ثمن لقاحات كورونا للفلسطينيين تأمّن.. لماذا ينكفئون عن التسجيل؟

أحمد الحاج علي
السبت   2021/03/13
الشعور بالتمييز تجعل الفلسطيني لا يثق بأي إجراء تتخذه الدولة اللبنانية (Getty)

على الرغم من تمكّن مؤسسة التعاون، التي ساندتها مؤسسة "إنيرا" فيما بعد، بتأمين ثمن حوالى 250 ألف لقاح للاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلاّ أن هذا الإنجاز لم يدفع الأخيرين إلى التسجيل الواسع بالمنصة المخصصة لطالبي لقاح كورونا. الأمر الذي أثار قلقاً لدى أصحاب المبادرة، ودفعهم للتفكير جدياً بحملة واسعة في المخيمات الفلسطينية للتشجيع على التسجيل، كما تقول المسؤولة الإعلامية في مؤسسة التعاون جيهان المصري لـ"المدن". فيما تبدي جهات فلسطينية أخرى تخوفها من أن تُطحن هذه الحماسة في الجهاز البيروقراطي الرسمي.

قلق واسع
المصري أعلنت أن مذكرة التفاهم بين وزارة الصحة اللبنانية والمؤسسات الداعمة أصبحت جاهزة، ومن المنتظر التوقيع عليها خلال الأيام القليلة المقبلة. وجددت التأكيد أن اللقاح المعتمد هو لقاح أسترازينيكا، لأسباب عديدة، يقف على رأسها الجانب الفني في التخزين وغيره.

وتعتبر أن أهم الخطوات قد أُنجزت: تأمين ثمن اللقاح، موافقة الشركة، الاتفاق مع الدولة اللبنانية والأونروا على الخطوات الواجبة "وما تبقى هو الجانب الإجرائي لإحضار اللقاح، وهو ما تتولاه الحكومة اللبنانية، لأنه لا يمكن الآن للمؤسسات أن تتعاطى مباشرة مع الشركات المنتجة للقاح".

وتعترف المصري أن انكفاء اللاجئين الفلسطينيين عن التسجيل في المنصة بات واضحاً، لدرجة أنه يثير قلقاً واسعاً لدى مؤسسة التعاون، وغيرها من المؤسسات الداعمة "لذلك نحن نحضّر، مع شركائنا في المخيمات الفلسطينية، ومؤسسة "إنيرا"، لإطلاق حملة واسعة، ومتعددة الوجوه والوسائل، للبحث في الأسباب الحقيقية لهذا الانكفاء، وإيجاد أساليب يمكنها دفع اللاجئين الفلسطينيين باتجاه التسجيل، خصوصاً ونحن نلمس مخاطر التأخير في تلقّي اللقاح" (نسبة غير اللبنانيين المسجلين بالمنصة الرسمية لا تتجاوز 4.8 في المئة).

ويُذكر أن مؤسسة التعاون انطلقت بمبادرة من اقتصاديين ومثقفين فلسطينيين لدعم المجتمع الفلسطيني في الشتات وفلسطين.

الأمكنة الممنوعة
مصدر فصائلي فلسطيني مطّلع، خلال حديثه لـ"المدن"، أبدى خشيته من أن تضيع المبادرة والنوايا الحسنة في دهاليز الجهاز البيروقراطي الرسمي "فالبيان الأول للإعلان عن تأمين ثمن اللقاح كان بتاريخ 19 شباط، وحتى اليوم لا يوجد لقاح، ولا بيانات واضحة من الوزارات واللجان الرسمية حول الخطوات التي اتُخذت، وإلى أين وصلت الأمور. فكل ما يُنشر حتى الآن كلام عام فقط، رغم كثرة الاجتماعات، وإدراكنا لإخلاص المجتمعين. خصوصاً وأن انتشار كورونا في المخيمات هو انتشار سريع، ويترك أعداد وفيات مرتفعة".

أما بخصوص انكفاء الفلسطينيين عن التطعيم، فيرجّح المصدر الفصائلي أن هذا الانكفاء سيكون مؤقتاً "فعند حضور اللقاح ستكون آليات الدعاية مختلفة، كما أن مشاركة مؤسسات فلسطينية في دفع ثمن اللقاح غيّر كثيراً في المزاج الفلسطيني لصالح تلقّي اللقاح".

قد تُفسر عبارة زيجمونت باومان حول اللاجئين سبب انكفاء الفلسطينيين عن التسجيل في المنصة "والمعنى المعروف الوحيد للأمر بالبقاء في مكان يسمى "مخيم اللاجئين" هو أن جميع الأماكن الأخرى التي يمكن تخيلها إنما هي أماكن ممنوعة". نعم، من الصعب على اللاجئ الفلسطيني الذي يجد الكثير من الممنوعات عليه في لبنان، وحالات الفصل بينه وبين اللبناني، في الدوائر الرسمية، وقد يصل الفصل أحياناً إلى بعض المراكز التجارية، من الصعب عليه أن يُدرك أن المنصة المخصصة لتسجيل طالبي اللقاح هي استثنائية، ولن تميّز بين اللبناني وغيره (وهي بالفعل كذلك حتى الآن). يُضاف إلى ذلك أن هذا الشعور يشمل لاجئين سوريين يتقاسمون أحياناً نصف مساحة بعض المخيمات. لذلك فإن الجهد سيكون مضاعفاً لإقناع  الفلسطينيين، والسوريين.