مافيات بالضاحية تبيع المسروقات لأصحابها وتسرقهم مجدداً

محمد علوش
الخميس   2022/06/16
سرقوا "الفان" مرة أولى، وثمنه وهاتف صاحبه في المرة الثانية (مصطفى جمال الدين)
لم يكن يعلم أمير، وهو اسم مستعار، أن منطقة المشرفية في الضاحية الجنوبية باتت "ساقطة" أمنياً، حيث تسهل عمليات السرقة فيها. لكنه تعلّم الدرس بطريقة صعبة ومؤلمة بعد أن سُرق له "فان" مزوّد ببراد من أمام محلّه على الطريق العام، في نهاية أيار الماضي.

من الطبيعي في بلد يحترم قانونه، أن يلجأ المواطن إلى القضاء لتقديم الشكوى المطلوبة، التي قد تُتيح له استعادة حقه المسلوب. وهذا ما قرر الرجل فعله، حسب ما يؤكد في حديثه إلى "المدن"، مشيراً إلى أن "النية كانت التوجه إلى القضاء، لكن القضاء في إضراب والقضاة لا يحضرون، والإجراءات مضنية وطويلة، والعدالة في لبنان ماتت منذ زمن".

خسر أمير فانه الذي يستعمله في عمله، ولم يجد الوسيلة القانونية التي تُعيد له ما سُرق. لذلك قرر البحث عن الوسيلة التي قد تُعيد "الفان" قبل أن يتصرف السارق به، إمّا بإخراجه من لبنان إلى سوريا، وهذا ما كان يحصل سابقاً، وإما بتفكيكه وبيعه قطعاً في السوق، وهذا ما يحصل كثيراً في هذه الأيام.

المسروقات لابتزاز أصحابها
لم يفكّر أمير كثيراً بالتداعيات السلبية والخطيرة التي قد تنتج عن محاولته استعادة "الفان"، ويكشف في حديثه أنه بدأ بإجراء اتصالات مع مطّلعين (سارقين ومطلوبين وأفراد عصابات) ليسألهم عن مصير الآلية المسروقة. فهؤلاء يعرفون العصابات واختصاصها. وعندما تُسرق دراجة نارية مثلاً يعرفون أين يبدأ السؤال، وعادة ينجحون بإعادة المسروقات "بالمونة"، خصوصاً إذا كان المسروق "صديقهم"، أو يملك المال ويدفعه لاسترجاع ما سُرق منه. فبيع المسروقات لأصحابها عملية رائجة تُخفف ضغط "تصريف المسروقات" عن السارق، وتُريح المسروق، كما أنها تمنح السارقين فرصة سرقة الغرض نفسه مرة جديدة.

نجحت الاتصالات بمعرفة مكان الفان المسروق، وتمكّن أمير من التواصل مع السارقين الذين أرسلوا إليه صورة "الآلية" ليتأكد أنها تخصّه. وهذا ما كان يجري عندما كانت تُسرق السيارات في المناطق اللبنانية وتتوجه إلى البقاع، ثم يتواصل السارقون مع أصحاب السيارات لبيعها لهم من جديد.

شروط اللقاء.. والسرقة من جديد
تأكد الرجل أن السيارة تعود إليه، واتفق مع السارقين على اللقاء في مكان في منطقة برج البراجنة ليستلم السيارة مقابل مبلغ من المال بالدولار الأميركي، لا يتعدّى 1000 دولار. وكان الشرط أن يحضر لوحده، وهذا ما حصل. يضيف أمير: "بعد أن فقدت الأمل في استعادة السيارة عبر الأطر القانونية والرسمية، وبسبب حاجتي للفان لعملي وعدم قدرتي حالياً على شراء واحد جديد بالمواصفات نفسها، قررت التوجه الى الموعد ومعي المال لإعادة شراء الفان من السارقين".

ولما وصل أمير إلى المكان المحدد، كان خائفاً بطبيعة الحال. فليس صحيحاً أن فكرة "تعرضي للضرب أو القتل أو التشليح لم تكن ترافقني. لكن لا خيارات أخرى، وما توقعته حصل. التقيت بأشخاص ملثمين، رفعوا بوجهي السلاح. وبعد أن تأكدوا من هويتي، سرقوا المال والهاتف وفرّوا. فخسرت "الفان" وخسرت المال والهاتف. تعرضت للسرقة مرتين، وربما كان يُمكن أن أُقتل، فالقتل في لبنان بات سهلاً وغياب سلطة القانون تجعل كل شيء مباحاً"، اختتم قائلًا.