طريق ترشيش تنهار كأن زلزالاً ضربها

لوسي بارسخيان
الثلاثاء   2019/03/19
بدا صعباً أن تتهم خيرات الطبيعة وحدها بتخريب الطريق (لوسي بارسخيان)

استنزفت طريق ضهور زحلة – ترشيش، التي تربط البقاع بمنطقة المتن، كامل قدرتها على الصمود في وجه العواصف، التي شهدها لبنان هذا العام، فانهار جزء منها أمام آخر هذه العواصف مساء السبت، متسبباً بإقفال الطريق كلياً أمام العابرين، الذين كانت القوى الأمنية قد حذرتهم من متابعة سيرهم في الليلة السابقة، حفاظا على سلامتهم.

انهيارات متتالية
بدءاً من مساء الأحد، بدأ أهالي زحلة والبقاع يتلقون رسائل تحذيرية عبر هواتفهم، تتحدث عن شقوق مفاجئة ظهرت على الطريق، ما جعل عبورها بغاية الخطورة. وفيما أفيد أن محافظ البقاع أجرى اتصالاته بوزارة الأشغال، من أجل الإسراع في توجيه ورش الصيانة، تحرك فريق فني مع مهندسين باتجاه منطقة الإنهيارات، ليفاجأوا بعد أن قاموا بجرف الطريق، سعياً لإبقائها في مستوى واحد، يسمح باستمرار عبورها مؤقتا، بإنهيارات جديدة بدأت من المنطقة الجبلية الملاصقة لها، واختفت معها معالم طريق ترابية، كان يسلكها هواة سيارات الدفع الرباعي، وتحولت الى مهوار كبير.

على مساحة نحو مئة متر، بدت الطريق وكأنها قد أصيبت بزلزال، فاختفت معالمها، وتهاوت عليها أعمدة الإنارة العامة وحيطان الدعم، حيث شطرت أحد التشققات الطريق إلى قسمين متفاوتي الارتفاع.

ومع توجه الصحافيين صبيحة الإثنين إلى منطقة الانهيارات، طلب منهم التقاط الصور ومغادرة المكان فوراً، لظهور مؤشرات انزلاق إضافية في المكان. فيما أوضح مهندس الشركة المتعهدة الذي باشر بالكشف على الأضرار، أن تحديد حجم الضرر النهائي، مع المعالجات الممكنة، لن يتم إلا بعد أن تتوقف الانزلاقات بشكل طبيعي. وحينها فقط، يمكن الانطلاق بورشة التأهيل التي ستتطلب زرع دعائم إضافية في بنيتها التحتية ، متحدثا عن ورشة كبيرة قد تستغرق أكثر من شهرين حتى يعاد فتح الطريق مجددا.

مسؤولية المرامل أيضاً
وإذا كان تساقط الأمطار والثلوج في مرتفعات ضهور زحلة أمر اعتيادي، فبدا صعباً بالمقابل أن تتهم خيرات الطبيعة وحدها، بالأضرار الجسيمة التي لحقت بالطريق، حتى لو كانت المنطقة معرضة بطيبيعتها لانزلاقات دائمة، أحدها على بعد أمتار قليلة، ظهر بشكل أقل خطورة في العام الماضي، وجرى تأهيله بالسرعة اللازمة. وهنا تحدث أحد الفنيين الذين حضروا من قبل وزارة الأشغال عن عوامل خارجية، ربما تكون قد فاقمت من الأضرار التي يمكن أن يتسبب بها تشبع التربة بالمياه، لافتا إلى خطورة المرامل المحيطة بهذه الطريق، والتي تتسبب في أحيان كثيرة بتفريغ الأراضي من دعاماتها الطبيعية.

من على شرفة الطريق التي انهارت، ظهرت ورشة تقوم بتفريغ الأتربة، ذكر أنها "مرملة" تخفت وراء لافتة تتحدث عن مشروع للتشجير، باسم أحد الأديرة الدينية. وحسب شرح أحد المهندسين، فإن الحفريات القائمة في هذه المرملة، التي تقع مباشرة تحت الطريق، ربما تكون قد فرغت الأرض من الأتربة، التي تقف كسد يمنع الانهيارات الكبيرة في الجبال المحيطة، فجاءت الأمطار والثلوج المتلاحقة لتصيب أساساته بتصدعات. وبانتظار استكمال التحقيقات والدراسات، التي يمكن أن توضح حقيقة ما حصل، وإمكانية تدارك تكراره في المستقبل، يمكن القول بأن انهيار الطريق قلص الخيارات أمام البقاعيين، الذين كانوا يسلكون الطريق عادة هربا من "المعاناة" المستمرة على طريق ضهر البيدر، إلى أن تجد وزارة الأشغال البديل المؤقت عنها كما وعدت.