تظاهرة احتجاجية لسكان الجميزة ومار مخايل: "عيرونا راحتنا"

بتول يزبك
الجمعة   2022/12/02
يشكو أهالي المنطقة من الموسيقى الصاخبة والفوضى والتفلت (بتول يزبك)

"عيرونا راحتنا" ، تحت هذا الشعار انطلقت مساء اليوم الجمعة 2 كانون الثاني مسيرة لأهل وسكان مار مخايل والجميزة، وقد تداعوا منذ عشية الإثنين الماضي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي . انطلقوا عند حوالي الساعة الثامنة والنصف من أمام مقهى ومطعم "دار بيروت" وصولاً إلى شارع مار مخايل درج الفوندوم/ جعارة، بُعيد اجتماع موسع عقدته لجنة سكّان منطقة "مار مخايل – الجميزة " مع عدد من أهالي المنطقة، عُرضت فيه كافة محاولة اللجنة لمراجعة المسؤولين والمعنيين ومطالبتهم بوضع حدّ للتعديات والمخالفات التّي يرتكبها بعض أصحاب الحانات لجهة التلوث السمعي والفوضى والاحتشاد وغيرها. وخَلُص الاجتماع لقرار اللجنة والأهالي بالانتقال من الحلول السّلمية كالحوار مع المسؤولين وأصحاب المصالح السّياحية للاحتجاج على هذا الواقع وردع المخالفين بالأسلوب الذي رآه الأهالي مناسبًا.

عودة الحياة
حوالي 2096 مقهى وملهى ومطعماً في بيروت دمرت جزئيًا أو كليًا، لحظة انفجار 4 آب، وما يتجاوز 200 منها دمرت كليًا في كل من الجميزة ومار مخايل. واليوم وبعد سنتين على النكبة، تعود حياة الليل والسهر وقطاع الخدمات تدريجيًا، بجهود القطاع الخاص والمساعدات والمنح التي تدفقت في السنتين الماضيتين لإعمار ما تهدم، في غياب شبه تام للدولة التّي لم تكلف نفسها عبء التعويض، ولو المادي، أو تقديم حوافز أو استثناءات. بل راكمت عجزها وفسادها فوضعت الناس في مواجهة بعضهم عوض تنظيم الأمور.

تفانى أصحاب المؤسسات في إعادة افتتاح محالهم بأفضل صورة ونجحوا في إفادة موسم السّياحة الصيفي الماضي والغستفادة منه. تدفق آلاف السّياح الأجانب ومن مختلف الجنسيات إلى الشارعين ومتفرعاتهما، وتنتشر طاولات المطاعم والمقاهي والحانات على الأرصفة العمومية ويكتظ الطريق بالعابرين والزبائن والسيارات.

وبالرغم من الفرق الشاسع بين مشهد السّاعة الأولى التّي تلت الانفجار، والمشهد اليوم، واضمحلال آثار الدمار أمام بهرجة الإعمار والترميم وافتتاح الحانات. وترميم وتجديد البيوت والقصور والكنائس التراثية (الفرنسية والعثمانية) التّي دمرها التفجير، فإن السّكان، المنهمكين أصلاً بأعباء معيشتهم وترميم التصدع الذي ألم بذاكرتهم الجماعية، يضطرون اليوم، قسراً، إلى هجر منازلهم التّي أعادوا ترميمها. فإعادة الإعمار أتت مصحوبة بتحولات جذرية في منطقتهم، فتحولت من ساحة دمار إلى ملهى ليلي ضخم بحسب ما يصفونه.

شكوى السّكان
يشتكي السكان من الضجة والجلبة التّي تسببها الحانات الليلية في المنطقة والتّي لا تخفض صوت الموسيقى حتى بواكير الصباح الأولى، ناهيك عن التعديات على الرصيف وتراكم حاويات النفايات وانتشار الفوضى وانعدام الرقابة الأمنية. إذ يقول الأهالي والسّكان أنهم يحتاجون أحيانًا إلى حبوب منومة ليتمكنوا من النوم في بيوتهم التي تهتز على وقع الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية.

أما في نهاية الأسبوع فيعيش الشارعان بسكانهما أفظع أشكال الضجيج والفوضى، فتتضاعف أصوات الموسيقى المنبعثة من المرابع الليلية. وتزدحم السيارات في صفوف طويلة مصحوبة بالزمامير والموسيقى. في الأزقة التّي هي أحياء سكنية بالأساس.

