صور تجدد انتفاضتها رداً على قرارات الحكومة

خضر حسان
الإثنين   2019/10/21
ثبات المتظاهرين واستمرار التظاهرات في المدينة الجنوبية (عزيز طاهر)
ترقب متظاهرو مدينة صور وضواحيها ما سيرشح عن اجتماع الحكومة في بعبدا.
في قرارة أنفسهم عرفوا مسبقاً أن لا حلول حقيقية ستُقَر، فالعناوين العامة وضعتها أقطاب السلطة قبل اجتماعها، سواء بتهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أو بوعود رئيس الحكومة سعد الحريري، فضلاً عن البنود الإصلاحية التي قدّمها وزير الصناعة وائل أبو فاعور باسم الحزب التقدمي الاشتراكي.

إلى ساحة العلم مجدداً

بضعة بنود أقرتها الحكومة، لا تليق حتى بمسودة إصلاحات مطلوبة بعد تآكل الدولة على مدى نحو 30 عاماً. لذلك، لم يجتهد المتظاهرون لتحليل ما قدّمته السلطة من "تنازلات" إرضاءً للشعب. فما تراه السلطة تنازلاً أو بأحسن الأحوال إصلاحاً ومساهمة منها في تحسين الأوضاع، هو في الحقيقة يجب أن يكون خطوة تمهيدية لوضع بنود إصلاحية حقيقية. فما تم إعلانه لم يكن يفترض تقديمه على أنه نتيجة لاجتماع الحكومة، بل يُفترَض أن يكون "تحصيل حاصل" جرى إقراره بسرعة، على أن يُتعِب الوزراء أنفسهم لتحضير بنود ذات معنى يُفترَض بالحريري إعلانها.

لم يحصل أي تقدم، بل ربطاً بأسباب التظاهر وما يريده الناس، فإن ما أُقر هو استخفاف بالعقول. ولذلك، رَفَضَ أهل صور، أيقونة انتفاضة 17 تشرين الأول، ما جربت الحكومة تمريره. وككل المناطق التي شهدت تظاهرات، دفعت القرارات التي أعلنها الحريري، الناس، إلى النزول بكثافة إلى ساحة العلم للتعبير عن رفضها وغضبها. فبعد طول انتظار أثبتت السلطة أنها لن تتنازل عن فسادها.

لا اكتراث بالترهيب
ورداً على ما قدّمته الحكومة، قدّم المتظاهرون أغانيهم وأناشيدهم وفرحهم المتواصل، الذي لم تفلح في وقفه بعض محاولات التشويش. إذ تمكّن الجيش اللبناني من ضبط إيقاع محاولات افتعال شغب وإشكالات لحرف التظاهرة عن مسارها. فاعتقل الجيش شخصين يحملان سلاحاً، في حادثتين منفصلتين. كما لم تصلِ الدعوات التي انتشرت في قرى صور إلى مرادها، حيث تداول ناشطون معارضون للتظاهرات، على مواقع التواصل الاجتماعي، رسائل تدعو الناس إلى عدم النزول إلى الشوارع يوم الثلاثاء بسبب انتهاء التظاهرات. كما روّج البعض شائعات عن اطلاق رصاص وإثارة مشاكل في ساحة العلم.

ليل صور كاناً طويلاً وحافلاً، طبول ورقص وفرقة موسيقية عزفت موسيقى حماسية تناقل صورها الحاضرون وأرسلوها لأصدقائهم في المنازل، لتشجيعهم على النزول إلى الساحة.

بالتوازي، تولى الكثير من المتظاهرين، بشكل فردي وعفوي، منع اطلاق الشتائم لأي شخص كان. فأكد الكثير منهم في حديث لـ"المدن"، أن الشتائم لا تفيد، فالمطلوب "الضغط على الحكومة. كما أن بعض رافضي التظاهرات ينتظرون أصغر فرصة لافتعال إشكالات تضر بالتظاهرات وتُبعد الناس عن المشاكل، وكل ذلك بحجة الحرص على الرموز السياسية والدينية". 

دروس سياسية
عرس مستمر مصحوب بنقاشات سياسية بين مجموعات شبابية تجلس على العشب وتحاول الاستفادة من الآراء المتنوعة، لتحليل التظاهرات وردود فعل السلطة، وما يمكن أن تؤول إليه الاحتجاجات في المناطق. وأبرز ما تضمنته النقاشات، هو "ضرورة التعلّم من محاولة حركة أمل ترهيب المتظاهرين من خلال الاعتداء عليهم بالسلاح. والتعلم يجب أن يكون بتكثيف الجهود لتدعيم حركة المعارضة الجنوبية عموماً والصورية خصوصاً، لأن ثبات المتظاهرين واستمرار التظاهرات بعد الاعتداء، دليل على أن الناس باتت أكثر جرأة ووعياً، وعلى ذلك أن يكون مقدمة للتغيير في الانتخابات النيابية المقبلة".
استحقت صور بجدارة لقب أيقونة الانتفاضة، فانتفاضتها لها دلالة نوعية، على عكس أعداد المتظاهرين القليل مقارنةً بأعداد المتظاهرين في مناطق أخرى. علماً أن العدد كبير مقارنة بحجم الاصطفاف الحديدي لغالبية الجنوبيين، في صفوف حركة أمل وحزب الله.