أكاذيب كورونا: إغلاق البلد سياسة.. الالتزام بالإجراءات وقاية

وليد حسين
الإثنين   2020/08/17
الالتزام بشروط السلامة العامة أقل بكثير من موجة الهلع الأولى (علي علّوش)
تتفاوت آراء المواطنين أمام الدعوة إلى واجب الهلع التي بدأت وزارة الصحة بترويجها، محذرة من مخاطر انتشار كورونا، داعية لإقفال البلد للحد من انتشار الوباء. وبات التشكيك في الأرقام اليومية متداولاً أينما كان. وهذا مرده إلى عدم ثقة اللبنانيين بالدولة. 

وبعد انفجار المرفأ بات السؤال حول عدد الوفيات بكورونا باباً للمقارنة مع قتلى الانفجار. إذ حصد الوباء منذ اندلاع الأزمة 103 أشخاص، أي خلال نحو 8 أشهر، بينما انفجار بيروت راح ضحيته أكثر من 180 شخصاً، وآلاف الجرحى في غضون ثوانٍ. ووجهت أصابع الاتهام للسلطة المتهمة بالمقتلة، جراء الفساد وعدم تحرك المسؤولين لأي إجراء، لتلف تلك المواد الخطرة أو التخلص منها، ولم تعمل لتجنب هذا العدد الضخم من الضحايا. 

حقيقة الأرقام
وبات وباء كورونا أمام فاجعة المرفأ يحتل أدنى اهتمامات اللبنانيين. ويرون أن السلطة تحذر من عواقب كورونا لكمّ الأفواه وحسب. تريد حبس المواطنين في منازلهم بحجة منع انتشار الوباء، لكنها في الوقت نفسه لم تعمل أي شيء لوقف مقتلة المرفأ. 

ووجهة النظر هذه رائجة بين عموم اللبنانيين، رغم مخاطرها في الاستهتار إزاء "كورونا". 

وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، سارع إلى إعلان "حال النفير العام"، طالباً اتخاذ قرار شجاع بالإقفال مدة أسبوعين. ومثله فعل مدير عام مستشفى الحريري فراس أبيض، معتبراً أن "بعض الأشخاص لا يأخذون كورونا على محمل الجد أو يعتبرونه خدعة". الدعوة إلى الهلع مبررة أمام ارتفاع عدد الحالات في الاستشفاء، وتحديداً في قسم العناية الفائقة، حيث وصل العدد إلى 68 حتى يوم أمس. لكن المستشفيات الخاصة لا تقوم بدورها، ولا تستقبل مرضى كورونا، بسبب كلفتهم المرتفعة ولعدم وصم المستشفى، وفق ما يقول العاملون في القطاع الاستشفائي. 

الارتفاع في عدد الإصابات خطر، كما تقول المصادر. لكنه حصوله كان أمراً طبيعياً. فعدد الإصابات ارتفع في الشهرين الأخيرين بعد فتح المطار والبلد وعودة المواطنين إلى أعمالهم. وما تصدره الوزارة من أرقام يومية ليس فيه أي تلاعب هدفه بث الرعب والهلع. لكن في المقابل يكفي إلزام المواطنين بإجراءات السلامة العامة لوقف انتشار الوباء. 

يوم الانفجار
ليس لانفجار بيروت علاقة في المسألة، رغم أن الاختلاط الذي حصل في اليومين الأولين للانفجار أدى إلى تفاقم بانتقال العدوى. حتى أن إحدى المستشفيات استقبلت أكثر من 300 جريح في اليومين الأولين للانفجار، ولم تظهر أي نتيجة موجبة للجسم الطبي الذي خضع كله للفحوص للتأكد من سلامته، بعد الاختلاط الذي حصل خلال هذين اليومين. 

ووفق المصادر لم يكن الاختلاط الذي حصل بعيد الانفجار سبباً في ارتفاع عدد الإصابات، بل أن ارتفاع عدد الفحوص بعد فتح البلد، وعودة الحياة إلى طبيعتها، أدى إلى اكتشاف هذا العدد الكبير من الإصابات. وصحيح أن المستشفيات اكتظت بالجرحى والمرافقين لهم، لكن هذا لا يقارن بالازدحام الذي يحصل أمام شركات تحويل الأموال، بعد قرار قبض التحويلات بالعملة الخضراء، ومن دون أي إجراء وقاية بسيط، أي فرض وضع الكمامة. ولا يقارن بأي مناسبة اجتماعية يحصل فيها الاختلاط، كما تقول المصادر. 

الراعي والذئب
ما هو حاصل حالياً بين المواطنين ووزارة الصحة يشبه واقعة "الراعي والذئب". في بداية الأزمة شنت جميع وسائل الإعلام حملة هلع أدت إلى خوف المواطنين من خطر كورونا الداهم. والتزموا بالحجر المنزلي رغم أن عدد الإصابات كان قليلاً جداً، ولم يكن من حاجة لتلك الموجة من الهلع، وحبس المواطنين لأكثر من شهر. 

أوقف هذا الإجراء تقدم الوباء. حتى أن وزير الصحة أعلن الانتصار عليه. وظهر محمولاً على الأكتاف شاهراً سيف النصر على الوباء في المرة الأولى، ومستقبلاً فريق كرة قدم من من دون وضع الكمامات في المرة الثانية. 

اليوم وبعد انفجار المرفأ وانكشاف الفساد القاتل، بات كورونا خارج اهتمام المواطنين، رغم أن مخاطره باتت محدقة. فخلال موجة الهلع الأولى، شعروا أن خديعة ما انطلت عليهم، بعدما أُلزموا في بيوتهم لأكثر من شهر، وتعطلت أعمالهم. لذا، بات التزامهم بشروط السلامة العامة أقل بكثير من موجة الهلع الأولى. وعوضاً عن التزامهم بإجراءات السلامة العامة، ووضع الكمامات والتباعد الاجتماعي، كثرت المناسبات الاجتماعية من أعراس وتعازٍ ومآدب "عارمة" لاستقبال الوافدين. وكم من وافد نقل العدوى لغيره، وغيره نقل العدوى لغيره... وهلم جرا.