وحدة الشعوب تفتتح المونديال التاريخي

سعيد غبريس
الإثنين   2022/11/21
مونديال قطر جمع الإبهار والتقنيات تحت خيمة الإنسانية

المكتوب يُقرأ من عنوانه والمونديال العربي، الذي انطلق من قطر، يُقرأ من حفل الإفتتاح، الذي أرادته الدولة أن يكون مبهراً ولائقاً بمونديال سُمّي بالإستثنائي قبل أن يبدأ. ولم يكن "الفيفا" مبالغاً حين قال بلسان أمينه العام فاطمة سامورا، وقبل الحفل، أنه الأكثر إبهاراً على الإطلاق، بل أنه أجمل حفل إفتتاح على وجه الأرض.

التقنيات الحديثة مع التراث والإصالة
الإبداع القطري في المونديال الذي يحمل الرقم 22 في العام الذي ينتهي بالرقم 22، بدأ من حفل الإفتتاح الذي تبارى خلاله الشكل والمضمون، فاللوحات الفنية والعروض البصرية والسمعية التي مزجت التقنيات الحديثة مع التراث والأصالة، تناغمت مع الرسالة التي تدعو إلى الحوار حول التنوع والشمولية والتقارب بين كل البشر، وبتعبير آخر الحوار بين الشرق والغرب، الذي جسّده النجم مورغان فريمان مع شاب قطري..

حفل الإفتتاح الذي احتضنه استاد البيت المونديالي ثاني أكبر الملاعب الثمانية المستحدثة في مدينة الخور على بعد 35 كيلومتراً شمال وسط العاصمة الدوحة، أطلق رسالة إنسانية عنوانها أهمية كرة القدم في توحيد الشعوب، فوحدة الشعوب افتتحت صفحات المونديال التاريخي، فكرة القدم تسمح أن نجتمع كقبيلة واحدة والكرة الأرضية هي الخيمة التي نعيش فيها كلنا. ومن هنا فكرة شكل استاد البيت الذي يجسِد خيمة ومستوحى من بيت الشعر الذي يسكنه أهل البادية.

قميص الطفولة مفاجأة سارة للأمير الوالد
لمحة إنسانية تمثلت ببادرة لافتة من الأمير تميم بن حمد تجاه الأمير الوالد حمد بن خليفة الذي شقّ طريقه إلى المقصورة محيياً الجماهير ثمّ معانقاً الرؤساء والملوك العرب الضيوف وباقي ممثلي الدول المشاركة، ولدى جلوسه تقدّم الأمير تميم حاملاً قميصاً رياضياً وطلب من الوالد التوقيع عليه، ليتبيّن، ومن خلال عرض فيديو عن الخطوات الأولى لرحلة كرة القدم في قطر منذ زمن الملاعب الرملية وكرة "الشراب". إنه القميص ذاته بألوانه الذي كان يرتديه الشيخ حمد الطفل في ممارسة كرة القدم.

المسيرة التاريخية من الملاعب الترابية، بداية الحلم الذي حققّه الأمير الوالد بتنظيم كأس العالم، وبداية المونديال الذي افتتحه الأمير تميم مؤكداً العمل ليكون من أنجح البطولات "ونتابع ومعنا العالم بأسره في الفضاء المفتوح للتواصل الإنساني والحضاري"، وفي حضرة ملوك ورؤساء عرب في مقدمهم الملك بن عبدالله بن الحسين وولي العهد السعودي والأمير محمد بن سلمان ورؤساء الجزائر وفلسطين وتركيا ومصر، أعلن الأمير تميم افتتاح المونديال مرحباً بالضيوف في" قطر بلاد العرب".
لم يخرج افتتاح مونديال قطر عن المدة الزمنية التي تستغرقها عادة المونديالات السابقة، فقارب نصف الساعة. وكان الاستاد ذاته شهِد حفل افتتاح مصغّر لمناسبة كأس العرب 30 نوفمبر 2021، فيما شارك في حفل المونديال فنانون عالميون مثل مغني الروب الكوري جونغ كوك الذي أنشد مع الفنان القطري فهد القبيسي أغنية حالمون.

إعتذار شاكيرا وغياب بيكيه
حفل الإفتتاح وبمجرد حصوله، يكون الرد الأول لحملات الإفتراء والتشويش الأوروبية على مونديال قطر، التي ربما، كان غياب الرؤساء عن الحفل، استمراراً لتلك الحملات التي لم تتوقف حتى بدء المباريات، على الرغم من أنّ الرئيس الفرنسي ماكرون إنتقد محاربة مونديال قطر داعياً لعدم إقحام السياسة بالموضوع، وذلك بعد الموقف المماثل من الرئيس السابق ساركوزي. ولكن "الفيفا" بقي متصدياً وبصلابة ومدافعاً عن قطر، فعشية الإفتتاح قال الرئيس أنفانتينو أنّ الحملة على قطر عمل ليس عادلاً على الإطلاق، والإنتقادات المتعلقة بكأس العالم تنم عن نفاق... مؤكداً كما في السابق، بأن قطر جاهزة وبالطبع ستقدم أفضل كأس عالم على الإطلاق.

وفي غيابٍ لا علاقة له بالحملات على مونديال قطر إعتذرت المغنية العالمية شاكيرا عن المشاركة لأسباب شخصية، فغابت كما زوجها السابق نجم إسبانيا وبرشلونة بيكيه بسبب الإعتزال دولياً! ولم تشارك شاكيرا أيضاً في المونديال السابق في روسيا بعدما شاركت في المونديالات الثلاث قبل ذلك، وبعدما لقبت "أيقونة المونديالات".

وبخلاف حفل قطر كان حفل روسيا بسيطاً جداً وبعيداً عن أي إبهار، وافتقدت منصته الشرفية من رجال السياسة في العالم، ولم يقدم شيئاً مميزاً سوى كرة صفرة البداية التي أرسلت إلى الفضاء مع طاقم محطة الفضاء الدولية وحملها بعدما عادت إلى الأرض النجم البرازيلي رونالدو إلى الملعب في موسكو.

أقل من الإبهار وأكثر من المألوف
والآن وبعد أن وفى حفل الإفتتاح بكل الوعود، لا بد من إضافته إلى المميزات التي تحلى بها مونديال 2022. وأبرزها: أول مونديال في الوطن العربي والشرق الأوسط. أول كأس عالم في الشتاء خلال 92 سنة. آخر بطولة تضم 32 فريقاً. المونديال الأكثر تقارباً إذ يستغرق التنقل بين الملاعب الثمانية ساعة في السيارة. أول ملاعب خالية من الكربون ومكيّفة وقابلة للتفكيك. أول مونديال تكون جميع مدنه صحية حسب منظمة الصحة العالمية. أول بطولة تطبق تقنية التسلل شبه الآلي. وزيادة عدد تبديلات اللاعبين إلى خمسة. أول مونديال تشارك النساء في قيادة مبارياته.

وبعد، أذا أردنا أن نكون واقعيين حيال حفل إفتتاح مونديال قطر، ونسقِط صفة الإبهار، فيصح القول أنه مونديال خارج عن المألوف في كأس العالم.