نصف انتصار للجان الأهل بتجميد قانون موازنات المدارس

نعمه نعمه
الثلاثاء   2022/02/22
طلبت النائبة بهية الحريري سحب القانون قبل التصويت عليه (المدن)
في الجلسة التشريعية البرلمانية، يوم الاثنين 21 شباط، طلب وزير التربية عباس اللحلبي والنائبة بهية الحريري عدم التصويت على البند السادس من جدول الجلسة التشريعية القاضية بتجميد العمل في المادة 2 من القانون 515/96، وسحبه لإعادة درسه وتقديم مشروع قانون بديل خلال مهلة أسبوعين، ليراعي مصالح الأهل واستجابة لطلب وإصرار اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة. وهم كانوا قدّموا مشروع قانون تجري دراسته في اللجان. 

المادة 2 من القانون 515/96 هي الناظم للموازنات المدرسية في المدارس الخاصة، والتي تحدّد النسب القصوى للنفقات التشغيلية (35 في المئة)، والنسب الأدنى للأجور والرواتب وملحقاتها (65 في المئة)، مع تحديد أبواب النفقات والإيرادات وتوزيعها على مجموع التلاميذ لتشكّل القسط المدرسي.

اعتراض لجان الأهل
وكانت المدارس الخاصة طلبت تجميد العمل بهذه المادة، واستجابت لها لجنة التربية النيابية، واقترحت تجميد المادة 2 من القانون 515/96 لعام واحد، مع تسجيل اعتراض واسع من الأهالي واتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور، واعتراض بعض النواب. فلم يحظ بتوافق لجنة التربية النيابية، وتم تحويله إلى اللجان المشتركة، وأدرج ضمن بنود الجلسة التشريعية المذكورة (البند السادس). اعترضت اتحاد لجان الأهل في اللقاء التشاوري التربوي في القصر الحكومي في 16 شباط، حين وعدت السيدة بهية الحريري بسحب الاقتراح من جدول المجلس التشريعي، لإعادة صوغه وفقًا لاقتراح اتحاد لجان الأهل، وتعديل النسب بين النفقات التشغيلية والرواتب والأجور، واعتماد موازنات تقشفية، وليس تجميد المادة 2 كلها. لأن تجميدها بالصيغة المقترحة يجعل الموازنة المدرسية بلا ضوابط، ويمكن تضمينها بنودًا لا صلة لها بالعملية التعيلمية، أو مبالغ بها بلا سقوف، مما يعطي الغطاء القانوني للمدارس برفع الأقساط كما يحلو لها.

الزيادة وبدلات النقل
الدراسة المالية التي قدمها اتحاد لجان الأهل تبيّن أن 85 في المئة من بنود الموازنة المدرسية لا تتأثر بانخفاض سعر صرف الدولار. ولتبيان الوقائع المالية التي تستدعي رفع الأقساط وحجم الزيادات، نختار مدرسة من دليل المدارس عدد تلامذتها نحو 3000 تلميذ، وعدد معلمي الملاك والتعاقد فيها نحو 200 (115 ملاك، 85 تعاقد)، وموظفوها وأجراؤها عددهم 20 (8 ملاك و12 تعاقد). ولإحتساب مجموع الزيادات نقوم بالعملية الحسابية المرتبطة بعدد الأجراء وعدد أيام العمل أو التدريس.

ومتوسط الزيادة التي يطالب بها المعلمون هي مليوني ليرة، وسنعتبر أن كل المعلمين متساوين وكل الأجراء كذلك، وسيحصلون على مليوني ليرة لكل منهم، المتعاقد والملاك. سيكون مجموع الزيادة الشهرية لنحو 220 معلماً وأجيراً (منهم 100 متعاقد)، نحو 440 مليون ليرة شهرياً للمدة المتبقية من العام الدراسي، والزيادة السنوية لستة أشهر ستكون 2.650 مليار ليرة، وبقسمتها على عدد التلاميذ نحصل على زيادة 880 ألف ليرة.

