أنصار "أمل" وقوى الأمن يبطشون بالثوار... تكامل القمع

المدن - مجتمع
الجمعة   2020/05/29
قمع الشبيحة وقوى الأمن للناس يفتح صفحة جديدة من الاحتجاجات واستكمال ما بدأ في 17 تشرين (مصطفى جمال الدين)
مشهد مقزّز جديد، بطلاه قوى الأمن وأنصار حركة أمل، وبالأخص رجال حرس قصر عين التينة. اعتدى "الأمليون" على موكب لعدد من الثوار في شارعي فردان وعين التينة، واستكملت عناصر قوى الأمن الداخلي الاعتداء أمام وزارة الداخلية، حيث سحلت عدداً منهم وضربت بعضهم الآخر.

"أبطال" الهتافات
البطش ليس جديداً، لكن قمة رمزية ما حصل، أنّ العناصر الأمنية اكتفت بالتفرّج على أنصار الحركة أمام الوزارة، من دون دفعهم عن الطرقات ولا إجبارهم على فض تجمّعهم. حتىّ أنّ شارع وزارة الداخلية، من جهة "سبيرز"، تحوّل إلى موقف لدراجات التشبيح وهتافات "برّي تاج راسكم" و"الله والرئيس بري وليه". ولتلخيص المشهد، شبيح راتبه لم يعد يتعدّى الـ250 دولار يتشارك مع عنصر أمني راتبه قرابة الـ300 دولار، يبذلان كل جهد ممكن للدفاع عن ملياردير هنا وفاسد هناك، فيعتديان على ناس عزّل يطالبون بلقمة عيشهم واسترجاع أموال الدولة.

وبين بطلي مشهد القمع، رجل واحد اسمه الوزير محمد فهمي، الذي تعهّد منذ اليوم الأول لوصوله إلى وزارة الداخلية فض الاعتصامات والتجمّعات. محصّلة مشهد القمع، 3 جرحى بين الثوار وتكسير بين 10 و15 سيارة تابعة لموكبهم السيّار، والأهمّ من كل ذلك انفضاح سلوك فهمي وقوى الأمن مجدداً وسقوط كل رمزية ممكنة لهذه البزّة الأمنية، المفترض أنّ أحد شعاراتها "منكم، معكم، لأجلكم". لكنّ فهمي، من سبقه ومن سيتبعه على الأرجح، لن يقف مع الناس بوجه بلطجية الأحزاب، مع العلم أنّ عدداً من المنتفضين أكد لـ"المدن" أنّ أنصار الرئيس برّي اعتدوا حتى على أحد العناصر الأمنية ببزته العسكرية، من دون أي رد فعل من قبل العناصر الأخرى ولا تدخل. فالرسالة وصلت: لا صوت يعلو فوق صوت التشبيح والبلطجة، وإن لم يأتِ القمع على يد الأمن الرسمي سيأتي على يد الشبيحة أو يتكامل من الاثنين معاً. القمع بات متكاملاً.

كمين "الداخلية"
بعد الظهر، اجتمع عدد من الثوار قرابة الخامسة أمام فندق السان جورج، حيث شكّلوا موكباً للسير باتجاه منازل زعماء ونواب ومسؤولين. وهو الأمر الذي حصل في اليومين الماضيين، حين قصد الموكب منازل كل من وليد جنبلاط وجميل السيد وجبران باسيل وبيار أبي عاصي. لكن ما لم يحصل في تلك الزيارات غير الودودة حصل اليوم على مفترق منزل الرئيس نبيه بري. حيث استبقت عناصر من أمنه ومن أمن مجلس النواب الموكب وقامت بالاعتداء على الموكب، بسياراته وناسه وكل ما فيه، حتى كادت لم تسلم سيارة واحدة منه. ومن ترجّل من السيارة تعرّض للملاحقة والضرب.

إثر ذلك، وبعد حصر الأضرار، توجّه الموكب إلى أمام وزارة الداخلية للاعتراض على عملية التشبيح التي حصلت، ومطالبة وزارة الداخلية بتأدية مهامها المبدئية في المحافظة على أملاك الناس وسلامتهم وردّ البلطجة عنهم. وصلوا وأحرقوا صوراً لبرّي مكتوب عليها "مستقبله مأمن... وانت؟". وبدل أن تحميهم الوزارة، العكس حصل. جاءت مواكب من دراجات نارية إلى وزارة الداخلية من جهات مختلفة، أهمها من جهة شارع سبيرز. فحوّل أنصار بري المكان إلى موقف للدارجات. ركنوها بالطول والعرض وكيفما كان. كانوا على استعجال من أمرهم لتأدية مهمة الدفاع عن الزعيم، تماماً كما كانوا قبل أسبوع في كفرمان من أنصار العتمة وانقطاع التيار الكهربائي. واستمرّت حركة الدراجات حتى الثامنة والنصف، حضرت عبر شوارع داخلية علّها تصادف أعداء الزعيم.

فاستكملت القوى الأمنية مهمّة القمع، وقامت بدفع المعتصمين أمام الوزارة إلى جهة "ليبرتي تاور" على مقربة من تقاطع الحمرا الرئيسي. استخدمت العناصر الهراوات والدروع وكفوف اليد، في حين اندسّ أحد أنصار بري بين الجموع وقام بضرب عدد من المتظاهرين، واكتفت القوى الأمنية بإبعاده من المكان من دون ضرب ولا سحل ولا اعتقال حتى.

الضرب والقمع مستمرّان، لكن الأكيد أنّ مشهدي فردان ووزارة الداخلية يفتتحان صفحة جديدة من ثورة 17 تشرين القائمة. وإشارته الأولى أتت مساء من عاصمة الثورة طرابلس: قطع طريق البالما في طرابلس استنكارا لما حصل أمام وزارة الداخلية... والخير لقدام.