412 إصابة كورونا.. وأزمة المغتربين والضائقة المعيشية تتفاقمان

المدن - مجتمع
السبت   2020/03/28
استغلت الأجهزة الأمنية "حالة التعبئة" لتنهي آخر مظاهر انتفاضة 17 تشرين (مصطفى جمال الدين)
طغت الإشكالات المتفرقة التي وقعت منذ مساء البارحة على خبر وفاة شخص ثامن أصيب بفيروس كورونا. فإلى إقدام مرافقي النائب وليد البعريني على إطلاق النار على الثوار في حلبا، لأنهم قدموا للاعتراض على كيفية جميع التبرعات، وقع اشتباك وتضارب بين عناصر من بلدية برج البراجنة وعناصر من قوى الأمن الداخلي مع بائع قهوة "اكسبرس" في عين السكة، على خلفية إجباره على إقفال الاكسبرس. وقد تطور الشجار ليشمل عدداً من أبناء الحي الذين تجمعوا لمناصرة بائع الاكسبرس. 
إلى ذلك انتشرت تسجيلات من داخل سجن رومية عن فتك كورونا بالسجناء، وعن وجود سبع حالات لم تعلن إدارة السجن عنها، ونقلت إحداها إلى مستشفى الحريري للعلاج.

كما كانت فرق مكافحة الشغب قد حطمت خيم الاعتصام في بيروت، ما جعل الأمر يبدو وكأن السلطة والحكومة تستغل هذا الوباء، لكمّ أفواه اللبنانيين بعد حجرهم في المنازل، عبر الاكتفاء بالإيعاز إلى بعض البلديات بتوزيع أكياس أرز وسكر على المحتاجين، متناسية أن جائحة كورونا قد تؤدي إلى إفقار جميع اللبنانيين وتجويعهم، بعدما أقفلت المصارف أبوابها أمامهم مانعة عنهم سحب أموال يأمنوا قوتهم. 

تطور إيجابي بالإصابات
وجديد كورونا الإيجابي اليوم، تسجيل تراجع في عدد المصابين في اليوم الواحد، مقارنة بالأيام السابقة. لكن من غير المعروف إذا كان هذا التراجع في عدد المصابين الجدد، مرده عدم إجراء فحصوات إضافية، أم بفعل مكوث اللبنانيين في بيوتهم، لصد الوباء عنهم. فوفق التقرير اليومي لوزارة الصحة ظهر أن "حالات كورونا المثبتة مخبرياً في مستشفى الحريري الجامعي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة، إضافة إلى المختبرات الخاصة، بلغ عددها 412 حالة، أي بزيادة 21 حالة عن يوم الجمعة". لكن سجلت وفاة مريض يعاني من أمراض مزمنة في العقد الثامن من العمر، في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، مما يرفع عدد الوفيات إلى ثمانية". 

طرقات خالية؟
رغم ملاحظة حركة سير نشطة في العاصمة، والإشكاليات المتفرقة التي حصلت، وتجمهر المواطنين فيها، فقد نشر موقع وزارة الإعلام لمتابعة أخبار كورونا أن "المناطق اللبنانية التزمت أمس التزاماً كاملاً بقرار مجلس الوزراء، القاضي بإغلاق كافة المؤسسات التجارية، وبحظر التجول بدءاً من الساعة السابعة مساء، باستثناء وسائل الإعلام والصيدليات والأفران والمؤسسات الصحية. وخلت الشوارع من المارة والمركبات بالتزامن مع انتشار القوى الأمنية ووحدات الجيش في الطرق الرئيسية". 

أسرار كورونا
ونشر موقع الوزارة نفسه أن "الأسرار التي تخبئها جائحة كورونا تتكشف يوماً بعد يوم. ومن بين الدراسات الجارية على الفيروس، كشفت الأبحاث عن نوعين جديدين من فيروس كورونا، قريبين جداً من تركيبة الفيروس الحالي الذي أصاب أكثر من 590000 شخص وأدى إلى ما يناهز 27300 حالة وفاة". 

ونقل الموقع عن مسؤول الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، أنه "لا يمكن توقع المدة التي ستستغرقها هذه الجائحة. والتعايش مع الفيروس حتى يظهر اللقاح المضاد له، هو ما يبدو الأمر الممكن الوحيد حالياً". وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن النقص الشديد في معدّات الوقاية للموظفين الصحيين الذين يواجهون الوباء، يعد بين التهديدات الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى العالم حالياً.

