صابرين عبد الخالق مثال العونية كلها: السياسة جنون وهيستيريا

لوسي بارسخيان
الجمعة   2019/12/06
ليس من تاريخ نضالي لهذه السيدة سوى تقربها من جبران باسيل (الإنترنت)
في آخر تجمع لعونيين على الطريق إلى القصر الجمهوري في بعبدا، نهار الأحد 1 كانون الثاني الجاري، وقطعهم طريق المتظاهرين المحتجين على تأخر رئيس الجمهورية في إجراء الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، واعتدائهم عليهم، رفع العونيون الغاضبون  عمادهم ومؤسس حركتهم من مرتبة القديس المخلص إلى مرتية الألوهة الكاملة. وهذا ما لم يفعله بعدُ أشياع الأمين العام لحزب الله، في أحلك ظروفهم وأقساها.

أما أشياع العونية في أيام الانتفاضة أو الثورة اللبنانية على أركان المنظومة السياسية منذ 17 تشرين الأول الماضي، فقد بلغ إيمانهم بقائد مسيرتهم إلى السلطة والرئاسة والتصدر أدنى مستوياته. وهذا ما حملهم على تفجير سخطهم عنيفاً، فرفعوا مخلصهم القديم إلى مصاف الألوهة.

عون الأسدي
فمساء الأحد الماضي، وفي الطريق إلى قصر بعبدا، تفوّقت القيادية في التيار العوني صابرين عبد الخالق، في كلامها على اللافتات التي حملها العونيون وكتبوا عليها درراً تبجل رئيسهم وصهره. قالت عبد الخالق إن ميشال عون وصهره ووريث تياره جبران باسيل، مكانهما على يمين عرش الله ويساره، وهي وسائر العونيين وخلق الله سادرون في الأرض. وكان أحد الزجالين اللبنانين قد ذهب مرة هذا المذهب، فقال في حضرة ديكتاتور سوريا حافظ الأسد: "أسد والناس تحتك عدد".

وكان أحد العونيين قد ربط  مقدرة قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في الوصول إلى رئاسة الجمهورية بمقدرته على أن يجعل زوجته النائب ستريدا، تحمل وتنجِب. إنها البذاءة الذكورية المنحطّة جواب الهستيريا العونية التي أفقدت ذلك النصير العوني رشده، وأخرجت منه إلى العلن دُرر الكلام.

أما صابرين عبد الخالق فلا شك في أنها ليست مجرد مناصرة عادية في التيار، كما ذكرت محطة  OTV. فهي تشغل موقع مسؤولة في التيار، ومن مسؤولياتها "التواصل مع الجهات المانحة والمجتمع الدولي" في اللجنة المركزية للبلديات في التيار العوني. وظهرت على شاشة المنار ناطقة باسمه. وتحدثت عن استراتيجيات التيار في مواجهة إغلاق الطرق الذي قام به المنتفضون على المنظومة السياسية الحاكمة في لبنان.

انتشرت السخرية من كلام صابرين على مواقع التواصل الاجتماعي

من هي صابرين عبد الخالق؟
انتسبت صابرين إلى التيار سنة 2013، واكتشف مقدمو التيار مواهبها سريعًا: الانفعالية الغاضبة، ونزعتها الدائمة للمزايدة. وقد يكون هذا ما قربها من "البلاط"  لتتسلق سريعًا سلم المسؤوليات.

حسب مصادر، بدأت صابرين  تتردد على مكاتب التيار قبل انتسابها إليه بقليل. وفي عزّ الانقسام السياسي والمذهبي الذي رسخته قوى 8 آذار، وصولاً إلى غزوتها في 7 أيار، وجد فيها البعض مدخلاً لاقتحام مجتمعات سنّية مغلقة كمجدل عنجر في البقاع، مسقطها. وذلك من خلال  خطاب مغلف بدعوة إلى نبذ التفرقة والاقتتال المذهبي. وهذا ما برعت به صابرين، كإبنة لإحدى أكبر العائلات في البلدة البقاعية.

لكن  شخصية صابرين الملتبسة في بلدتها، صعّبت المهمة على العونيين، فصارت رمزاً للتصويب عليه في الانتخابات النيابية الأخيرة. وهكذا ساقتها أحقادها إلى  الطريق المؤدية إلى بعبدا يوم الأحد الفائت. فحولت تلك الأحقاد إلى حال صوفية كلامية في عبادة الزعيم. لكنها قلبت تلك المناسبة - الفرصة لحزبها إلى "جرصة" أو فضيحة، حملت المركز الكاثوليكي للإعلام على الاستهجان الذي رد رداً عنيفاً رافضاً تطاولها على الذات الإلهية وتأليه البشر.

