عصف الأمونيوم الذي ضرب المدارس والجامعات والمستشفيات

وليد حسين
الأربعاء   2021/08/04
تعطلت مستشفيات جاورجيوس والجعيتاوي والوردية والكرنتينا عن العمل (Getty)
بعد عام على انفجار المرفأ، ما زالت أعمال إعادة ترميم المدارس والجامعات والمستشفيات، التي تضررت، غير منجزة بالكامل، رغم التقدم الذي أُنجز في هذا الملف.

عام مضى على إحدى أكبر انفجارات العصر: مئات القتلى (214 قتيلاً أو217 قتيلاً، لا إحصاء رسمياً!) وعشرات الأشخاص المعوقين ونحو 6 آلاف جريح غصّت بهم غرف مستشفيات العاصمة، واضطرت الأطقم الطبية معالجتهم بما تيسر وأينما كان، على مداخل المستشفيات، وأروقتها وفي مواقف السيارات وعلى الأرصفة، رغم الدمار الذي طال بعضها بشكل كامل، مثلما حل بمستشفى جاورجيوس والجعيتاوي والوردية والكرنتينا. فنقل مئات الجرحى إلى مستشفيات كل المناطق اللبنانية، من صور مروراً بالنبطية ووصولاً إلى طرابلس.

تعطل مستشفيات
على مستوى المستشفيات، طالت الأضرار معظم الموجودة في العاصمة، إلا أن قوة الانفجار أدت إلى تعطّل مستشفى جاورجيوس والجعيتاوي والوردية والكرنتينا. وفيما انتهت معظم أعمال إعادة البناء أو الترميم في المستشفيات، ما زال مستشفى جاورجيوس يعمل على إنهاء طابقين. فهو من أكبر المستشفيات التي تضررت، وتعطل بالكامل، ونقل مرضاه والأطفال منهم خصوصاً، الذين لم ينل منهم الانفجار حينها، إلى مستشفيات العاصمة، بعدما أودى الانفجار بحياة 37 شخصاً وجرح 277، بين مرضى وأطباء وممرضين وموظفين. 

ولم تتمكن هذه المستشفيات من العودة إلى العمل، لولا المساعدات التي تلقتها من جمعيات دولية أوروبية وعربية ومحلية. وقد سارعت دولة قطر إلى بناء مستشفيين ميدانيين لمساعدة مستشفيي القديس جاورجيوس واللبناني الجعيتاوي. وشملت المساعدات بناء مستشفى الكرنتينا الذي كان يستعد لافتتاح قسم كورونا الوحيد المخصص لمعالجة الأطفال، فأتى الانفجار وحول المبنى باء إلى ركام، لقربه من مركز الانفجار بنحو 300 متر. وتضرر القسم الذي كان قيد الإنشاء، ومستودع أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية. وسارعت قطر إلى تقديم مستشفى ميداني خاص للأطفال، ويحتوي على 500 سرير. كما تعهد صندوق قطر للتنمية بإعادة بناء المبنى (باء) وتجهيزه بالكامل. ويفترض أن تنتهي الأعمال في غضون سنتين. 

وإضافة إلى عشرات أطنان المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية، والمستشفيات الميدانية التي قدمتها قطر، أرسلت دول عدة مساعدات ومستشفيات ميدانية غداة الانفجار لعلاج جميع المرضى والجرحى، إضافة إلى أطقم طبية لجميع الاختصاصات، منها المستشفى الإيطالي في الجامعة اللبنانية الحدث، والمستشفى المغربي في الكرنتينا، والمستشفى الأردني في تل الزعتر، والمستشفى الإيراني في الجامعة اللبنانية الحدث.

الجامعات
وما كادت دماء الجرحى تجف حتى تكشف ما خلفه الانفجار من دمار طال المدراس والجامعات، حرم عشرات آلاف الطلاب من التعليم لأشهر عدة. وألحق الانفجار أضراراً طالت 165 مدرسة رسمية وخاصة، تضم نحو 40 ألف طالب في المدارس الرسمية ونحو 45 ألفاً في المدارس الخاصة. وطالت الأضرار نحو 30 مبنى جامعياً رسمياً وخاصاً، منها نحو 18 مبنى للجامعة اللبنانية ونحو 8 مباني للجامعة الأميركية ومبنيين لجامعة القديس يوسف.