عودة المغتربين
صدرت مواقف عن قوى سياسية عدّة مطالبة بتأمين عودة المغتربين إلى لبنان. وأكد رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان أن "لبنان بجناحيه المقيم والمغترب مبتلى بكورونا". وطالب الحكومة "بوضع خطة عمل طارئة لإعادة من يريد العودة بأسرع وقت ممكن. وهذا يثبت أننا شعب بعيد من الطائفية والمذهبية والحساسيات المختلفة". وأعلن وزير الصناعة عماد حب الله "أن القرار في الحكومة متّخذ لاعادة اللبنانيين العالقين في الخارج، مع المزيد من الاحتياطات". 

وقال الرئيس نبيه برّي: "بلغ السيل الزبى بالتنكر لنصفنا الآخر لا بل للقطاع الاغترابي الذي جعلنا امبراطورية لا تغيب عنها الشمس بالعطاء والفكر وحتى بالعملة الصعبة. وإذا بقيت الحكومة على موقفها من موضوع المغتربين لما بعد الثلاثاء المقبل، فسنعلق تمثيلنا في الحكومة". 

ودعا عضو تكتل "الجمهورية القوية" زياد حواط الحكومة إلى إعادة اللبنانيين الراغبين بالعودة من الخارج، وتأمين الشروط الصحية المطلوبة التي تحول دون نقل فيروس كورونا مع العائدين. ودعا عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب هادي أبو الحسن إلى "خطة علمية واضحة لينقل طيران الشرق الأوسط كل من يرغب بالعودة، مع الأخذ في الاعتبار طرح وليد جنبلاط الذي طالب بتجهيز بعض الفنادق على الخط الساحلي أو قرب المطار، لفحص العائدين والتأكد من سلامتهم".

وتساءل الوزير السابق أشرف ريفي: "كيف تتنكر دولتنا لحق مواطنيها بالعودة ونحن نعلم أنها تسمح لبعض المحظيين بالعودة؟".

وأعلن سمير جعجع في بيان أن موقف الحكومة اللبنانية "حتى الساعة من المغتربين مخزٍ"، مشيراً إلى "عدم وجود بنى تحتية في كثير من دول الانتشار للحد من انتشار كورونا ومعالجة المرضى".

وفي ما يتعلق بمشكلة المغتربين والعالقين خارج لبنان، أُعلن عن تأجيل المؤتمر الصحافي المشترك لوزيري الخارجية ناصيف حتي والصحة حمد حسن. وهو كان مقررا عند الثانية من بعد الظهر اليوم في السرايا الحكومية.

وأعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع في الإمارات عن تسجيل إصابة 5 لبنانيين بكورونا في الأمارات.

الصحة والصناعة الطبية
وأعلن وزير الصحة حمد حسن "أن حالات الوفيات بفيروس كورونا معظمها من كبار السن"، خلال جولته مع النائب إلياس بو صعب على المستشفى اللبناني الكندي في سن الفيل،

ولفت حسن إلى "أن التزام المجتمع بالوقاية متفاوت بين منطقة وأخرى". وقال بو صعب: "لدينا في المتن العدد الأكبر من الإصابات بكورونا وليس لدينا أي مستشفى جاهز لاستقبال الطوارئ. لذا أقدمنا على استئجار تجهيز هذا المستشفى لمدة سنة ليكون مجانياً لجميع المحتاجين".

وأعلن وزير الصناعة عماد حب الله "أن المصانع التي تُنتج الأدوية والغذاء والمواد الأساسية تفتح بكامل طاقتها بدءاً من الإثنين المقبل، في ظل التوجّه للسماح بفتح الصناعات الأخرى في الفترة القريبة المقبلة، مع التشدد بالتزام الإجراءات الوقائية والتدابير الحمائية". وقال: "سنحتاج إلى كميات إضافية من المواد الاستهلاكية الحياتية والضرورية التي تؤمنها المصانع. والمواد الأولية الضرورية مؤمّنة حتى الساعة، وطلبنا من الصناعيين تزويدنا بلائحة احتياجاتهم لتأمين السيولة لهم مع مصرف لبنان ليتمكنوا من شرائها". وأعلن عن تأليف لجنة علمية الأسبوع المقبل للإشراف على مبادرات تصنيع الأجهزة التنفسية الاصطناعية بالتعاون مع رئاسة الحكومة ووزارة الصحة والجامعات.

