كهرباء زحلة تهتف "خوش أمديد" لمازوت حزب الله!

لوسي بارسخيان
السبت   2021/09/25
اشترت الشركة 3 ملايين ليتر من المازوت الإيراني بسعر 140 ألف ليرة للصفيحة (الأرشيف)
دخلت زحلة ومعها 16 قرية تتغذى من خدمة شركة كهرباء زحلة، في صدمة منذ صباح اليوم السبت 25 أيلول، أحدثها فيديو مسجل، ظهر فيه  مدير عام الشركة أسعد نكد، مرحباً بالمازوت الإيراني وباللغة الإيرانية: "خوش أمديد"، ومشيداً بـ "السيد" باعتباره "واحد من قليلين ممن يعدون ويفون بوعدهم". ويتوج الفيديو صفقة شراء الشركة كميات من "مازوت إيران" الواصل إلى لبنان في قوافل سمتها أوساط حزب الله "قوافل كسر الحصار". وهي مستمرة بالتقاطر عبر معبر حوش السيد علي "غير الشرعي" في الهرمل، وسط صمت مريب من الدولة وأجهزتها الرسمية.

ملايين الليترات
إذاً بلا مقدمات، وقبل أن يطلع نكد الرأي العام على تفاصيل "الصفقة" التي توفر للشركة كمية ثلاثة ملايين ليتر من المازوت الإيراني، ظهر في الفيديو متحدثاً عن مزايا المازوت الذي تحصل عليه الشركة بسعر "140 ألف ليرة للصفيحة تدفع بالليرة اللبنانية". وهاتان المعلوماتان الوحيدتان اللتان أفصح عنهما نكد في الفيديو الموقع باسم "نسيم"، فيما تلقفت قناة "المنار" التابعة لحزب الله ما قاله ونشرته مع كل عبارات التبجيل لحزب الله.

ووفقاً للتقرير الذي تسنى للمنار وحدها الحصول عليه، مخترقة أسوار تجمع مولدات الشركة التي لا يمكن دخولها من دون إذن مباشر من إدارتها، فإن المازوت الإيراني يساهم في التخفيف من ساعات التقنين التي لجأت اليها الشركة بسبب شح المادة في السوق اللبنانية. وأن الكمية الأولية التي تسلمتها الشركة وفقاً لتقديرات المصادر بلغت 25 ألف ليتر ترتفع تباعاً لتصل إلى مئة ألف ليتر يومياً.

زحلة تمول حزب الله
وفي ظهوره "الحصري" عبر وسائل إعلام حزب الله حاول نكد أن يبدو وكأنه يزف أمراً مبهجا للزحليين في المدينة والقضاء، مستغلا التململ الشعبي الواسع الذي يتسبب به انقطاع الكهرباء، لتظهير خطوته وكأنها خروج من حالة التقنين التي تسبب بها شح المازوت في الاسواق. ومن دون أن يجري حسابات دقيقة إذا كان مكلفو الشركة مستعدون فعلا لتمويل حزب الله ونشاطاته من جيوبهم، عبر مداخيل هذا المازوت التي توفرها رسوم اشتراكهم بالكهرباء. وختم نكد ظهوره الإعلامي "الممنهج" وفقا لأهداف صاحب "المازوت" بعبارة "ميرسي" وجهها للحزب "على كل شيء تم ويتم في المستقبل".

وبنبرة الذل نفسها خرجت كلمات من رئيس بلدية الفرزل وهو يشكر حزب الله للهدف نفسه، في فيديو حمل أيضا توقيع "النسيم". وكان نكد يجلس متحدثا في شريط الفيديو، وهو يرتدي سترة حملت شعار شركة كهرباء زحلة، التي طالما عبرت زحلة عن اعتزازها بما تشكله من انعكاس لنمو المدينة بجهود أهلها. وهذا يجعل كل زحلي يعتبرها شركته وليست ملكا لأي كان.

تفرد نكد
ولا شك أن شركة كهرباء زحلة اصطدمت منذ أشهر بحرمانها من كميات المازوت "المدعوم" التي تحتاجها، فراحت تشحذه، وفقا لنكد. وربما استخدم نكد عبارة "تشحذ" لتخفف وقع خطوته الفردية باستحصاله على المازوت الإيراني. لكنه تجاهل وقع هذه الخطوة على شريحة المشتركين الواسعة التي تقع ضمن نطاق خدمة شركة كهرباء زحلة. وهي شريحة  متنوعة في انتماءاتها، وشطر كبير منها لا يزال يؤمن بالمؤسسات، وبواجب الدولة تجاه مواطنيها. وخصوصا أن شركة كهرباء زحلة "خاصة"، ولكنها ذات منفعة عامة. وبالتالي من واجبات الدولة وحدها أن توفر لها كميات المازوت التي تحتاجها وبالسعر الرسمي. وهي تتبع نظام محاسبة عامة وتسعيرة وزارة الاقتصاد، التي لم يتضح ما إذا كانت قابلة للتطبيق بعد حصول الشركة على المازوت الإيراني.

تذمر شعبي وصمت سياسي
واللافت في الصدمة التي أحدثتها خطوة شركة كهرباء زحلة الفردية، أن ردود الفعل التي رافقتها انحصرت في النطاق الشعبي، حيث فتح الباب واسعا للجدال. وقد قوبلت الخطوة بصمت مطبق من القيادات الحزبية، وخصوصا تلك السيادية منها. وحتى مساء السبت لم يصدر عنها أي موقف، واكتفى بعضها باتصالات خاصة بتقريش الخطوة انتخابيا، معتبراً أن ورقة نكد الطامح للنيابة احترقت في ترشيحاتها.

وانسحب الصمت على نواب المنطقة، باستثناء النائب أنور جمعة في ظهوره كـ "بي الصبي" داخل حرم تجمع مولدات الشركة، محاولا استثمار الخطوة انتخابيا بقوله: "هذا المازوت ليس للشركة، ونحن معنيون بكل ناسنا في كل القضاء".

وكانت مجموعة "زحلة تنتفض" قد أصدرت بيانا قبيل تأكيد صفقة شراء شركة كهرباء زحلة المازوت الإيراني، فحذرت فيه من خطورة هذه الخطوة التي تلحق الدولة بالدويلة. وأكد بيانها أن "الشركة مؤسسة تحمل اسم المدينة التي تتمسك بالدولة ومؤسساتها الشرعية، ولا تحيد عن القوانين المرعية الإجراء. بينما المازوت الايراني استقدم لصالح حزب الله، بطريقة مخالفة للأصول في تعدٍ صارخ على سيادة الدولة اللبنانية، وتعزيزاً لسطوة طرف على الشرعية".

كما أن الاتجار به يتم على حساب الخزينة العامة، وخلافاً لأصول المحاسبة العامة. ووارداته يجنيها حزب الله. بمعنى آخر فان مشتركي كهرباء زحلة يمولون من جيوبهم نشاطات حزب الله.

وختم بيان زحلة تنتفض متسائلاً: "هل يسجل على زحلة بأنها عززت الدويلة على حساب الدولة؟ ومن أجل ماذا؟ فكم يشتري مازوت حزب الله من الوقت، قبل أن تضطر شركة كهرباء زحلة ومشتركيها مواجهة رفع الدعم، الذي لا مفرّ منه، وما يعنيه من ارتفاع حتمي لكلفة خدمة الكهرباء؟ ولقاء أي ارتهان؟"