السلطة فرّقتنا الثورة وحّدتنا.. طرابلس جمعتنا

جنى الدهيبي
الأحد   2020/02/02
توافدوا إلى ساحة النور من مختلف المناطق اللبنانية (المدن)

استطاعت طرابلس يوم السبت، أي في اليوم الثامن بعد المئة من الثورة، أن تستعيد إلى حدٍّ ما نبض ثورتها، وأن تسترجع دورها في استقطاب الثائرين والثائرات، الذين توافدوا إليها من مختلف المناطق اللبنانية. ومرّة جديدة، ظهرتْ عاصمة الشمال في هيئة "الملهمة" للثورة، وهو ما عبّر عنه ثوار الجنوب والبقاع والجبل والذوق وجلّ الديب وبيروت أيضًا.

لا مهادنة
عند الثالثة ظهرًا، كانت نقطة تجمع الثوار الوافدين بمئات الباصات والسيارات في وسط "ساحة النور"، تحت شعار "عروس الثورة زفوها" و"القادمين من أجل دعمها والتأكيد على وحدة الصفّ الثوري والإصرار على تحقيق المطالب". وقبل انطلاق المسيرة، ألقى بعض الثوار الكلمات وأطلقوا الشعارات الداعمة لكلّ موقوفي "17 تشرين"، مشددين أنّ لا مهادنة مع السلطة والمصارف التي تستمر بسياسة نهبها وفسادها. ومن الشعارات التي رددوها: "لا ثقة بحكومة التكنو محاصصة"، "أنتو دولة جميل السيد" و"أنتو دولة رستم غزالي".. بعدها، جاب الثوار شوارع المدينة، في تظاهرة حاشدة اجتازت الشوارع الرئيسة والفرعية والأسواق الداخلية والوسط التجاري، مرورًا بساحة التل وطريق عزمي وشارع نديم الجسر، ثم العودة إلى ساحة النور، من أجل تنفيذ التجمّع المركزي.

نساءً ورجالًا وشبانًا ونقابيين مشوا في التظاهرة الكبيرة، رفعوا الأعلام اللبنانية وحملوا يافطات شعاراتهم ضدّ السلطة ونظامها وطبقتها الحاكمة. كما حرص عشرات الثوار الوافدين على رفع يافطةٍ كتبوا عليها: "مع طرابلس إيد بإيد". يمشي مالك كوكاش مع رفاق الثورة من جلّ الديب، ومسقط رأسه في الجبل، يقول لـ"المدن": "جئت إلى طرابلس لأجدد الوعد مع أهلها، وحتّى نعاود السير سويًا يدًا بيد على طريق ثورتنا الطويل، وستبقى هذه المدينة دائمًا هي قبلة الثورة وأصلها، مهما تآمروا عليها وشوهوا سمعتها".

كذلك عمر أزعون، جاء مع مئات الشباب والشابات من البقاع، وأكد أنّ الثورة لم تتوقف ولم تنته بعد، و"إنّما أردنا إعادة إطلاق زخمها من عاصمة الشمال التي أوجعت السلطة في ثورتها"، ويقول: "لم تحقق هذه السلطة شيئًا من مطالبنا، لا بل استمرت في منطق المحاصصة والفساد، وقابلت الثّوار بالعنف والقمع، وهذا لن نسمح لهم به أبدًا".



نداء الساحات
عند مفترق ساحة التلّ، كانت السيدة زكيا، وهي مقعدة على كرسيّها، تشير أنّها جاءت من البقاع إلى طرابلس حتّى تسترجع آمالًا كادت تفقدها، وتشدد على إيمانها بانتصار الشعب في هزيمة السلطة، "ولو بعد حين، لأنّ قضيتنا هي قضية حقّ مهما حاولوا تشويها"

أمّا الشابة ديالا، فقد جاءت من الذوق مع رفاقها، وتؤكد أنّ اللبنانيين لن يغادروا الساحات، وأنّ غضبهم يزداد يومًا بعد آخر، نتيجة الإفلاس والضغط الاقتصاد والغلاء والظلم والقمع. فـ"نحن مهمتنا أن نلبي نداء جميع الساحات، من الشمال إلى الجنوب، لأننا في مواجهة صعبة مع سلطة بلغت وقاحة تاريخية ليست معهودة في كلّ الأمم والبلاد". السيدة هنادي، جاءت من رأس بيروت إلى طرابلس لتقول: "لم أعد أحتمل غربة أولادي، ومشهد تفقير اللبنانيين وتجويعهم وإذلالهم في المصارف وكلّ المرافق، كأننا نواجه حملة تهجير ممنهج، حتّى يبقى بلدنا للصوص، ثمّ يسـألون عن سبب غضبنا، وعن مطالبنا، فيما نحن محرومين من أبسط حقوقنا الإنسانية حتّى نعيش بكرامة".

في إحدى جوانب الساحة، تقف رنا بركة، وهي من طرابلس، وتعبّر عن غبطتها الكبيرة وهي تشاهد أبناء جميع المناطق يقصدون طرابلس للتعبير عن ثورتهم، "كأنّ هذه المدينة هي عاصمة الثورة، وفيها يخلع اللبنانيون أثواب الطائفية والمناطقية وكلّ أوجه التفرقة".

ليلًا، تجمهر الثوار في "ساحة النور" استكمالًا لنشاطهم في الشارع، ورفعوا شعار "السلطة فرقتنا، الثورة وحدتنا - طرابلس جمعتنا".