وبعد فعلتها أقفلت صابرين هاتفها الذي عُمِّم رقمه على صفحات التواصل الاجتماعي، كي يتسنى لمن يريد "إيصال رسالته إليها والرد عليها مباشرة وشخصياً"، على ما ذكر معممو رقمها. وعليه لم نتمكن من التأكد من صحة بيان نسب إليها عبر صفحات التواصل الاجتماعي تعتذر فيه إلى الشعب اللبناني والمسيحيين خصوصاً، مؤكدة أن المقصود من كلامها لم يكن شتم "العزة الإلهية"، بل أرادت إيصال فكرة "أنها تعشق رئيس الجمورية بعد الله"، مبررة ما قالته بعدم تعمقها كمسلمة بالإيمان المسيحي.

ولكن ما الذي حمل صابرين على قول ما قالته، وتبريره بعشقها الإلهي لرئيس الجمهورية ميشال عون؟!

ليس من تاريخ نضالي لهذه السيدة، يسمح بالحديث عن تصوفها النضالي العوني في مواجهة الجيش السوري الأسدي إبان سيطرته على لبنان. لكنها عرفت منذ نعومة أظفارها تسلق الأحداث والمناسبات التي نقلتها من منزل والديها في مجدل عنجر، إلى سكن خاص في الرابية.

كصحافيين تعرفنا إليها أولاً ناشطة في المجال الاجتماعي، ورافعة شعارات نبذ التفرقة بين اللبنانيين. نظمت نشاطات "مدنية" داعية إلى "العيش المشترك" في قرى بقاعية. ثم حاولت إقحام صحافيين في حياتها الشخصية، على نحو كاد يتسبب مرة بقيام والد صديقها بضربهم.  

وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، كشف كلام صابرين الأخير في بعبدا، أعداد مبغضيها من توجهات سياسية مختلفة. منهم من اتهمها بالنصب على الناس، ومنهم من سألها عن مصدر شهادة الدكتوراة التي "تدعي" حصولها عليها.

التفاهة – المأساة
لكن الأشد قسوة عليها - إلى جانب تبرؤ عائلة عبد الخالق في مجدل عنجر منها - هو نبذ والدها ابرهيم عبد الخالق لها وتبرؤه منها في فيديو مصور، قال فيه أنه "تبرأ منها إلى يوم القيامة"، بسبب أعمالها، وعلى ما نطقت به من كلام. وتوجه إليها مباشرة  قائلاً: "يا ست صابرين سأقول لك كلمتين، سددي ديونك أولاً، وأولها لي. وأطلب منك يا ست صابرين، أن تعي ما تقولينه عندما تتكلمين،  وتعرفي أن خلفك عائلة عريقة ومن خيرة الأوادم". وأضاف "لتسمع مجدل عنجر هذا الكلام وكل العالم، أنا يا ست صابرين أتبرأ منك والعائلة تبرأت منك إلى يوم القيامة، ولا مكان لك في مجدل عنجر".

ليست المرة الأولى التي تثير فيها هذه السيدة الجدل في بلدتها مجدل عنجر. وقد يعود بعض ذلك إلى أسباب طائفية، تسهل تنمّر أبناء جلدتها عليها واضطهادها، لمجرد أن موقفها يشذ عن الأكثرية. ولكن صابرين في المقابل فشلت في كسب تعاطف رفاقها العونيين الذين تُزايد في النطق باسمهم.

أما العونيون القدامى فجعلوها مثالاً للحزب الذي لم يعد حزبهم الذي ناضلوا في صفوفه في عهد الاحتلال السوري. وجعلوها أيضاً الصورة الصادقة عن رئيسه الحالي، صهر القصر الرئاسي، جبران باسيل، الذي  يفصل ويعاقب عونيين مخضرمين مسلكياً، إذا ساءلوا  القيادة على أدائها. فيما صابرين وأمثالها يحتلون المنابر لينطقوا بلسان العونية - الباسيلية التي باتت تشبه في أدائها "فرعاً شفهياً" لـ"بلطجية حركة أمل" التي لطالما أعابها العونيون ورئيسهم الجديد، الذي ورث النبوة والألوهة في قصر بعبدا الرئاسي.

تأليه البذاءة
وفي الختام لا بد من التذكير ببهتان شعارات العونية – الباسيلية التي فجرها أنصارها أخيراً في الشوارع، رداً على الانتفاضة التي حاصرت المنظومة السياسية اللبنانية، وكادت تخرسها. فمن عبارة "مبسوطاععع" التي أطلقتها العونية جيهان خوري بعد انتخاب عون رئيساً للجمهورية، إلى تلك المرأة التي حملت على طريق قصر بعبدا لافتة كتبت عليها عبارة مقزعة في بذاءتها الذكورية عن عضو ميشال عون، إلى ما كتبه أحدهم عنه على صفحته الفيسبوكية: "الشمس بتشرق من طيـ..."، يكتمل الانحطاط الذي يلابس لسان حال العونية التي يرفع مناصروها زعميها إلى مصاف الألوهة.