تظاهرة طرابلس.. غضب ساطع على الحريري

جنى الدهيبي
الثلاثاء   2019/10/22
أجواء من الإلفة ومساحة حرّة للتلاقي بين أبناء المدينة ومناطق شمال لبنان (Getty)

في يومها الخامس على التوالي، الإثنين 21 تشرين الأول، استمرت عاصمة الشمال ونجمة الانتفاضة المضيئة، بتظاهرتها الشعبية والغفيرة، في وسط ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النور). وفيما كانت الاستعدادات على أوجّها منذ ساعات الصباح الأولى تنظيميًا وعفويًا، على المستوى الأمني والطبي والبيئي، وكذلك على مستوى إدارة "حراس المدينة" لتنظيم التظاهرة والحفاظ على أمنها وسلامتها وانضباطها، كانت ألوف الأعداد الوافدة من مختلف المناطق الشمالية، من عكار والمنية والضنية وزغرتا والكورة بتزايد مستمر.

حراس المدينة
لكن المفاجئ، كان بعد أن قرأ رئيس الحكومة سعد الحريري مقررات الورقة الإصلاحية الصادرة عن جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا. فما أن أنهى كلمته، وبعد أقل من نصف ساعة، حتّى تضاعفت أعداد المتظاهرين في ساحة النور. وهذه الأعداد التي تخطّت عشرات الآلاف، كانت ردًّا واضحًا وصريحًا على رفض المتظاهرين في طرابلس لكلّ ما جاء به من إصلاحات!

وبعد كلمة الحريري، تدفق العديد من العائلات وأبناء مناطق زغرتا والضنية وعكار والكورة لمشاركة الطرابلسيين في تحركهم، كما انضم أبناء الأحياء الشعبية في المدينة، من مختلف أعمارهم وفئاتهم وطوائفهم نساءً ورجالًا وأطفالًا وكبارًا في السّن، افترشوا الساحة وأخذوا بالتمدد في فروعها الستّة.
وفي ظل الانتشار الكثيف لعناصر الجيش وقوى الأمن في محيط الساحة، إلى جانب سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر والجمعية الإسلامية، عمل شباب "حراس المدينة" على تنظيم الحشود وتسهيل حركة دخولهم إلى الساحة والتنسيق مع المعتصمين، بغية التصدي لمحاولات المندسين التخريبية.

في هذا اليوم، الذي استمرت فيه الهتافات الثورية ضدّ النظام والعهد والحكومة، إلى جانب أجواء الفرح، كان لافتًا انتشار المبادرات التطوعية الفردية في توزيع العصائر والطعام والمناقيش على المتظاهرين، ما خلق جوًا من الإلفة ومساحة حرّة للتلاقي بين أبناء المدينة وضواحيها والمناطق الشمالية. وكذلك، جرى استقدام رافعة ضخمة لاستخدامها في كتابة عبارات على طول مبنى الغندور المطل على الساحة، منها: "من طرابلس شكرا للجيش والقوى الأمنية وبلدية طرابلس"، "طرابلس مدينة العيش المشترك".

لا نريد سماع أحد
وعن ورقة الحريري الإصلاحية، لدى سؤال مها (27 عامًا)، عن رأيها بها، تجيب "المدن": "نزلت إلى التظاهرة بعد سماعه لأعلن عن رفضي كمواطنة لمقرارات هذه الورقة، التي أثبت فيها الحريري حجم نهبنا، وهو لو لم يخف مع شركائه في الحكومة من الانتفاضة الشعبية، ما كان خرج بها، وكانوا قد استمروا في سرقتنا، وهذه الورقة هي حبة مورفين لن نقبل بها". أبو محمد (55 عامًا) يعلّق على ورقة الحريري بالقول: "قد يكون لا حلّ لنا سوى الانصياع لهذه المقررات، حتى لا نذهب إلى المجهول والفراغ، ولأن الغلبة في البلد هي لحزب الله المسلح، لكن هذا لا يلغي عدم ثقتنا بالحكومة بالمطلق". وعصام (35 عامًا) يعتبر أن هذه الإصلاحات التي اقتراحات الحريري ضرورية، لكن حكومته ليست مخولة بتنفيذها، ويجب أن تكون في يد حكومة أخرى "لذا نحن سنبقى في الشارع". أمّا سوسن ( 43 عامًا) تجيب باختصار: "ما سمعتو ولا بدي اسمع حدا. ونحن في الشارع إلى حين إسقاط النظام القائم برمته، وأي بديل أفضل من بقائه".

النقابات تنتظم وتتطوع
وفي السياق، كان مجالس نقابات المهن الحرة قد عقد اجتماعًا بحضور نقباء المهن الحرة في طرابلس والشمال، وأصدر بيانًا أكدوا فيه على "مضمون البيان الصادر عن نقباء المهن الحرة يوم الأحد في 20/10/2019 وقرروا وضع خطة على عدة مراحل لعمل نقابات المهن الحرة مواكبة لمسار الحراك الشعبي الراهن في البلاد"، وأشار إلى أن المرحلة الأولى هي في إنشاء غرفة عمليات مشتركة لنقابات المهن الحرة تتضمن:

- وضع مركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية في تصرف الحراك الشعبي على مستوى محافظتي الشمال وعكار، للقيام بكل ما هو مطلوب لجهة المسائل المتعلقة بالمحتجزين والموقوفين والمعتقلين بسبب الحراك.
- إنشاء عيادة طبية ميدانية لنقابتي الأطباء وأطباء الأسنان في لبنان لإستقبال ومعالجة وتوجيه كافة الحالات الطارئة الناجمة عن الإعتصامات.
- إنشاء خلية هندسية لمواكبة حجم التقنية والتنفيذية لمساعدة هذا الحراك على الاستمرار ولوضع تقرير شامل عن موضوع الأملاك البحرية والكهرباء في محافظتي الشمال وعكار. على أن يتم تنفيذ المرحلة الأولى خلال 48 ساعة من تاريخه.