بلدية الميناء تضطهد أصحاب الأكشاك: الكورنيش ليس للفقراء

جنى الدهيبي
الجمعة   2018/12/21
نحن أبناء هذه المدينة، من فقراء ومعوقين، نعمل بشرف، في وطن لم يؤمن لنا شيئاً (المدن)
نفّذ العشرات من أصحاب الأكشاك، من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأصحاب البسطات، في الكورنيش البحري بميناء طرابلس، الخميس في 20 كانون الأول 2018، اعتصامًا سلميًا أمام القصر البلدي في الميناء، للمطالبة بحقوقهم على إثر منعهم من مزاولة عملهم على أرصفة الكورنيش.
المشهد، بدا لافتًا إذ توحد جميع المعتصمين بلباس "السترات الصفر"، تيمناً بالمنتفضين الفرنسيين احتجاجاً على شروط العمل والضرائب والأحوال المعيشية. كانت فرنسا ملهمتهم. فيقول أحد المعتصمين أنّ نجاح الفرنسيين في معركتهم، كان بتوحدهم شكلًا ومطلبًا. "تكلفنا لشراء السترات رغم أوضاعنا الاقتصادية الصعبة، لكننا أردنا التوحد في مطلبنا المحقّ، وحتى نقطع الطريق على المندسّين  والمصطادين بالماء العكر".

إلا قطع الأرزاق
أصحاب الأكشاك والبسطات يعتبرون أن رئيس مجلس بلدية الميناء، عبدالقادر علم الدين، يمارس منطق "الاستقواء" عليهم، ويتساءلون عن البدائل المتوفرة لهم بعد قطع أرزاقهم. كما يعتبرون أنّ مشروع الواجهة البحرية، الذي يُنفّذ بإدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة العمل الدولية، هو مجرد حجة لقطع أرزاقهم. وباسم تأمين فرص العمل وتحسين الاقتصاد، يقوم علم الدين بطردهم وملاحقتهم وحرمانهم من العمل، من دون تأمين أي بديل.

يقول خيرالله أنوس لـ"المدن"، وهو صاحب عربة لتأجير الدراجات الهوائية في الميناء، أنّهم مستعدون للتعاون مع أعضاء المجلس البلدي، ومع علم الدين، من أجل ترخيص نشاطهم تحت سقف القانون، بعد أن وصلتهم أخبار ووعود عن إمكانية السماح لهم بالعمل، فقط في عطلة الأسبوع، أي يومي السبت والأحد، وفي أوقات محددة. ورغم أنّ هذا الخيار يضرّ كثيراً بمصلحتهم وأرزاقهم، خصوصاً بعد أن سطّرت بحقهم محاضر الضبط، التي يتجاوز كلّ واحد منها 700 ألف ليرة لبنانية، فهم لا يمانعون ذلك كحلٍ مؤقت، ريثما تقوم البلدية بتسوية أوضاعهم.

متنفس الفقراء
هذا، ويستغرب أنوس وصف عملهم من قبل علم الدين بـ "الفوضى"، التي تشّوه الواجهة البحرية. في الوقت الذي تعدّ هذه الأكشاك والبسطات متنفسًا لأهالي الميناء وطرابلس، لا سيما الفقراء منهم، الذين لا يملكون قدرة دفع فواتير المقاهي والمطاعم. يقول: "الباعة المتجولون موجودون في كل بلاد العالم، وهم ظاهرة حضارية، ولم نفهم بعد كيف أنّ عملنا يعيق عملية تأهيل الكورنيش البحري، بينما نحن غير ثابتين ونعود لمنازلنا في نهاية الوقت، من دون أن نعيق عمل أحد، وإنما ننعش أجواء الكورنيش".

من جهته، ينفي علم الدين، في اتصال مع "المدن"، نيتّه إلحاق الضرر بأصحاب الأكشاك والبسطات، لكنه يصرّ على أنّ وجودهم يشوّه الواجهة البحرية، ويعيق عملية تأهيل الكورنيش. فـ"نحن لسنا ضدّ عملهم، لكننا في صدد تأهيل الواجهة البحرية، ونسعى لإيجاد حلٍّ مؤقت لهم، إلى حين الانتهاء من مشروع التأهيل وتنظيم عملهم، بعد أن يصبح كورنيش الميناء من أهم كورنيشات لبنان، حسب الخطّة المعدّة له".

"لسنا متسولين"
وفي الوقت الذي ناشد المعتصمون أعضاء المجلس البلدي التضامن مع قضيتهم، بعدما أصبحت لقمة عيشهم مهددة، وجهوا عتبًا شديدًا لعدم خروج علم الدين من المجلس، من أجل الاستماع لمطالبهم والتفاوض معهم. وتوجهوا له بالقول: "نحن لا نملك سوى الجنسية اللبنانية، ونحاول أن نعيش بكرامة، في بلد منهوبة أملاكه البحرية، المحتلة من قبل المنتجعات والعقارات الوهمية، ومنهوشة جباله بالكسارات والمقالع، وملوث هواؤه بالمولدات ومصانع الاسمنت وجبل النفايات. ونحن لسنا تجار مخدرات أو قطاع طرق أو متسولين، نحن أبناء هذه المدينة، من فقراء ومعوقين، نعمل بشرف، في وطن لم يؤمن لنا شيئاً، ونواب ووزراء لم يعطونا إلا الوعود الكاذبة".

أمّا المطالب التي رفعها المعتصمون، وأكّدوا عدم سكوتهم عن المطالبة بها، فهي، وقف التعقبات بحقهم من قبل شرطة بلدية الميناء، والسماح لهم بمواصلة عملهم حتى إقرار مشروع التنظيم؛ إلغاء كلّ محاضر الضبط التي سطرت مؤخرا بحق الباعة المتجولين من أبناء الميناء، وتأليف لجنة من أعضاء المجلس البلدي وممثلي الباعة المتجولين وممثلي المجتمع المدني لتسوية وضعهم القانوني.