العام الدراسي بلا زجاج ولا جدران: التعليم تحت المطر

وليد حسين
الثلاثاء   2020/10/06
أيام قليلة ويبدأ التدريس.. والترميم لم يبدأ بعد (Getty)
بعد أقل من عشرة أيام يبدأ العام الدراسي في المدارس الرسمية، ولم تبدأ عمليات إصلاح أو ترميم المدارس التي تضررت في انفجار مرفأ بيروت. وما زالت وزارة التربية تتخبط ولا تعرف ماذا تفعل. وكل أسبوع تقول إن عملية الإصلاح ستبدأ هذا الأسبوع، رغم مرور أكثر من شهرين على انفجار مرفأ بيروت، وتقديم الجهات المانحة أموال إعادة الإعمار، عبر منظمات اليونيسف واليونيسكو، فضلاً عن الهبة القطرية لترميم جميع المدارس المتضررة، والمقدرة بنحو 9 ملايين دولار. 

تخبط في الوزارة
وفي جديد هذا الملف، أكد مدراء في المدارس أن الوزارة طلبت منهم عدم لمس أي شيء وترك الردم والحطام على حاله، لأنها ستقوم هي بورشة التنظيفات والإصلاح. لكنهم تفاجأوا الأسبوع الفائت بالطلب منهم رفع الأضرار وإجراء الإصلاحات على نفقة صناديق المدرسة، وتقديم الفواتير إلى الوزارة لقبضها. علماً أن وزارة التربية عملت على جمع التبرعات والهبات لإعادة إعمار المدارس بعد وقوع الانفجار، ووعد وزير التربية منذ أكثر من شهر بانتهاء الإصلاحات من المدراس التي تضررت، قبل بدء العام الدراسي الذي كان مقرراً في 28 أيلول المنصرم.

لكن هذا القرار الجديد، الذي أكدته أكثر من جهة في المدارس المتضررة، يشير إلى وجود تخبط ما في الوزارة يحول دون ترميم وإصلاح المدارس. 

وتعليقاً على هذا القرار الغريب العجيب، قال أحد الموظفين في ثانوية لور مغيزل للبنات، أن صندوق المدرسة يوجد فيه نحو مليوني ليرة، التي لم تعد تكفي حتى لإصلاح أكثر من باب واحد. علماً أن المدرسة طالتها أضرار بالغة، وتحولت أبوابها وشبابيكها الخارجية والداخلية إلى حطام. وحدثت تشققات في الجدران أيضاً. 

طبعاً، مسؤولة قسم الهندسة في الوزارة مايا سماحة نفت لـ"المدن" أن تكون الوزارة أوعزت للمدراء بدء الترميم على حساب صناديق المدارس. بل على العكس، أبلغتهم بأنه عليهم الانتظار كي تأتي الأموال، خصوصاً أن الوزارة تعرف أن العديد من المدارس صناديقها لا تكفي لأي إصلاحات. 

وأكدت سماحة أن المدراء والأهل على حق في قلقهم، لأن العام الدراسي سيبدأ بعد أيام قليلة. لكن المسألة لا تحصل "بكبسة زر"، لأنها بحاجة لمهندسين لإجراء الدراسات وتلزيم متعهدين وفق دفاتر شروط واضحة. وهذه الأمور تحتاج إلى وقت. 

وأضافت سماحة أن عملية الترميم والإصلاح لم تبدأ، في انتظار الانتهاء من الدراسات ليصار بعدها إلى تلزيم المتعهدين. 

سلحفاة مجلس الإعمار
يهزأ أحد العاملين في ثانوية لور مغيزل للبنات من فكرة بدء الترميم في الأسبوع المقبل. فمنذ انفجار بيروت وهم يقولون هذه العبارة، ولم تبدأ الإصلاحات بعد، كما قال. علماً أن هذه المدرسة تعتبر أكبر مدرسة رسمية في منطقة الأشرفية ولحقتها أضرار بليغة. وبدأ الأساتذة بالحضور إليها لإنجاز المهمات الإدارية، التي على ما يقولون ستطول. أما في حال تقرر إحضار التلامذة، فهذا يعني أن الإدارة ستكون مضطرة لشراء النايلون لإقفال الشبابيك، كي يتجنب الطلاب المطر، في حال تقرر المضي بالتعليم المدمج. 

يعبّر العاملون في المدرسة عن سخريتهم من عدم إمكانية إقدام الوزارة على إصلاح حتى باب واحد في المدرسة، مؤكدين أنهم لا يعلمون أي شيء عن موعد بدء الإصلاحات. وأعطى أحدهم مثلاً عن بطء السير في المعاملات الإدارية في إدارات الدولة. وروى أن الأسبوع الفائت حضر وفد من مجلس الإنماء والأعمار إلى المدرسة، وعندما استفسر المتواجدون هناك منهم عن موعد بدء الإصلاح، ظناً منهم أن الوفد أتى للكشف على الأضرار تمهيدا لإصلاحها، كان جواب الوفد: نحن هنا للكشف على الإصلاحات التي نفذها المتعهد السنة الفائتة تمهيداً لصرف مستحقاته. وشرح أن المدرسة خضعت لورشة تصليحات وترميم لسنة ونصف وانتهت في الصيف قبل وقوع الانفجار. وأتى وفد "المجلس" للكشف على أعمال المتعهد بعد أن صارت المدرسة حطاماً!

ثانوية جبران تويني
حال ثانوية ومتوسطة جبران تويني الأشرفية لا يختلف عن باقي المدارس المتضررة، رغم أن قضيتها عالقة بين لجنة الأهل ومالك المبنى ووزارة التربية. فقد لحقتها أضرار جراء الانفجار ولم يتم إصلاحها. لكن الوزارة تريد نقل المدرسة إلى مبنى سلمى الصايغ، مستغلة تحطم الزجاج وبعض الأبواب، خدمة لمالكي البرج الكبير الذي شيد بجانب المدرسة، كما يقول أهالي الطلاب في لجنة الأهل.

ووفقهم، استغل "بعض المتنفذين" الانفجار لتسريع نقل المدرسة والتخلص منها، لصالح البرج الذي يتسع لنحو عشرين طابقاً تحت الأرض ونحو خمسين طابقاً فوق الأرض. وما انتهاء عقد الايجار إلا حجة، لأنه انتهى في العام 2015 ولم يجدد، ولم تدفع الوزارة الإيجار للمالك. فما الداعي لنقلها الآن غير بيع المالك المبنى لأصحاب البرج والتخلص من الازعاج الذي تشكله المدرسة؟ يسأل أهالي الطلاب. 

كما أنهم يعترضون على نقلهم إلى مبنى سلمى الصايغ، لأنه ضيق جداً، وبحاجة لترميم وغير صالح للتدريس، ويحتاج لسنوات لإعادة ترميمه.

من ناحيتها انتقدت سماحة ما يردده الأهل من حجج لعدم الانتقال إلى مبنى سلمى الصايغ، مؤكدة أن الموضوع عالق بين المالك والمستأجر، وما ستقرره الوزارة مع لجنة الأهل. وقالت إن هذه المدرسة تحتاج إلى ترميم، لكنها عندما ترمم ستصبح من أجمل المدارس، ساخرة من الأهالي الذين تعودوا على "البردخة" بالمساحات الشاسعة، ولا يقبلون بالانتقال إلى مبنى أصغر. ولم تشرح متى ينتهي ترميم هذه المدرسة رغم أن العام الدراسي سيبدأ بعد أقل من عشرة أيام، في وقت أن إصلاح زجاج ممكسور في أغلب المدارس التي تضررت لم يبدأ بعد!