مواجهة أمل وحزب الله في الجنوب: أينكسر حاجز الخوف؟

محمد حجيج
الثلاثاء   2022/04/05
نحو مرحلة سياسية جديدة في الجنوب؟ (Getty)
في الجنوب، وعلى عكس بعض المناطق الأخرى، استطاعت قوى المعارضة أن توحّد لوائحها، إدراكاً منها لصعوبة المواجهة مع ثنائي حركة أمل وحزب الله.

دائرة الجنوب الثالثة
ففي دائرة الجنوب الثالثة (النبطية، بنت جبيل، حاصبيا ومرجعيون) تم الإعلان عن تشكيل لائحة "معاً نحو التغيير"، وهي لائحة موحّدة لكافة قوى المعارضة، تضمّ أحزاباً ومجموعاتٍ متنوّعة، بالإضافة إلى المستقلين، ونواتها الحزب الشيوعي ومجموعة نبض الجنوب وحركة مواطنون ومواطنات في دولة بالإضافة إلى لحقي وعامية 17 تشرين؛ وتشكيل هذه اللائحة لم يكن سهلاً، بل تطلّب جهداً من بعض المغتربين والمستقلين، بالإضافة إلى النضج الذي أظهرته مجموعات المعارضة، من خلال تقديم كلّ منها بعض التنازلات، فخيار الوحدة كان فوق أي اعتبار آخر.

ومن المتوقّع أن تحصل هذه اللائحة على خرق؛ فمع تشكيل باقي المرشحين الذين لم تضمّهم لائحة المعارضة لائحةً غير مكتملة وضعيفة نسبياً، تنحصر المعركة في هذه الدائرة بين قوى النظام والقوى التغييرية. هي معركة في وجه النظام إذاً. فلائحة تحالف حركة أمل وحزب الله والاشتراكي عبّرت عن النظام تماماً، فهي تضم أدواته الميلشياوية والطائفية، بالإضافة إلى مرشّح المصارف مروان خير الدين، الذي بترشيحه يعبّر تماماً عن تحالف المافيا والميليشيا والمصارف.

دائرة الجنوب الثانية
في دائرة الجنوب الثانية (صور-الزهراني) وحّدّت المعارضة صفوفها أيضاً من خلال لائحة "معاً للتغيير"، والتي تضمّ تحالف الأندية العلمانية في الجنوب والحزب الشيوعي وحركة مواطنون ومواطنات في دولة، بالإضافة إلى مجموعات وأحزاب أخرى ومستقلين. ولكن في هذه الدائرة تتضاعف صعوبة المنافسة، فتواجه هذه اللائحة تحالف حزب الله وحركة أمل من جهة، ولائحة معارضي حركة أمل (فقط) والموالية لحزب الله والتيار الوطني الحرّ من جهة أخرى. فاللائحة التي تضم بشرى الخليل ورياض الأسعد وحسن خليل حصرت معركتها في وجه حركة أمل وفسادها، وتناست أنها تضمّ أحد المتهمين بملفات الفساد، فعن أيّ معارضة تعبّر هذه اللائحة؟ هي معارضة انتقائية ولزوم ما لا يلزم، وكان الأجدر بها أن تكون ضمن لائحة حزب الله حيث مكانها الطبيعي.

أما بالنسبة للائحة المعارضة التي تضمّ المرشّح علي خليفة عن الأندية العلمانية ورؤى الفارس عن "ممفد" وأيمن مروة عن الحزب الشيوعي وغيرهم، فهي تدرك صعوبة الخرق، ومع ذلك تعلن المواجهة. والجدير بالذكر أن في هذه الدائرة أُطلقت حملة "الجنوب يواجه" وهي حملة انتخابية شعبية تهدف إلى مواكبة الانتخابات دعماً للائحة المعارضة والمرشّح علي خليفة، ومن المرجّح أن توسّع هذه الحملة نطاقها بعد الإعلان عن اللوائح كافة لتشمل كل دوائر الجنوب.

معركة الجنوب وأهمّيتها
هذه اللوائح وعلى الرغم من بعض الشوائب التي تسودها، تؤكّد على وجود شريحة من أهالي الجنوب الرافضين لحكم حزب الله وحركة أمل، لا بل تؤكّد هذه اللوائح أن الجنوب جزء من مشهد التغيير في لبنان، مهما حاول ثنائي حزب الله وحركة أمل عزله وتعليبه ضمن نطاق طائفي وفئوي.

ولا تكمن أهمّية المعركة الانتخابية في الجنوب اليوم في احتمال الخرق أو عدمه، بل في تأسيسها لمرحلة سياسية جديدة في الجنوب، مرحلة ما بعد كسر حاجز الخوف، مرحلة التجرّؤ على المواجهة والتغيير، مرحلة مواجهة حزب الله في مناطق نفوذه وسطوته ومواجهة النظام من داخل سجنه عبر مواجهة حاميه الأوّل.

والأهمّ من ذلك أن تُظهر المعارضة في الجنوب أن خصم حزب الله الحقيقي وأكثر من يشكّل خطراً عليه ليس سمير جعجع والقوات اللبنانية، وخصم حزب الله ليس 14 آذار جدد ولا المعارضة "الممانعجية" التي تحصر المواجهة مع "الفساد" فقط. بل إن خصم حزب الله هو قطب علماني ديموقراطي حرّ يواجه ثقافة الموت والاستبداد، يواجه ثقافة التخوين، يواجه ثقافة ابتزاز الناس بحقوقها على حساب "أولويات المشروع الاقليمي"، ويواجه كل ما يمثّله حزب الله وكل من يحميهم حزب الله من قوى طائفية ومصرفية.

ختاماً، معركة الجنوب اليوم، هي معركة أهالي الجنوب في وجه من قمع ثورتهم وتحدّاهم وخوّنهم؛ هي معركة المودعين في وجه مصرفيي النظام، ومعركة الطبقات الأكثر فقراً والطبقات المسحوقة في وجه مهندّسي الانهيار الاقتصادي، ومعركة من فُجّرت عاصمتهم في وجه الهاربين من العدالة ومعرقلي التحقيق. هي معركة الطبقات الشعبية في وجه الطبقة الحاكمة واستبدادها، هي معركة الحريّات في وجه الهيمنة العسكرية والأمنية.