"خنفساء الأرض" تتكاثر وتجتاح قرى بقاعية

لوسي بارسخيان
الإثنين   2019/04/29
رغم شبهها بالصراصير إلا أنها مفيدة للطبيعة ولا يجب مكافحتها (لوسي بارسخيان)

سادت بلدتي "ينطا" و"جب جنين" في البقاع الغربي، حالتا "قرف" و"ارتياب"، إثر اجتياحهما بأعداد كبيرة من الحشرات المعروفة بـ"خنفساء الأرض"، التي شبهها الكثيرون بالصراصير. وصارت شغل الناس الشاغل، بحثا عن طرق مكافحتها، ومنعها من اقتحام منازلهم.

فبعد أن تداول أهالي "ينطا" صور أعداد هذه "الخنفساء"، عبر وسائل التواصل الاجتماعي مساء الجمعة، يبدو أن عدواها انتقلت في اليوم التالي إلى جب جنين، على رغم المسافات المتباعدة بين البلدتين، والتفاوت الكبير في ارتفاعهما.

تضخيم الروايات
صباح الأحد، بدا الأهالي في البلدة منشغلين بإزالة العشرات من هذه الحشرات النافقة من أمام منازلهم. بعضها قضى تحت إطارات السيارات، وبعضها الآخر كوفح بطرق الرش التقليدية. لتصبح كثرتها حديث أبناء البلدة، الذين عمد بعضهم إلى تضخيم الروايات عن حجمها ومخاطرها، رابطين بين هذه الظاهرة وظاهرة الفراشات المهاجرة، التي كانت قد عبرت أسرابها أراضي البقاع قبل أسابيع، ومعللين ظهورها بالظروف المناخية، التي حملت الثلوج في الأسبوع الماضي، والتي يقولون أنها أعاقت طريق الجراد الذي كان متجها من سوريا، ليحل مكانها ما سموه بـ"الصراصير".

إلا أن كل هذه الاعتقادات، لا تستقيم من الناحية العلمية. فعلى رغم المشهد المقرف لهذه "الخنفساء السوداء"، يبدو أن وجودها مفيد للطبيعة، وذلك وفقاً لشرح المهندسة الزراعية زينيت موسى، التي كانت من خلال مهماتها في مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، قد أجرت دراسة على أنواعها المشابهة، إثر ظهورها في حماه. وتوصلت حولها إلى الاستنتاجات التالية التي شرحتها لـ"المدن".

شرح علمي
هي أولاً ليست صراصير، بل اسمها العلمي calisoma ، وفصيلتها inquisitor. وهي فصيلة من الحشرات "المفيدة"، سواء في طورها اليرقي أو عند بلوغها. تشبه الصرصور، ولكنها تملك قدرة الطيران، وتسلق الأشجار. وهي تنفث رائحة كريهة إذا كانت في حالة دفاعية.

 كانت الـ calosoma في ثبات خلال فصل الشتاء، أدخلها في مرحلة النمو، لتخرج من مخابئها مع ارتفاع درجات الحرارة، جائعة. وعليه فهي قد تبقى مستوطنة في الطبيعة، إلى ما بعد شهر حزيران، إذا استمر الطقس معتدلا بدرجات حرارته.

ولا صحة لما يقال عن قدوم هذه "الخنفساء" من سوريا، كونها ليست من فصيلة الحشرات المهاجرة، كالفراشات التي شاهدناها قبل أسابيع. أما كمياتها الكبيرة المفاجئة، فمرتبطة بتوفر العوامل المناخية، وبمقدار التغذية الذي حصلت عليه في الصيف والخريف الماضيين، والذي سمح بإباضتها بشكل كبير.

لا ارتباط بين ظهور "الخنفساء" وعبور الفراشات المهاجرة قبل أسابيع، لأنها لو كانت تتغذى من يرقات الفراشات، فإن تلك لم تكن فترة تكاثرها.

انتقال هذه الحشرات من مكان إلى آخر محدود جدا، كونها لا تنتقل بأسراب، إنما تلجأ إلى ذلك عندما يتكاثر عددها بشكل كبير. فيغادر الجيل القديم إلى أماكن أخرى، من دون أن يسافر لمسافات طويلة، ويتركه مكانه للجيل الجديد.

ظهور الـ calosoma في الليل خصوصاً، مرتبط بكونها حشرات ليلية، تنجذب للضوء بشكل أساسي. أما إذا أراد الناس إبعادها عن منازلهم، فما عليهم إلا إطفاء مصابيحها الخارجية.

مشهد هذه الحشرات لا شك أنه "مقزز"، ولكن النصيحة التي توجهها موسى هي بعدم مكافحتها، لأنها على رغم مشهدها "المقرف" هي مفيدة جداً للطبيعة.