80 ألف ناخب معوّق: لسنا أكياس بطاطا يوم الاقتراع

فرح منصور
الجمعة   2022/04/29
يعاني الناخب المعوق حركياً من الإحراج والذل خلال الانتخابات النيابية (الأرشيف، فادي ابو غليوم)

يبلغ عدد الأشخاص المعوقين في لبنان الذين لهم حق المشاركة في الاقتراع حوالى 80 ألف شخص. إلا أنه في العام 2018 بلغ عدد المقترعين منهم 4000 شخص فقط. وذلك بسبب الإذلال والإهانة التي يتعرضون لها في مراكز التصويت. إذ يتم رفعهم وحملهم للوصول إلى الطوابق العليا بسبب عدم تجهيز غرف اقتراع خاصة لهم في الطوابق الأرضية. في هذا الإطار، ومع اقتراب موعد الانتخابات اللبنانية، "نفذ الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً" اعتصاماً في ساحة رياض الصلح، أمام السرايا الحكومية، تحت عنوان "نحو عملية اقتراع دامجة تحترم التنوع". مطالبين بحلولٍ لحفظ كراماتهم وايقاف إذلالهم خلال الانتخابات اللبنانية، وبتطبيق كل القوانين والمراسيم التي وضعت لضمان حقوقهم منذ عام 2000، ولم تطبق حتى اليوم. 

"من الأرضي بيوصل صوتي"   
أمام السرايا الحكومي، شكل المشاركون حلقة نصف دائرية، ووصل عددهم إلى نحو 200 مشارك، فحملوا العلم اللبناني وعلم الاتحاد ورددوا شعاراتهم بصوتٍ عالٍ: "نحنا مش كيس بطاطا لتحملونا حتى ننتخب"، "من الأرضي بيوصل صوتي"، "احترموا حاجات كل الإعاقات" وغيرها الكثير. وجاءت هذه الشعارات بعد سلسلة من مشاهد الإذلال والأذية الناتجة عن احتقار إنسانية الشخص المعوق وتعريض كرامته للإهانة في كل انتخابات عامة، بسبب رفعهم من قبل رجال الأمن وغيرهم من طابق إلى آخر للمشاركة في التصويت.

ما هي مطالبهم؟   
تشير رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين، سيلفانا اللقيس، في حديثها لـ"المدن"، إلى ضرورة انتهاء مهزلة إذلال الناخبين المعوقين على الأدراج كما حصل في السابق. لذا يطالبون كلّ من وزارتي الداخلية والتربية تنفيذ 3 مطالب أساسية في 15 أيار الشهر المقبل. المطلب الأول الأساسي تجهيز الغرف الأرضية الموجودة في المدارس الرسمية كأقلام اقتراع، والمطلب الثاني تشغيل المصاعد الكهربائية المتوفرة في بعض المدارس وتزويدها بمادة المازوت ليتمكن الأشخاص المعوقين من استعمالها. أما المطلب الأخير فهو استحداث أقلام اقتراع في ملاعب وباحات المدارس الرسمية في حال عدم توفر غرف أرضية فيها.

إهانة وذل
وتؤكد اللقيس بأن الناخبين المعوقين يعانون من الإحراج والذل خلال الانتخابات النيابية، وذلك بسبب عدم احترام معايير التنوع وانعدام الحرية في اختيار المرشح بإستقلالية، وإن هذا الإحراج أدى بهم إلى التخلي عن حقهم في الاقتراع والتزامهم منازلهم خلال فترة الانتخابات. ففي عام 2018 وبسبب عدم تجهيز أي غرف استثنائية لهم، عزف أكثر من 76 ألف ناخب معوق عن التصويت. لذا، نشدد على الجهات المختصة تنفيذ مطالبنا هذا العام وضمان حقوقنا كما نصت كل القوانين والمراسيم منذ عام 2000.

اللجوء للوزارات
ومن خلال متابعة تنفيذ مطالبهم، يؤكد الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين بأنه زوّد وزارة الداخلية بداتا محدثة تُبيّن 40% من المراكز الانتخابية التي تحتوي على غرف في الطبقات الأرضية تصلح بأن تكون أقلام اقتراع، وذلك لتسهيل عملية الاقتراع باستقلالية وكرامة. وطالبوا وزارة التربية التعاون معهم ليعطوها أسماء المدارس الرسمية التي تضم مصاعد كهربائية لاستعمالها يوم الانتخابات. أما وزارة الشؤون الاجتماعية، فقد طالبوها بتزويدهم بأسماء الناخبين المعوقين، لوضعهم ضمن لوائح الأولوية في مراكز الاقتراع، ما يؤدي إلى رفع نسبة تصويت الناخبين المعوقين هذا العام.

وعود الوزارات 
مصادر "المدن" تؤكد بأن وزارة الداخلية ستتجاوب مع مطالب الأشخاص المعوقين، وستعمل كل ما يلزم لتسهيل عملية اقتراعهم بكرامة، وستسعى إلى نقل صناديق الاقتراع إلى الطوابق الأرضية لئلا يحتاجوا إلى مساعدة غيرهم للوصول إلى الطوابق العليا.

أما فيما خص المصاعد الكهربائية، فلم يظهر أي تجاوب حتى الساعة. ويشدد الاتحاد على ضرورة تجهيزها خلال الانتخابات وعدم تخصيص استعمالها للشخصيات المهمة، بل السماح للناخبين المعوقين استعمالها لتخفيف الجهد الجسدي والتعب النفسي عنهم.

ورغم طلبهم من وزارة الشؤون الاجتماعية التعاون معهم، إلا أن الأخيرة رفضت تزويدهم بأسماء الناخبين المعوقين، على اعتبار أن هذه المعلومات شخصية ولا يمكن مشاركتها لأي سبب كان. وبعد اجتماعهم مع وزير التربية، طلب منهم تزويده بأسماء المدارس التي تضم مصاعد كهربائية وغرف أرضية، ووعدهم بمتابعة  المدارس وتجهيز الغرف الأرضية بطريقة مريحة للناخبين المعوقين، ومحاولة تجهيز الملاعب والباحات الأرضية بصناديق اقتراع.

ومن خلال متابعة الاتحاد تبين بأن حوالى 1700 مركز موزعين في لبنان، 29 مركزاً فقط يضم مصاعد كهربائية جاهزة، ويتصلون يومياً بالمراكز وبالقائمقامين طالبين منهم تزويدهم بالمعلومات للتعاون مع الوزارات المعنية لتنفيذ مطالبهم، بيد أن بعض المراكز ترفض التعاون معهم، إلا بعد الحصول على قرار رسمي من وزير التربية لفتح غرفها الأرضية وتنفيذ باقي المطالب.

استجابة جزئية تكفي
يعلم الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً أن الغرف الأرضية الموجودة في بعض المراكز لن تكفي لـ80 ألف ناخب معوق خلال فترة الانتخابات، إلا أنه يشدد على رفع صوته يومياً لتحقيق جزء صغير من حقوقهم التي لم تطبق منذ 22 عاماً. فيما تؤكد اللقيس بأن وعود الوزارات كثيرة، وعلى الرغم من تأكيد تجاوبهم معنا، وحدها الانتخابات ستحدد مصداقية كلامهم عبر تنفيذ هذه المطالب أو تجاهلها كما يحصل كل مرة.