أما بخصوص الدرجات وتنفيذ الجدول 17 من القانون 46/2017 لسلسلة الرتب والرواتب، فإن المدارس ستستفيد من قانون 500 مليار مساعدات لتغطية متأخرات المدارس من رواتب وأجور وصندوق التعويضات للمدارس الخاصة، حتى لو كانت قد تقاضت المدرسة الدرجات وصححت الأجور من الأهل في وقت سابق.

ولاحتساب بدلات النقل حسب أيام الحضور، وهي 20 أسبوع تدريس (ما يقارب 100 يوم عمل، 18 أسبوعاً للسنة الدراسية، وأسبوعين تحضير، 5 أيام في الأسبوع)، وقيمتها 65 ألف ليرة، منها 8 آلاف محتسبة ضمن القسط قبل صدور تعديل مرسوم بدل النقل، ويبقى 57 ألف ليرة زيادة لكل يوم عمل. يصبح مجموع زيادات بدلات النقل في الموازنة 1.254 مليار ليرة، وتأثيرها على القسط 418 ألف ليرة فقط لكل تلميذ.

ولاحتساب استهلاك المازوت للمولدات، سنعتبر أن لدى المدرسة مولداً كبيراً يستهلك 40 ليتر مازوت في الساعة، ويتم تشغيل المولد 6 ساعات كل يوم عمل، وكلفة المازوت 20 دولارًا لكل صفيحة، فتحتاج المدرسة 240 دولاراً يومياً للتشغيل. ومع احتساب أيام العمل والتدريس 100 يوم، تبلغ كلفة الماوزت 24 ألف دولار لكل السنة المدرسية، أي ما يقارب 480 مليون ليرة. وبتوزيعها على أقساط 3000 تلميذ نحصل على 160 ألف ليرة زيادة على كل تلميذ. ويمكن إضافة قيمة التدفئة أو الصيانة، حيث يمكن رفع المبلغ إلى 200 ألف ليرة على كل تلميذ.

الزيادة المتوقعة والعادلة
واستنادًا لما سبق، تكون الزيادة المتوقعة بحدّها الأقصى لا تتعدى 1.5 مليون ليرة لكل تلميذ، وهي الزيادات التي حصّلتها مدارس عدة بداية العام الدراسي، من دون سياسة تقشف. وحسب توصية اتحاد لجان الأهل باعتماد موازنة تقشفية لهذا العام، وتقليص بعض بنودها غير المرتبطة مباشرة بالعملية التعليمية أو الأجور والرواتب، مثل مساعدة التلامذة المحتاجين التي تصل إلى مليار ليرة، هناك ما يقارب 400 ألف ليرة إضافية يدفعها كل تلميذ. والاستهلاكات والتجديد والتطوير التي تتجاوز مليار ليرة، لتعويض صاحب الرخصة الذي يتعدّى مليار ليرة أيضاً وغيرها. ويمكن ببساطة وقف أي زيادة على الأقساط لهذا العام، واعتماد موازنة تقشفية تضمن استمرارية التعلم والمدرسة والمعلمين، وتوزيع عادل للخسائر على الجميع.

للتذكير أن المدارس الخاصة مرخصة بموجب قانون خاص، وهي مؤسسات غير ربحية وتقع مسؤولية مراقبة موازناتها على مصلحة التعليم الخاص ولجان الأهل المنتخبة في المدارس. والحري بمجلس النواب تعديل القانون، مراعاة لمصلحة التعليم واستمراريته في لبنان، وإقرار قانون يلزم المدارس بتقديم موازنات تقشفية وتوزيع الخسائر بشكل عادل على مكونات المدرسة وليس على الأهل فقط.

وفيما يبدو أن الدول المانحة تشترط على الوزارة التشارك مع المجتمع الأهلي في القرارات لتأمين التمويل، شكّل ذلك ضغطًا على لجنة التربية النيابية التي اقترحت مشروع تجميد المادة 2، وأفضت إلى سحبه، كونه لم يأخذ برأي لجان الأهل، بل تجاوزهم ولمصلحة المدارس. فتوجيهات اليونسكو الداعية إلى تثبيت "التعليم كمنفعة عامة مشتركة" بدأت تتحقق فيما يبدو، وللموضوع تتمة.