"عيد المعلم": لا تمثيل نقابياً للمعلمات.. وغبن مضاعف

نعمه نعمه
الأربعاء   2022/03/09
غالبية المعلمات لا تعرفن حقوقهن (المدن)
يصادف التاسع من آذار عيد المعلّم الذي سبقه يوم المرأة العالمي، ولا بد من الوقوف على أوضاع المعلمات في التعليم الخاص في هاتين المناسبتين. فمن الضروري التذكير أن قطاع التعليم في الرسمي والخاص قائم على النساء، حيث تشكلن نحو 80% من الهيئة التعليمية في المدارس كافة. وهناك نحو 91.280 ألف معلم/ة (51.8 ألفاً في الخاص و39.5 ألفاً في الرسمي) منهم 73 ألفاً من النساء (41 ألف معلمة في الخاص و32 ألف معلمة في الرسمي) من مجموع المعلمين والمعلمات في التعليم ما قبل الجامعي، حسب النشرة الإحصائية للمركز التربوي للعام 2020-2021.  

سنتناول في هذا العرض بشكل أساسي وضع المعلمات في الخاص، حيث القطاع الرسمي في الغالب خاضع للقوانين والتشريعات وحقوق النساء فيه تخضع لتلك المعايير، بينما التلاعب بحقوق المعلمات ممكن ووارد في القطاع الخاص. كما سيرد في هذا العرض بعض السلوكيات التي تعتمدها العديد من المدارس الخاصة تجاه المعلمات لجني أرباح إضافية من كونهن نساء، وأشكال الغبن التي تطال أعدادًا كبيرة منهن.

لا تمثيل نقابياً للسيدات في نقابتهن
من المؤسف أن نقابة المعلمين في لبنان تضم سيدة واحدة في مجلس إدارتها المكون من 12 عضواً، السيدة مايا أنطوان مطر، مسؤولة اللجنة الإعلامية في النقابة، التي لم نرها تقرأ بياناً أو تصريحاً، أو حاضرة في اجتماع مع الوزير أو غيره. مشاركتها شكلية في النقابة، وليست في موقع أساسي كالأمانة العامة أو غيره. ويعود ذلك إلى الهيمنة الذكورية-الحزبية التي تتشكّل منها النقابة، حيث تدعم الأحزاب الذكور للوصول إلى مراكز القرار النقابي، حتى لو كان كل الأعضاء من الإناث! والملفت أن عدد المنتسبين إلى نقابة المعلمين نحو 14 ألف منتسب من أصل أكثر من 51.8 ألف معلمة ومعلم.

الغبن في عقود المعلمات
انتزعت النساء بجدارة مشاركتهن في التعليم وأثبتن قدرات ومهارات تفوق الذكور في تحمّل المسؤولية التربوية والتعليم والإدارة، مقابل سلوك فوقي من أصحاب المؤسسات التربوية، وتمييز متداخل مع ثغرات القوانين التي لا تحمي الضعفاء منهن. لا تزال بالنسبة للعديد من العائلات الحاجة والقنوع هي المعيار لمشاركة المرأة في التعليم. فقسم منهن يعمل لتأمين تعليم مجاني لأولادهن، فيقبلن أي نوع من العقود وتخضعن للإبتزاز مكرهات. ونلاحظ التمييز في سلوك العديد من المدارس ورغبتها في توظيف العازبات أكثر من المتزوجات (31% من المعلمات عازبات أي 16.3 ألف معلم/ة و6.7 ألف متزوج/ة بلا أولاد)، ناهيك عن وضع شروط على المتزوجة بسؤالها إذا كانت "حامل أو تنوي الإنجاب" وإلزامها بتوقيع تنازل عن راتبها خلال إجازة الولادة لصالح المعلمة البديلة. أما زوجة الموظف في القطاع العام أو المؤسسات العامة والخاصة، فتتفادى الإدارة تسجيلها في الضمان وصندوق التعويضات لتحفظ لها تقديمات زوجها الاجتماعية، فتسجل الأولاد في المدرسة مجانًا حسب القانون، ولكنها بالمقابل تتقاضى المدرسة المنحة المدرسية المخصصة للزوج من الجهات الضامنة. بهذه العملية تخسر الزوجة استقلاليتها وتصبح تابعة للزوج وتفقد اشتراكها في صندوق التعويضات وتربح المدرسة المنحة المدرسية. وقد سجلنا في بعض المدارس الخاصة العريقة مخالفات كبرى حين يتم تسجيل عاملة نظافة في صندوق التعويضات وإلزامها على توقيع تنازل أو تفويض لمحامي المدرسة لقبض تعويضاتها عند نهاية الخدمة، ولكنها لا تحصل عليها. كما يجري توظيف من هنّ من غير حملة الشهادات التعليمية مستندين على مؤهلات متوسطة وحتى متدنية، وإلزامهن بقبول عقود مجحفة جدًا. كما يرد في النشرة الإحصائية نحو 18% من معلمي ومعلمات الخاص أي 13000 معلم/ة لديهم مستوى تعليمي يساوي أو دون البكالوريا العامة، غالبيتهم العظمى من النساء، منهم 550 معلماً/ة لا يحمل أي شهادة. عند قراءة الأرقام نفهم لما ترتضي هذه النساء العقود المجحفة، فلا يتجاوز راتبهن 640 ألف ليرة حتى العام 2017. وهو أقل من الحد الأدنى للأجور.

الحماية القانونية والاجتماعية
نجد بين الأرقام الواردة في النشرة الإحصائية الكثير من المخالفات التي تحاول النشرة عدم سردها كاملة. فالجداول التي تشير إلى عدد المعلمين في الخاص من حملة الشهادات التعليمية غير منشورة. بل يجب احتسابها من الجداول العامة وطرحها من جداول القطاع الرسمي لتظهر لنا النسب والأرقام المخفية عن حقائق التعليم الخاص. لكن الأهم أن الحماية القانونية والاجتماعية غير متوفرة، خاصة للنساء العاملات في قطاع التعليم. فهن يعانين من التمييز والاستغلال والغبن من نقابتهن من جهة أولى، إذ أن التمثيل النسائي غير متوازن، ومن الوزارة والتشريعات وتطبيق القوانين من جهة أخرى. وغالبية المعلمات لا تعرفن حقوقهن ولا أهمية الحماية الاجتماعية التي يوفرها الانتساب للنقابة والعمل النقابي الصحيح، لحماية حقهن وانتسابهن إلى صندوق التعويضات. وهن يعتقدن أنهن مستفيدات من الفوضى والتلاعب على القوانين، بينما في الواقع هن مظلومات وغير محميات اجتماعيًا أو قانونيًا. وهذا ما يحدث مع العديد منهن، حين يتم صرفهن من التعليم ويكتشفن حينها أنهن غير مسجلات في صندوق التعويضات، فيذهب تعويضهن إحتيالاً إلى إدارات أو مؤسسات فاسدة.