مهزلة الامتحانات: "وزارة الحرب" تضع الأساتذة بمواجهة الطلاب..وترفعهم آلياً

وليد حسين
الأربعاء   2021/06/16
في هذه الامتحانات يجلد الوزير الطلاب وأهلهم وأساتذتهم، بلا رحمة ولا رأفة (علي علّوش)
وسط طوابير البنزين والازدحام والفوضى العامة في الشوارع، بدأت المدارس والثانويات إجراء الامتحانات النهائية للعام الدراسي، والتي تمتد حتى نهاية الشهر الحالي. ولعل التسجيلات الصوتية التي انتشرت على مجموعات محادثة الأساتذة والأهل، يوم أمس، لإحدى السيدات التي ترجو المعلمة قبول دخولها إلى الصف مع ابنتها لإجراء الامتحان، يعبر عن الواقع العام لهذا العام الدراسي. فقد شكت الأم من أن ابنتها لم تكن تستوعب أي شيء في تعلمها عن بعد، وأنها كانت تحل الفروض عنها وترسلها إلى المعلمة. لذا طلبت الدخول إلى الصف لمساعدة ابنتها في الامتحانات.  

الأساتذة "ببوز" المدفع
وبمعزل عن الفوضى التي رافقت التعليم الحضوري الشهر الفائت، وترك الخيار للمدارس في كيفية تنظيم الامتحانات، ولجوء العديد من المدراء إلى تعجيل انتهاء العام الدراسي، بات كل مدير مدرسة بمثابة وزير تربية، لناحية القرارات العشوائية، كما يقول الأساتذة. وانتهى الأمر بوضع الأساتذة في "بوز المدفع" وبمواجهة الطلاب وأهلهم. فلا الطلاب جاهزون ولا الأساتذة يعرفون بماذا يمتحنون الطلاب.
وكان الأساتذة بدأوا امتحانات السعي منذ أكثر من أسبوع وأجري بعضها عن بعد وكانت النتائج أكثر من كارثية. ويقول الأساتذة من مختلف الاختصاصات، تعليقاً على الامتحانات النهائية: "بشكل عام العلامات النهائية ستكون كارثية". فقط الطلاب "الأذكياء" تمكنوا من الإجابة على عدد كبير من الأسئلة. أما "متوسطو الذكاء" والمعدمون فلم يجيبوا عن أي سؤال. "شحار وتعتير"، يقول أحد الأساتذة، فمعظم الطلاب لم يأخذوا العام الدراسي على محمل الجد ولم يدرسوا أي شيء، ظنا منهم أنهم سيرفعون تلقائياً في نهاية المطاف. 

ترفيع الطلاب
وعن كيفية تصحيح امتحانات لا أجوبة عليها، أكدت إحدى المعلمات أنها لا تعلم ماذا تفعل في انتظار ما يقرره المدير، وكيفية المضي بترفيع الطلاب. فالامتحانات شكلية والترفيع المبطن سيد الموقف.
وتعليقاً على بدء الامتحانات قال النقابي في لقاء النقابيين الثانويين حسن مظلوم: "ما هو حاصل مجزرة بحق التعليم والتربية. هي امتحانات الأمر الواقع، ستنتهي بالترفيع الآلي. فبكل شفافية، لا الطلاب تعلموا ولا الأساتذة كانوا مرتاحين على وضعهم، ولا الأهل كانوا قادرين على مواكبة الأبناء في البيوت. فكل الجهد الذي بذل، لا يمكن تقييم الطالب تربوياً على أساسه. هي امتحانات بمثابة قيام وزير التربية بجلد الطلاب وأهلهم وأساتذتهم، بلا رحمة ولا رأفة. كما لو أننا أمام وزارة حرب لا تربية وتعليم. وبالتالي هذه الامتحانات مقدمة للامتحانات الرسمية الشهر المقبل". 

العمل بالسخرة
وأضاف: "الوزير تحدث عن تنظيم كل شيء لوجستي وآلية إجراء الامتحانات تقنياً، وكيفية تغطية المراكز السبعمئة التي حددها بمراقبين وعدد الكراسات وطباعة الأسئلة. لكنه لم يفكر في الأساتذة وكيفية انتقالهم إلى المراكز للمراقبة ولا بأن رواتبهم باتت أقل من 150 دولار. ويتصرف الوزير كما لو أننا مضمونين في جيبه. لكن حتى لو كنا آلهة لا نستطيع تلبية رغباته. فهل كراماتنا رخيصة، ويريد جلبنا إلى مراكز الامتحانات، ولاحقاً إلى مراكز التصحيح للعمل بالسخرة. ما هو حاصل حفلة جنون ما بعدها جنون. والأيام المقبلة ستثبت ما إدا كان الأساتذة يقبلون العمل بالسخرة: بدل الأتعاب في مراقبة الامتحانات في اليوم هي 50 ألف ليرة للمراقب، و65 ألف ليرة للمراقب العام، و70 ألف ليرة لرئيس المركز. أما في تصحيح المسابقات فيصل أجر الأستاذ إلى أربعة آلاف ليرة كحد أقصى، في الساعتين، وتنخفض حسب المسابقة ومدة التصحيح إلى ألف وخمسمئة ليرة بالساعة". 

لا ذنب للطلاب
أما النقابي في التيار النقابي المستقل جورج سعادة فعاد وكرر: بات واضحاً للجميع - إلا لوزير التربية وفريقه - أن العام الدراسي كان فاشلاً، ولم يتعلم الطلاب فيه عن بعد إلا في بعض المدراس الخاصة، حيث ظروف أهالي الطلاب تسمح بذلك.
وأضاف: الامتحانات الحالية غير جدية وسيتم التساهل مع الطلاب في التقييم، أي تنتهي بالترفيع نظراً لظروف البلد. وفي هذه الظروف الترفيع مقبول. فلا ذنب للتلامذة كي يدفعوا ثمن ما أقدم عليه المسؤولون. 

إنقاذ العام المقبل
وقال سعادة: "نطالب، رغم أن مطالبة الميت مضيعة للوقت، ونحمل المسؤولين المسؤولية عن عدم العمل لإنقاذ العام الدراسي المقبل، لأننا نتوقع أن يبدأ العام المقبل بالتعليم المدمج. فهذا العام أنتهى بالفشل وستكون الامتحانات الرسمية أسوأ مهزلة، ومسرحية تطعن نظام التربية في لبنان. ومن الأجدى التفكير بكيفية بدء العام الدراسي المقبل.
ووفق سعادة: "امتحانات الشهادة المتوسطة لا قيمة لها. ستكون أكبر عملية غش في تاريخ لبنان، لأنها ستنتهي وفق مقولة الكل يربح، أي سيتم إنجاح جميع الطلاب. وهذا أمر سيء للغاية.
وأضاف أنه كان من الأفضل اعتماد نتائج الامتحانات المدرسية لشهادة المتوسط، لأنها أكثر جدية. فليس من صالح المدارس ترفيع الطلاب آلياً، كما سيحصل في الامتحانات الرسمية. بل على العكس ترك المدارس تقيم طلابها مدرسياً، يجعلها تعمل على عدم ترفيعهم، وتلجأ كل مدرسة إلى تنظيم نظام الإكمال في الصيف، أقله لتمكين طلابها قبل ترفيعهم.