منذ وقوع الكارثة، بادرت دولة قطر إلى مساعدة لبنان، عبر تخصيص جسر جوي للمساعدات الطبية والإنسانية، لتعود وتتكفل بترميم المباني الجامعية والمعاهد الفنية، فضلاً عن جزء من المدارس الرسمية، وتوفير المعدات والأثاث في 7 مبان جامعية لاستبدال ما تضرر في الانفجار. وذلك بمشروع ممول من مؤسسة التعليم فوق الجميع-برنامج تعليم الطفل EAA-EAC، وبدعم من صندوق قطر للتنمية.

على مستوى الجامعات، تضرر نحو 18 مبنى من مباني الجامعة اللبنانية، منها مبنى إدارة الأعمال الكائن في الأشرفية، بشكل كبير. ولحقت الأضرار مبنى الإدارة المركزية أيضاً. وفيما انتهت الأعمال في الجزء الأكبر من المباني، ولم يتبق سوى بعض الكليات والإدارة المركزية التي يفترض أن تصبح جاهزة في غضون نهاية الشهر. وبخلاف ترميم كل مباني الجامعة اللبنانية والخاصة، بهبة قدمتها دولة قطر، تم ترميم مبنى إدارة الأعمال الكائن في الأشرفية، بتمويل محلي من قبل جمعيات أهلية، وليس عبر اليونيسكو، وبات جاهزاً، ولا يحتاج إلا لبعض الأمور اللوجستية من إنارة وتمديد خطوط هاتف وغيرها. 

تضرر المدارس
على مستوى المدارس، وصلت الكلفة التقديرية لإصلاح وترميم المدارس نحو 21 مليون دولار، من دون كلفة التجهيزات والمفروشات. فالمدارس الرسمية قدرت كلفتها بنحو 6 ملايين دولار، والمدارس الخاصة بنحو 15 مليون دولار. كما خلف الانفجار أضراراً بنحو 20 مبنى جامعياً رسمياً وخاصاً. وتراوحت الأضرار بين طفيفة، أي تحطم زجاج، ومتوسطة كتحطم واجهات وجدران، وبالغة مصابة بدمار شبه كامل، في مناطق الجميزة والأشرفية والكرنتينا والظريف وطريق الجديدة وغيرها من مناطق بيروت. ووصلت الأضرار حتى إلى ضبية والمتن وصولاً إلى حمانا وفالوغا.

وقد أمنت وزارة التربية جميع الأموال المطلوبة لإعادة ترميم المدارس الرسمية، بهبات قدمتها منظمة اليونيسكو، ودولة قطر، ومنظمة اليونيسف، والسفارة السويسرية. 

تفشي كورونا
أتى تفشي جائحة كورونا لتنقذ طلاب المدراس من التعلم تحت المطر وبرد الشتاء، في المدارس الرسمية، التي انتظرت انتهاء وزارة التربية تأمين فرق للكشف على الأضرار وتلزيم المتعهدين. وتأخر بدء الأعمال في المدارس لأكثر من أربعة أشهر بعد انفجار المرفأ، خصوصاً أن نحو 94 مدرسة رسمية تضررت، لتنتهي الأعمال في معظمها في العام الحالي. 

وصلنا في الذكرى السنوية الأولى للانفجار، بأن تم إصلاح جميع المدارس الرسمية باستثناء خمس مدارس بحاجة لإعادة إعمار، وأعمال إعادة الإعمار ما زالت قائمة. لكن حتى في بعض المدارس التي تضررت بشكل كبير مثل مدرسة لور مغيزل في الأشرفية، أنهت الشركة المتعهدة كل أعمال الترميم، لكن بسبب حل العقود مع الشركة المتعهدة للتنظيفات، لعدم وجود أموال في صندوق المدرسة، أتى الطلاب في شهر حزيران إلى الصفوف الحضورية وتعلموا، رغم الركام والأوساخ والغبار على الطاولات.