في جرود البترون.. سياحة لأصحاب القلوب القوية

بشير مصطفى
الثلاثاء   2018/07/17
منذ أربع سنوات تحول بالوع بلعا إلى مقصد للسياح من لبنان ودول العالم (بشير مصطفى)

في أعالي تنورين موقع سياحي لأصحاب القلوب القوية فحسب، ويشتهر باسم بالوع بلعا- بعتارة. فعلى طول الطريق المؤدية إلى جرود البترون مشاهد فريدة وصخور شاهقة حوّلها الزمن إلى منحوتات فريدة تثير الناظرين.

هذا الشعور بالرهبة لا يتوقف عند الوصول إلى بلعا وشاتين. إنما يجد الزائر نفسه في انتظار إثارة إضافية، مع لوحة عمرها 150 مليون سنة. إذ تمكنت نقطة الماء من حفر مكان يتمتع بمنحدر شاهق تُحبس له الأنفاس بعمق 255 متراً.

وقبل أن تصل إلى البالوع لا بد أن تعبر نزولاً نحو الوادي من خلال أدراج طويلة وممتعة لهواة رياضة المشي والتسلق. لذلك، ليس مستغرباً رؤية بعض الزوار وهم يلهثون بسبب عبور الأدراج المتعبة والمنحنيات الصخرية الحادة. وآخرون يفضلون المشي حفاة على انتعال الأحذية العالية.

وشكل البالوع عبر التاريخ مفخرة لأهالي جرود البترون. فهو شاهد على أنهم سكان أصيلون لهذه الأرض المحتشدة بالمزارات الدينية. كما أنهم يملكون واحداً من أقدم شلالات الماء في العالم.

ويثير بالوع بلعا- بعتارة شهية المغامرين وحشرية المستكشفين. ويكشف عن المخاوف عند كثير من الناس، الذين يرفضون إكمال المسير وعبور الجسر الطبيعي الذي يتوسط البالوع.


ينظر أهالي جرود تنورين إلى البالوع على أنه مؤشر لكثافة المتساقطات. وأدت ندرة الثلوج هذه السنة إلى الضعف في دفق الشلال. لذلك، بدأ الزوار البحث عن المتعة في أمور أخرى في الموقع.

ففي الشتاء يستفيد زوار بلعا من فرصة فريدة لرؤية الشلال الآتي من السماء، ماخراً الحلقات الصخرية بصورة عمودية نحو العمق. ويعتقد أهالي تنورين أن المجرى المائي لا يركد في الأسفل، إنما يصب في بحر شكا، ويستشهدون بأخبار يتناقلها كبار السن بأنه أثناء فترة الحكم العثماني كانت تقع مواجهات بين الأهالي والجنود. وكان أهالي تنورين يرمون الجثث في البالوع العميق خشية افتضاح أمرهم، لكن سرعان ما كانوا يسمعون باكتشافها عند شاطئ شكا.

ويتضمن هذا الموقع شاهداً إضافياً على تاريخ هذه المنطقة، إذ تقع في جوفه مغارة محفورة في الصخر يقول الأهالي إنها "محبسة" كان يوجد فيها أحد النساك.

ولم تقتصر جاذبية البالوع على النساك، إنما تجاوزتها إلى طالبي القرب. ويروي أحد المتطوعين في الموقع أن "أحد الشبان قام بمخاطرة كبيرة، باستقدامه رافعات ضخمة وأنزل بواسطتها طاولة عشاء وكراسي من أجل طلب يد حبيبته".


منذ أربع سنوات تحول بالوع بلعا إلى مقصد للسياح من لبنان ودول العالم. وبدأت بلدية شاتين تنظيم الزيارات من خلال فرق من المتطوعين. وتتقاضى البلدية 4 آلاف ليرة بدل دخول عن كل زائر. أما في حرم الموقع السياحي، فيمكن للزائر التمتع بالإضافة إلى البالوع والمناظر الطبيعية، بنشاطات أخرى تبعث في نفسه "الرهبة" من المصاعد الكهربائية الشبيهة بالتلفريك مقابل 6 آلاف ليرة. وتم تركيب "جسر معلق" Monkey Bridge لهواة مزيد من المغامرة. ويستغل بعض الزوار نهاية دوام المتطوعين لممارسة بعض النشاطات الخطرة.

تحول هذا البالوع إلى فرصة لتنشيط الاقتصاد في الأنحاء المجاورة، حيث احتشد المكان بمواقف السيارات المدفوعة والمقاهي والأكشاك وبيوت الضيافة. وشهدت المنطقة نمواً ملحوظاً وتحسناً في البنية التحتية والطرقات.