وادي خالد.. الحدود السائبة عمداً إرهاباً وبضائع وبشراً

جنى الدهيبي
الإثنين   2020/09/28
منطقة وادي خالد هي خاصرة لبنان الشمالي، ولا بد من العمل على حمايتها (Getty)

بدأت الحياة الطبيعية تعود إلى بلدات وادي خالد، بعد نهاية أسبوع دامية، سقط فيها 9 قتلى من الخلية الإرهابية، في العملية الأمنية التي نفذها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بمؤازرة الجيش اللبناني، في أحد المنازل النائية، في خراج بلدة الفرض بوادي خالد، عند الحدود اللبنانيةـ السورية.  

وعملياً، يمكن القول أن الأجهزة الأمنية استطاعت تطويق خلية إرهابية واسعة، يتجاوز عدد أعضائها 32 فرداً جرى التعرف عليهم، مع إلقاء "فرع المعلومات" القبض على 5 آخرين من إرهابيي الخلية، إلى جانب توقيف مخابرات الجيش لـ16 فرداً وقتل اثنين هما عمر بريص (منفذ الاعتداء على حاجز الجيش في عرمان – المنية) وقبله خالد التلاوي في اشتباكات جبل البداوي.  

لكن السؤال: هل قضّت العملية الأمنية في وادي خالد على بذور الخلية الإرهابية وما يمكن أن يتفرع عنها، في ظلّ غياب الانضباط الأمني مع الحدود السورية؟  
إلى حين ما ستكشفه التحقيقات مع الموقوفين، ما زال أهالي وادي خالد والجوار بانتظار صدور بيان رسمي عن الأجهزة الأمنية، يكشف هوية القتلى وأسمائهم. وفي السياق، استمرت شعبة المعلومات بتنفيذ مداهماتها منذ صباح اليوم الاثنين 28 أيلول، وهي مرشحة للتصاعد، بناء على ما ستكشفه التحقيقات. فاستطاعت أن  تصادر من بعض منازل قرية حنيدر، أسلحة متوسطة وثقيلة وبعض مواد تصنيع الأحزمة الناسفة.  

وادي خالد في عين الإرهاب؟  
يكشف مصدر ميداني مطلع لـ"المدن" أن عناصر الخلايا الإرهابية غالبا ما تستفيد من طبيعة الجرود الوعرة في وادي خالد وعلى طول الحدود السورية في المنطقة. ويؤكد أن ثمة حالة من التفلت الأمني الكبير تسيطر على الحدود السورية مع وادي خالد، وأن عبور الحدود بطريقة غير شرعية لا يكلف قاصديها شيئاً في ظل غياب الرقابة. وقال: "إلى جانب دخول الغرباء إلى المنطقة عبر الحدود، من دون التدقيق في هوياتهم وأسباب دخولهم الأراضي اللبنانية، تنشط أيضاً عمليات تهريب مادة البنزين عبر "فانات" تتجه من البقاع وبيروت فوادي خالد إلى سوريا بوضح النهار، وهو ما يثبت حالة التفلت على الحدود". عدا أن من يسيطر على الحدود من الضفة السورية ليس بعيداً عن الشبهات والمخططات الإرهابية. 

ويشدد المصدر أن أهالي وادي خالد غير قادرين على ضبط الغرباء الذين يعيشون بينهم، "لأنها في الأصل مهمة الدولة وأجهزتها".  

وفيما يطالب عدد كبير من أبناء المنطقة بإغلاق المعابر الحدودية من جهتهم، منعاً لوقوع أي حادث أمني وتسلل الخلايا الإرهابية، يشير رئيس بلدية وادي خالد الأسبق فادي أسعد لـ"المدن"، أن ثمة تضخيماً للعملية الأمنية التي نفذتها الأجهزة الأمنية في المنطقة. قال: "كنا على بعد 300 متر من مكان الحادث، ولم يستطع الإرهابيون المقاومة طويلاً، وسرعان ما سقطوا واحداً تلو الآخر بعد محاصرتهم، وإلقاء القبض على البقية".  

ويعتبر أسعد أن مشكلة وادي خالد هي في "بعض الغرباء" الذين يدخلوها. ويؤكد أن المنطقة كانت وستبقى بيئة حاضنة للدولة والجيش، ويكشف أن 5 عناصر أمنيين من منفذي العملية هم من أبناء وادي خالد، ويرجح أن يكون بعض عناصر الخلية من تجار الأسلحة في المنطقة. وقال: "لا بد أن يعرف اللبنانيون أن وادي خالد هي خاصرة لبنان الشمالي، ولا بد من العمل على حمايتها".  

من جهته، يقول النائب البرلماني للمنطقة محمد سليمان لـ"المدن"، أن الوضع في وادي خالد بعد العملية الأمنية الأخيرة صار مضبوطاً، لأنه كان محصوراً في منزل حدودي ناءٍ. وطالب سليمان الجيش بتكثيف مراكزهم وحواجزهم في المنطقة الحدودية، "لأن أي معلومات عن خلايا إرهابية في المنطقة هي فقط بحوزة الأجهزة الأمنية".
ويستبعد سليمان وجود بذور خلايا إرهابية في المنطقة، لكنه يقول: "لن تكون وادي خالد يوما بيئة حاضنة للإرهاب، وقد باشرنا بإعطاء التوجيهات للبلديات للحصول على كل داتا الداخلين من الجهة السورية، حتى لا نقع ضحية أي خلية أخرى".  

لذا، وبناء على هذه المعطيات، يبدو أن الشمال سيبقى على موعد مع اشتباكات أمنية وظهور خلايا إرهابية جديدة، ما لم يجر ضبط الحدود وردع كل المستفيدين من تفلتها.