من وزارة التربية والتعليم العالي، ممثلةً بوزيرها عباس الحلبي، وبالتعاون مع مديرة المكتب الإقليمي لليونسكو كوستانزا فارينا، اجتمع كل من جميع رؤساء الجامعات العاملة في لبنان، وعدد من ممثلي المنظمات الدولية وسفير اليابان في لبنان ماسايوكي ماغوشي، وعدد من الأساتذة في الجامعات، خصوصاً الجامعة اللبنانية، لإطلاق الخطة الخمسية (2023 -2027) للتعليم العالي في لبنان، ذلك في قاعة المسرح في وزارة التربية والتعليم العالي، وفيما لم يخلُ مؤتمر الإطلاق هذا من الدعوات والتمنيات اللبنانية للجهات الدولية الحاضرة، وعلى رأسها اليونيسكو بالدعم المالي، حضرت الوعود كذلك.. الوعود غير المحققة التّي سمعها العاملون في قطاع التربية والتعليم مرارًا.

الخطة الخمسية
على هامش المؤتمر الذي أكدّ فيه الوزير الحلبي أن هذه الخطة تم تطويرها في سياق منبثق من الأزمات الحالية، المالية منها والاقتصادية، بالإضافة إلى ارتدادات جائحة كوفيد -19 على صعيد التعليم العالي وصولاً إلى تفجير المرفأ، وما تناسل عن هذه الأزمات من اضطرابات على المستوى الاجتماعي، والتوتر الأمني والسياسي على حدٍّ سواء. ناهيك بكون غالبية الأسر المفقرة اليوم ترزح تحت ضغوط متزايدة دفعتها لاستهلاك آمالها على أساسيات العيش وتأجيل الاستثمار بالتعليم العام إجمالاً، والتعليم العالي الذي أصبح رفاهية عند غالبيتها. ونظرًا للاضمحلال المطرد في جودة التعليم العالي، الأمر الذي انعكس سلبًا على سوق العمل اللبناني، فضلاً عن تشوه الهوية التعليمية عند طلاب وتلاميذ المراكز التعليمية الرسمية، وجب تكوين خطة مدروسة لتحسين التعليم وحكومته، وسهولة الوصول إليه كحق لجميع المواطنين. وبناءً على المداولات واستجابةً للسياق الحالي للتعليم العالي في لبنان، اقترحت الوزارة خطة خمسية للتعليم العالي قائمة على ثلاثة محاور استراتيجية:

أولها، يأتي في مضمار توجبه وتسيير قطاع التعليم العالي، وفي مجال أولوياتها الآتي:

1-  تعزيز مبدأ الحكومة والمساءلة عبر وضع نظام فعال على المستويين الوطني والمؤسساتي، ووضع الأحكام القانونية الإجراءات التنظيمية الخاصة بالجهات المعنية بهذا القطاع.

 2- تعزيز الجودة وضمانها في التعليم العالي، عبر تطوير نظام لضمان جودة التعليم العالي معترف به عالميًا، يضمن جودة المسار الجامعي للطلاب على مستوى كل مؤسسة.

 3- زيادة التمويل ومراقبة الأداء ذلك فيما يتعلق بإصلاح نموذج/ طريقة تمويل الجامعة اللبنانية وتقديم نموذج لاحق مبني على الأداء، فضلاً عن إنشاء  صندوق خاص استراتيجي لتمويل التعليم العالي ودعمه، من خلال تدابير وإجراءات وخاصة في الأزمات الراهنة.

 4- تطوير نظام متكامل لإدارة المعلومات في التعليم العالي، لدعم مسار مدروس في اتخاذ القرارات.

وثاني الاستراتيجيات كانت تحسين وملاءمة جودة المخرجات، عبر:

 1- وضع هيكليات لضمان إسهام التعليم العالي على توفير مهارات يحتاجها الاقتصاد اللبناني.

 2- تطوير منظمة جامعية متينة قائمة على البحث والتطوير والابتكار على المستويين الوطني والمؤسساتي.

 3- تطوير إطار وطني لبرامج الدكتوراه.

 4 - وضع هيكليات وآليات التحسين المستمر للتعليم، والتعلم، وتطوير المناهج، وتقويمها. وآخرها يصبو لتعزيز التنافسية والمسؤولية الاجتماعية بجعل الشراكة المدنية وخدمة المجتمع متطلبين من جميع مؤسسات التعليم العالي، إضافة لوضع لبنان في موقع ريادي استراتيجي على المستويين الإقليمي والعالمي، في مجال التعليم العالي والبحث، وصولاً لضمان تكافؤ الفرص في الوصول والمشاركة في التعليم العالي، في إطار يؤمن المساواة والتنوع والدمج.

الجامعة اللبنانية
وعلى هامش المناقشات التّي جرت بين الحضور والداعيين كالوزير ورئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران، أشار الأخير في جوابه لإحدى الأستاذات التّي تساءلت عن مصير الجامعة اللبنانية، التّي تعاني من أزمات متفاقمة ويرزح كادرها التعليمي والطلاب تحت أعتى الظروف الاقتصادية والاجتماعية القاهرة، أجاب: "بالفعل نحن نعاني اليوم من واقع مستفحل بالأزمات، ولا نخفي عجزنا عن تداركه من جهة عدم توافر القدرة التشغيلية، والنقص الحادّ في الكادر البشري العامل في قطاع التعليم فضلاً عن الطاقم الإداري، ونحن نتمنى على الجهات المعنية والمنظمات الخارجية التعاون معنا لإيجاد مخرج لهذه الأزمات، عبر الدعم التقني والفني"، وأضاف: "الجامعة اللبنانية تحتضن آلاف الطلاب بوصفها جامعة وطنية تؤمن تعليماً ذا جودة وبصورة شبه مجانية، ونحن كنا قد أطلقنا خطة الجامعة اللبنانية الخمسية بالتوازي مع خطة وزارة التربية والتعليم العالي، لاستصلاح الخلل وطرح الحلول وتغيير الواقع الحالي".

وإن كانت وزارة التربية والتعليم العالي قد حاولت استجداء المزيد من الدعم في هذا المؤتمر كما في سابقاته من المؤتمرات التّي ضمت جهات دولية، فإن تواجد المعنيين بالشأن التعليمي والجامعي منه على وجه التخصيص، الذين حرصوا على إيجاد أرضية مشتركة للنقاش حول المصير التعليمي في لبنان، ومساءلة المعنيين وطرح اقتراحات جذرية في هذا الإطار، قد أسهم في تسليط الضوء على أزمات عدّة لم تؤخذ بالاعتبار بعد. أما اللافت اليوم، فكان الفراغ في الوزارة الناتج عن إضراب الموظفين المستمرين بإضرابهم لتاريخ 27 كانون الثاني، والذي تزامن معه إضراب الأساتذة والمعلمين في التعليم الرسمي.