موسم الهجرة من الشمال مستمر: فيديو لقارب جديد

جنى الدهيبي
السبت   2022/08/06
يتردد أن نحو 100 مهاجر تم إنقاذهم قبالة تركيا

تداول ناشطون في طرابلس عددًا من الفيديوهات لمركب صغير غير آمن على متنه العشرات، بعضهم يصرخون وآخرون يرتدون الستر الواقية، وقالوا أنه مركب هجرة غير نظامية انطلق قبل أيام من قبالة أحد الشواطئ الشمالية.  

وبحسب الروايات المتداولة، فإن هذا القارب على متنه ما لا يقل عن ١٠٠ مهاجر، معظمهم من اللبنانيين وبعض السوريين والفلسطينيين، كما ظهر في الفيديوهات عدد من النساء والأطفال. وفي حين لم تُعرف حتى الآن هوية المهاجرين والعائلات التي ينتمون إليها، تفيد معطيات "المدن" أن معظم هؤلاء من طرابلس ومنطقة المحمرة العكارية، وعدد لا بأس به من فلسطينيي مخيمي البداوي ونهر البارد.  

ووسط غموض يلف ظروف هذه الرحلة ووجهتها، تبلغ أبناء هذه المناطق أن المركب بعد اجتيازه المياه الاقليمية اللبنانية، كاد أن يغرق قبالة شواطئ التركية إلى أن جرى انقاذ ركابه من قبل خفر السواحل إحدى الدول الأوروبية. 
وتُظهر الفيديوهات مناجاة المهاجرين، وردد أحدهم عبارة "شفنا الموت بعيوننا".  

لا معلومات رسمية
أمنيًا، لم تتبلغ قيادة الجيش أي معلومات رسمية حتى الآن حول المركب. ويشير مصدر مطلع لـ"المدن" أن القوات البحرية لم ترصد في الأيام الماضية، مغادرة أي من قوارب الهجرة غير النظامية، مرجحة تمكّن هذا القارب من التسلل من شواطئ العبدة في عكار.

وفيما الدولة بكامل أجهزتها شبه غائبة أو متنكرة لمخاطر هذه الرحلات بأسبابها وتداعياتها، تشهد شواطئ شمال لبنان منذ أشهر حركة هجرة غير نظامية واسعة النطاق، ويسعى المهربون والمهاجرون للاستفادة من عوامل الطقس. لكن يبدو أن المهربين وكل العاملين ضمن شبكتهم، وفق معلومات "المدن"، تمكنوا من استحداث معابر غير شرعية بحرية بعدد كبير من النقاط على طول شواطئ طرابلس وعكار، بعيدًا من أعين القوات البحرية، وبما يتيح لهم تجاوز أجهزة رصدها وراداراتها. وسبق أن تحول شاطئ العبدة مؤخرًا، إلى أشبه بنقطة استراتيجية للمهاجرين والمهربين، سعيًا منهم للاستفادة من تداخله مع المياه الإقليمية السورية. وبالتالي،  يواجه خفر السواحل اللبنانية مصاعب أمنية ولوجستية في توقيفهم. 

وفي حين يتكبد المهاجرون وطالبي الهجرة غير النظامية من لبنان إلى أوروبا تكاليف باهظة – إذ تناهز تكاليف الرحلة نحو ٧ آلاف دولار على الفرد –تزداد أعداد الراغبين بالهجرة رغم كل المخاطر على حياة المهاجرين برحلات غير آمنة، ويقعون غالبًا ضحية استغلال المهربين.  

وتشير المعلومات أيضًا، إلى أنه لا يمر أسبوع في الشمال، إلا وتنطلق من شواطئه عدد من مراكب الهجرة ليلًا أو في ساعات الفجر الأولى. 

المركب المنسي 

ومن الواضح أن مأساة غرق القارب قبالة شواطئ طرابلس في نيسان الفائت، لم تردع مئات الأسر اللبنانية والسورية والفلسطينية، التي تصر على مواجهة الموت في عرض البحر وتكبد آلاف الدولارات، مقابل الخروج من لبنان بأي ثمن. ويبدو أن قصة ذلك القارب دخلت مهب النسيان، ولم تفِ السلطات بوعودها لجهة اعادة مفقودين كانوا داخل القارب الذي ما زال غارقًا بعمق يتجاوز ٤٠٠ مترًا.  

وللتذكير، لم تسفر التحقيقات لدى المحكمة العسكرية عن أي نتائج لإعلان رواية رسمية عن ظروف غرق ذلك القارب، الذي كان على متنه ما لا يقل عن ٨٥ مهاجرًا، نجا منهم ٤٨ شخصًا، وجرى انتشال ٧ جثث، وما زال ما لا يقل عن ٣٣ فردًا في عداد المفقودين، معظمهم من النساء والأطفال. 

علمًا أنه في منتصف حزيران الفائت، قدم نحو ١١ محاميًا بشكوى قضائية ضد ١٣ عنصرًا بحريًا عسكريًا، كانوا على متن طرادين عسكريين مطاطيين وسفينة خفر سواحل كبيرة قاموا بعملية مطاردة المركب. ولم يتم البت بالدعوى أيضًا، في بلد أضحت العدالة فيه، وفق كثيرين، أشبه بالحلم المستحيل.