النازحون والمضمونون
وصلت رسائل نصية إلى النازحين السوريين من مفوضية الأمم المتحدة تطلب منهم البقاء في منازلهم للحد من إنتشار فيروس كورونا، طبقا للقرار الذي فرضته السلطات اللبنانية وحظر التجوال من 7 مساء حتى 5 صباحاً، وأبلغتهم أنها تتكفل بعلاج أي شخص سوري على نفقتها في حال أصيب بالعدوى. واستنكر النازحون عدم تلقيهم أي مساعدات غذائية أو عينية من المفوضية.

ورفع وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة، كتاباً إلى وزير الصحة حمد حسن أرفقه بجدول يبين أسماء شركات التأمين وتفاصيل التغطيات التي تؤمنها لعملائها المضمونين، وطلب منه تعميمها على المستشفيات كافة، والتزامهم "استقبال المضمونين المصابين بكورونا، من دون تأخر. وإحالة ملفات المصابين المضمونين التي ترفض شركات التأمين تغطيتهم الى لجنة مراقبة هيئات الضمان". مع التنويه بأن عقود ضمان العمال الأجانب تضمن تغطية كورونا لغاية سقف يبلغ خمسة وثلاثين مليون ليرة لبنانية.

حال المناطق
اجتمعت خلية أزمة عكار المؤلفة من نواب عكار السبعة، ونقابات ورجال دين ورؤساء اتحادات البلديات، والدفاع المدني، فبحثوا في تجهيز المستشفى الحكومي الوحيد في محافظة عكار، وفي فتح باب التبرعات لدعم تجهيز المستشفى وما أمكن من الحالات الاجتماعية الصعبة. 

وأصدر محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي، سلسلة قرارات قضى بعضها بإقفال مخابز وفروع حلويات وخلاطة علف دواجن لحين استيفائها الشروط الصحية، وتوفير سبل الحماية للعاملين فيها.
وطلب من قيادة درك منطقة جبل لبنان "وقف العمل بالمزاد العلني لسوق السمك في منطقة الأوزاعي وإقفال الكافتيريا فيه".

من جهته أكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن عز الدين، أن "الخطة التي وضعها حزب الله لمواجهة أزمة فيروس كورونا، تهدف لحماية كل الناس على كل الأراضي اللبنانية، بما فيهم أهلنا الصامدون في مخيمات الشتات الفلسطينية".

اتحاد النقل البري
حمّل اتحادات النقل البري الحكومة مسؤولية عدم التعاطي بجدية مع السائقين العموميين والتعويض عن الضرر اللاحق بهم نتيجة استمرار قرار الحجر المنزلي. وأكد أن السائقين سيصعدون تحركهم إذا لم يبت في هذا الملف الثلاثاء المقبل.

وعقدت اتحادات ونقابات النقل البري اجتماعاً في مقر الاتحاد العمالي العام، وأعلن رئيسها بسام طليس أن "الاتحادات أمهلت الحكومة. وقطاع النقل البري كغيره من القطاعات المنتجة، وله دوره في العجلة الاقتصادية. وهناك 50 ألف عائلة تعتاش من هذا القطاع المنتج. واذا عمل السائق يؤمن قوت عائلته، وعندما لا يعمل لا يمكنه تأمين حاجاته. لذلك الحكومة مسؤولة عنه كما هي مسؤولة عن تأمين رواتب العاملين لديها في نهاية الشهر وهم قابعين في منازلهم بينما السائقين لا مدخول لهم إذا لم يعملوا".

وأسف طليس لتعاطي الحكومة مع السائقين و"اعتبارهم الأكثر فقراً ليعتاشوا على كرتونة تحتوي مواد غذائية". وتوجه إلى السائقين قائلاً: "لا تقبلوا الإعاشات لانها إذلال لكم". وتحدث رئيس نقابة أصحاب الشاحنات شفيق القسيس فأكد "ضرورة مساعدة الشاحنات المتوقفة على الحدود التركية العراقية بالسرعة اللازمة". ودعا رئيس اتحاد السائقين العموميين عبد الامير نجدة الدولة إلى توفير "مساعدات وتأمين فرق سعر البنزين وإلا الإضراب والتظاهر".
وأكد نائب رئيس اتحاد النقل البري في الشمال شادي السيد، أن "اللامبالاة الحكومية ستقابل بالتصعيد الكامل وقطع الطرق والاعتصامات".

