رغم شلله.. يركض أحمد الغول في الماراثونات العالمية!

نيكول طعمة
الأربعاء   2018/04/25
هوت دراجته النارية في حادث سير مروّع قلبت حياته رأساً على عقب

يُصادف الإنسان في حياته لحظات غير اعتيادية، قد تكون سعيدة وقد لا تكون. وبمثل تلك اللحظات غير المتوقعّة، تبدّلت حياة رجل الإطفاء والرياضي الموهوب، أحمد الغول، وغيّرت مساره إلى إنسان آخر.. فبنتيجة حادثٍ مشؤوم أصبح البطل اللبناني مُقعداً على كرسيّه المتحرّك. ماذا جرى للغول؟ وكيف تخطى إعاقته وتأقلم معها واستمر في حياته؟

في عام 2004، بعد نيل أحمد شهادة اختصاص في التربية البدنية والرياضة من الجامعة اللبنانية، ومرور ثلاثة أسابيع على زفافه، هوت دراجته النارية في حادث سير مروّع قلبت حياته رأساً على عقب ليجد هذا الشاب الرياضي نفسه غير قادر على تحريك ساقيه. يقول لـ"المدن": "تعرّضت لحادث مؤلم تسبّب لي بشلل سفلي أفقدني الإحساس والحركة الإرادية في أكثر من نصف جسدي". بدايةً، شكّل له الأمر صدمة كبيرة، وشعر أنه بات في عالم آخر. "رحتُ أفكّر ملياً كيف يمكنني مواجهة مشكلتي ومشاكل كثيرة أخرى ستُصادفني يومياً وأنا مكبّل على الكرسي المتحرّك؟".

كان يهوى الرياضة منذ صغره وخصوصاً ممارسة  كرة القدم. التحق بفوج إطفاء بيروت عام 1996، وحصل في 2002 على جائزة أفضل رياضي في الفوج. "كان حلمي أن أكون مدرّباً  لفريق كرة قدم، لكن حلمي لم يتحقق بسبب إعاقتي".

ماذا بعد الحادث؟
ماذا فعل الغول بعد الحادث الأليم؟ يجيب: "ما إن استعدت تفكيري السليم حتى رحت أسأل نفسي كيف أستطيع القيام بواجبي في الوظيفة التي اعتدت عليها وأنا مقعد؟ وبفضل القيّمين على فوج الإطفاء انتقلتُ إلى قسم الشؤون الإدارية في بلدية بيروت في 2005 وما زلت فيه حتى اليوم"، وقد حظي أحمد بتشجيع لافت من أصدقائه ومن فوج الإطفاء، ودعمٍ كبير من عائلته، فتمكّن من الصمود أمام محنته بأمل ورجاء كبيرين.

إنه الرياضي الذي عشق كرة القدم ومارس هواية الركض، ولم تمنعه إصابته من الاستمرار في مزاولتهما. كيف تمكّن من ذلك؟ يوضح: "بعد الحادثة التي بدّلت مجرى حياتي، احتجتُ إلى بعض الوقت لأتأقلم وأتكيّف مع واقعي الجديد". صحيح أن هذا الشاب المناضل لم يعد يقوى على المشي أو الركض، إلا أن ذلك لم يُحطّم من عزيمته في المشاركة بمارثون الدراجات اليدوية عام 2010 لأول مرّة بعد إصابته. وتمكّن بصبر، إيمان وقوّة إرادة، تخطي التحديّات الجسدية، وأصبح مثالاً للمصابين بإعاقة مثله ولرفاق دربه في ما يُحققه كل يوم. دراجته اليدوية وصلت إلى عدد من عواصم العالم ليعود حاصداً المراكز الأولى أو الثانية والعديد من الميداليات الذهبية.

هي العبرة.. رغم كل شيء!
"غيّر نظرتك لحالتك بتتغيّر حالتك"، هكذا تحدّى الغول تجربته القاسية التي يعتبرها قضاءً وقدراً. يقول إن "الإنسان معرّض في كل لحظة لانتكاسة، صحية أو نفسية أو غير ذلك، وبالنسبة لي هي العبرة التي أخذتها مما حصل معي". 

بدرّاجته اليدويّة، يُحطّم رجل الإطفاء السابق الأرقام القياسية رغم كل شيء، وهو بات نجماً في الماراثونات المحليّة والعالمية، نذكر بعضاً منها: شارك في 2010، بمارثون سباق لا تقل مسافته عن 42 كلم، "شعرت بعدها بأنني قادر على تجاوز مسافات أطول ما دفعني وشجّعني على المشاركة في العديد من البطولات، منها بطولة بوخارست الدولي في 2014 وحصدت فيها المركز الأول، وأيضاً في بطولة لبنان لكرة الطاولة وحققت فيها المرتبة الثانية، وغيرها كثير".

يتدرّب أحمد يومياً على أنواع الرياضة التي يتمكّن من ممارستها، ويقطع عشرات الكيلومترات في مباريات، من مدينة إلى أخرى دون كلل أو ملل. يتولى تدريب أصحاب الحاجات الخاصة على الدراجة اليدوية ويشجعهم على المشاركة في المباريات والمارثونات التي يُعلن عنها.

هكذا، أطلق أحمد الغول العنان لأحلامه من دون أي عوائق، آملاً في الوصول إلى العاصمة اليابانية- طوكيو للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الخاصة المقرّرة فيها عام 2020.