فضيحة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان: الانحياز للسلطة

وليد حسين
الأربعاء   2019/12/04
التقرير الأممي: استخدام القوة المفرطة هو عمل منهجي منذ بدء الاحتجاجات (علي علّوش)
أمام ما يتعرض له المتظاهرون من حملات قمع، سواء من القوى الأمنية أو من شبيحة الأحزاب، وبعد سقوط عدد كبير من الجرحى ومن الاعتقالات التعسفية، التي شبهها بعض المحامين بالخطف القسري، لم ترَ الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، التي يفترض أن تقف إلى جانب المتظاهرين، في تقرير الخبراء الخواص في الأمم المتحدة، الذي دان طريقة تعاطي الأجهزة الأمنية وتعاطي الدولة مع المتظاهرين.. لم ترَ إلا لغط بسيط في التقرير لنقد أولئك الخبراء داعين إلى إعادة صياغته من جديد. وهذا ما اعتبره الناشطون الحقوقيون معيباً بحق هيئة وطنية يفترض أنها مستقلة، وتشكلت للدفاع عن حقوق الإنسان لا السلطة وسمعة الدولة، التي ليست بحاجة لخبراء لمعرفة طبيعتها المستهترة بالشعب اللبناني المنتفض منذ شهرين.

عدد الجرحى
وفي التفاصيل قدم سبعة خبراء من المقررين الخواص في الأمم المتحدة، تحت ما يعرف بالإجراءات الخاصة، تقريراً منذ أسبوع حول الأوضاع في لبنان، ودعوا الدولة إلى احترام حرية التعبير وإلى حماية المتظاهرين. وأدرجوا بيانات عن التعرض لهم واستعمال القوة، واعتبروا أن استخدام القوة المفرطة هو عمل منهجي منذ بدء الاحتجاجات. لكن الهيئة الوطنية لحقوق الانسان، المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب اعترضت على التقرير وطالبت بتعديله. إذ زار وفد منها المنسّق المقيم للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني للاعتراض على التقرير معتبرين أنه "يتضمن من جهة وصفاً إيجابياً للاستجابة العامة من جانب قوات الأمن.. ومن جهة أخرى يستند إلى معطيات مغلوطة حول عدد الجرحى الذين نتجت اصاباتهم عن الاحتجاجات". وانتقدت الهيئة التقرير لأن الخبراء استندوا إلى تقرير "ملتبس للصليب الأحمر اللبناني يشير إلى عدد مهام الطوارئ التي قامت بها دورياته بين 17 و30 تشرين الأول الماضي، وأن عدد الجرحى الذين نتجت اصابتهم عن الاحتجاجات بلغ 1790 إصابة، في حين أن هذا العدد الاجمالي لم يخضع للتصنيف على أساس جرحى ومصابي الاحتجاجات". وشدّدت على أنها تعتزم "التحقيق في "مزاعم" الاستخدام المفرط للقوة وإساءة معاملة المحتجين؛ وتحديد التدابير التي اتخذتها (الدولة) لمعالجة الأسباب الجذرية للاحتجاجات".

هيئة وطنية لا حكومية 
تعتبر الهيئة أنها جهة وسيطة وتبدي عن رأيها باستقلالية من دون الانحياز إلى أي طرف. لكن تعليقاً على ما قامت به الهيئة، لفتت المحامية والناشطة في حقوق الإنسان منار زعيتر في حديث لـ"المدن"، إلى أن ما صدر عن الهيئة غير مقبول ويطعن في دورها ومستقبل مصداقيتها. وأوضحت أن لا شيء اسمه هيئة وسيطة بل مستقلة، وهي هيئة وطنية لا حكومية. بالتالي، ليس من واجبها التصرف كجهة ظهرت في دفاعها عن القوى الأمنية والدولة كما لو أنها تدافع عن نفسها أمام المفوض السامي. وكان عليها ممارسة دورها في توثيق الانتهاكات ورفع الصوت ضد الخرق الحاصل لحقوق الإنسان وحرية التعبير، وتلقي الشكاوى من المواطنين لا من الدولة. 

وأضافت أن الهيئة بدت من خلال طلب تعديل التقرير كأنها تعمل كمكتب إعلامي للجيش أو قوى الأمن الداخلي، تبرر لها قمعها وتبرر للدولة الانتهاكات الحاصلة، ولا تتصرف كجهة وطنية للدفاع عن حقوق المتظاهرين. وأضافت أن عدم دقة تقرير الخبراء في عدد الجرحى أمر يتطلب تصحيحه، لكن لا يبرر للهيئة طلب تعديل التقرير بكامله، فهذه مقاربة سيئة جداً لهيئة يفترض أن تنحاز إلى المتظاهرين وحقهم في التعبير.