الفقر 60 في المئة
دعا رئيس تكتل "نواب بعلبك - الهرمل" النائب حسين الحاج حسن الحكومة إلى "تقديم المساعدات المالية للأسر الفقيرة والمياومين والعائلات، التي توقفت عن العمل، وليس فقط تقديم مساعدات عينية، لأنها لا تكفي، في ظل استمرار حال التعبئة العامة".

وأشار في حديث إعلامي إلى أن "نسبة الفقر في لبنان قبل الأزمة الاقتصادية كانت في حدود 40 في المئة، أما اليوم فقد بلغت حدود 60 في المئة. وأزمة كورونا فاقمت التحدي المعيشي". ودعا الحكومة إلى "تفادي الضرر الذي يمكن أن يلحق بالمساجين والموقوفين والعاملين في السجون جراء كورونا، واتخاذ قرارات تسريع إخلاءات السبيل، والبت في اقتراح قانون العفو المدرج على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي، وإلا قد تتجه الأمور نحو الكارثة".

الوضع التربوي
رحب اتحاد هيئات لجان الاهل في المدارس الخاصة بتجربة التعليم عن بعد التي اعتمدتها وزارة التربية والمدارس الخاصة. أما في ما يتعلق بالامتحانات الرسمية، فرأى الاتحاد "وجوب الفصل بين الشهادة الثانوية والشهادة المتوسطة، وإمكان الاستغناء عن المتوسطة من دون تعريض مستقبل الطلاب إلى تحديات تعليمية". وطلب من وزير التربية "إصدار قرار في إمكان إلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة والاكتفاء بالعلامات المدرسية. ودرس إجراء الامتحانات الرسمية للثانوية العامة لأهميتها في تحديد مستقبل الطلاب".

وأشار الاتحاد إلى عدم قدرة عدد كبير من الأهالي على تسديد القسط المدرسي، محذرا من "اللجوء الى الضغط عليهم لدفعه ما يزيد الأوضاع سوءا". ودعى المقتدرين من أهالي الطلاب الى "السداد للمساعدة في تمكين المؤسسة التعليمية من الاستمرار في عملها".

ورشة السرايا
نُظمت يوم السبت ورشة وزارية مطوّلة تناولت آليات العمل الحكومي والوزاري. وكانت هناك فرصة للتداول بآخر التطورات المتعلّقة بوباء كورونا في لبنان، ومسار تطبيق الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة في هذا الصدد، استناداً إلى حالة التعبئة العامة المُعلنة، والتي تمّ تمديدها حتى 12 نيسان المُقبل. كما تمّ التداول في كيفية مساعدة اللبنانيين في الداخل والخارج، سواءً على مستوى المساعدات الاجتماعية التي ستقدّمها الحكومة، أو على مستوى الطلاب والمغتربين الذين يرغبون بالعودة إلى لبنان.

كما تمّ البحث في قضية اللبنانيين في الخارج الراغبين بالعودة إلى لبنان، فكان تأكيد من رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسّان دياب على أنه والحكومة مع عودة كل من يرغب إلى الوطن، خصوصاً بعدما ثبُت أن الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة اكتسبت ثقة داخلية وخارجية، وأثبتت فعاليتها.
وكرّر رئيس الحكومة موقفه السابق بتأكيده على العودة الآمنة للراغبين، خصوصاً أن وزير الصحة العامة مع لجنة الطوارىء يحضّرون آلية مناسبة لعودة آمنة من خلال إجراء الفحوصات اللازمة عندما تتأمّن الأجهزة والمواد المطلوبة.
كما تم التأكيد على أن هناك مسؤولية وطنية على الحكومة بأن تحمي اللبنانيين داخل لبنان من انتشار الوباء، وأيضاً أن تحمي اللبنانين المغتربين وتحتضنهم وفق معايير تحميهم وتحمي عائلاتهم ومجتمعاتهم وعودتهم الآمنة.