 تشرح إميلي نصار رئيسة لجنة سكّان "الجميزة ومار مخايل"، ومعها مسؤولة العلاقات الإعلامية في اللجنة في حديثهما مع "المدن" أن "هذه الأزمة لسيت جديدة. فالمسيرة اليوم التّي حملت شعار "عيرونا راحتنا"، هي تجسيد فعليّ لما نعيشه يوميًا ومنذ عشر سنوات بسبب كثافة المطاعم والحانات في المنطقة. نريد تطبيق القانون الذي ينصّ على منع إقامة حانات وملاه ليلية في الأماكن السكنية. وإن كنا قبلنا سابقًا على مضض افتتاحها لإنعاش المنطقة فنحن لم نقبل أن يحصل هذا التفلت من دون مراعاة لأي منطق أو قانون الذي حدد بدوره إلزامية إقامة الحانات بصورة منظمة ومرخصة تفصل بين الحانة والأخرى ، أقله، خمسون متراً. ثانيًا، على الحانات الالتزام بخفض صوت الموسيقى المنبعثة منها بشكل يمنع تسربها إلى الخارج أو المباني السكنية المجاورة بوتيرة تبلغ كحد أقصى 55 ديسبل. ثالثًا، من غير المنطقي أبدًا أن يُقام في المناطق السكنية حانات وملاهِ على السطوح،  ناهيك عن أزمة "الفاليه باركينغ" التّي احتلت الأحياء بصورة عشوائية برغم تعهد المعنين وأصحابها بإزالتها. ونشدد على كون الأرصفة التّي تتعدى عليها بعض المطاعم والحانات هي حق لنا للتنقل بسلامة، إذ أنه وللأسف غالبية الأرصفة محتلة بطاولات وكراس تعود للمقاهي على طول خط الجميزة – مار مخايل. وبالرغم من محاولات المعنيين إحصاء هذه التعديات نهارًا فإنهم يجدونها نظامية ومتقنة الترتيب بحيث يمكن للعابر المرور من على الرصيف، أما ليلاً فالوضع مختلف إذ تصبح الأرصفة مشغولة بصورة كاملة من قبل هذه المطاعم بصورة تجبر العابرين على المشي في الشارع العام لا على الرصيف المخصص للمشي أساسًا."

وتضيف:"  نحن السكّان ندفع أجور استخدام الرصيف للبلدية، وعندما تستثمر البلدية بهذه الأرصفة وتبيح لأصحاب المطاعم أن يشغلوها فهذا احتيال منظم بحدّ ذاته. يضاف إلى ذلك  الفوضى التّي وعدت الدولة بتقييدها عبر فرض إقفال هذه الحانات ليلاً عند الساعة 12 في منتصف الأسبوع والـ 12 ونصف في آخر الأسبوع، وطبعاً لم يطبق". وتسال" من يراقب ويمنع التسيب الأخلاقي الذي ندفع فاتورته نحن، فنجد أدوات جنسية وإبر للمخدرات يتركها رواد المقاهي وراءهم عند مداخل عماراتنا السكنية. من يكبح الخلافات التّي تحدث بين هؤلاء الرواد وما ينتج عنها من أصوات عالية وتفلت أمني ؟ وصلنا إلى طريق مسدود، بذريعة المواسم السّياحية، والسّؤال متى يكون موسم راحتنا؟ نحن نعاني الأمرين وهذا جزء بسيط من مطالبنا، ونحن قانونًا نملك لائحة كبيرة من المواد التّي تثبت أحقية هذه المطالب. نمشي اليوم في مسيرة سلمية وهذا لا يعني أننا استسلمنا لهذا الواقع، حاولنا الحوار مع المسؤولين ولم نصل لنتيجة فعلية فربما التصعيد قد يوصلنا لهذه النتيجة المرجوة. هذه ليست مواجهة مع أصحاب المطاعم وموظفيها والمؤجرين، بل هي مواجهة مع القانون".

شدد الأهالي في مسيرتهم، التي ترافقت مع انتشار للجيش اللبناني، على مطالبهم بحضور عدد من نواب المنطقة الذين عبروا عن تأييدهم لهذه المطالب. وأكدوا أن الأهالي لهم الحق في الراحة وتطبيق النظام العام في أحيائهم، وهم يطالبون بالحدّ الأدنى منهما.