"المدن" تستضيف مقالات الأطفال في يومهم العالمي

مريم سيف الدين
الإثنين   2018/11/19
جدارية "لوّن لي لبنان"" (المدن)

بمناسبة اليوم العالمي للطفل، في 20 تشرين الثاني، واستجابة للمبادرة التي أطلقتها الكاتبة اللبنانية رانيا زغير، التي تمّ تعيينها مؤخرًا من قبل اليونسكو من أجل العمل على مشروع خاص "نحو سيادة القانون"، تخصص "المدن" اليوم، مساحة للأطفال للتعبير عن أنفسهم من خلال الكتابة والفن.

تهدف المبادرة إلى استنهاض صحافة الطفل، وإعطاء الأطفال الحق بالتعبير عن أنفسهم. وتروي الزغير عن إهمال لبنان لهذه المناسبة، وتتحدث أنه وأثناء مشاركتها في اجتماع مع معنيين من اليونسكو، تقدم ممثلو دول مختلفة بخطط للإحتفال باليوم العالمي للأطفال، باستثناء لبنان. فكان اقتراحها منح الأطفال مساحة عبر وسائل الإعلام لإسماع صوتهم.

تولت الزغير التواصل مع المدارس للحصول على رسوم ونصوص لنشرها عبر الإعلام. وتبادر "المدن" في نشر مختارات منها (بحد أدنى من التحرير):

 

مريم شحرور:

إسمي مريم شحرور، تلميذة ثانوية زاهية قدورة الرسمية للبنات، حيث انتقلت إليها حديثاّ. أريد أن أشارككم إحدى المشاكل التي تزعجني في بلدي الحبيب لبنان.

بدأت قصّتي في التّعرف إلى هذه المشكلة عندما كنت عائدة من المدرسة إلى البيت، حيث رأيت أثناء مسيري، مجموعةً من الشبان، يقفون على جادة الرّصيف يتضاربون ويتصايحون. توقّفت قليلاً لأرى ما المشكلة الّتي جعلتهم يتشاجرون بهذه الطّريقة، فأصوات صراخهم كانت عالية جداّ جداّ.

هل تعرفون ما كانت المشكلة ؟

كانت المشكلة متعلقة بشيئ يسمّى الطّائفيّة، فأنا لا أعرف ما هي الطّائفيّة لكن للأسف تعرّفت إليها من خلال هذا الشّجار الطّائفيّ حول الأديان والمذاهب. كلّ ما كنت أعرفه، أنّنا نعيش في بلد واحد، فيه تعدّد أديان وحرّيّة شخصيّة وفكريّة، لكن بعد رؤيتي لما جرى في الشارع وسماعي الكلام غير اللائق، غيّرت أفكاري السّابقة، وأدركت أنّ البلد الّذي نعيش فيه بلد طائفيّ لا يتمتّع بالحريّة التّي يتغنّى بها.

ومنذ ذلك الحين، وأنا أسمع أنّ هذه الطّائفيّة، قد أوصلت النّاس إلى حالاتٍ مجنونةٍ فأصبحوا يحقدون ويقتلون باسم الطّائفيّة والتّعصّب لها، لقد وصلنا إلى عالم صار فيه الإنسان مجرماً، لا رحمة في قلبه.

من هنا أطرح السّؤال : هل تقبل الدّولة اللّبنانيّة ما يجري في لبنان، في مدنه وطرقاته وأزقته؟

برأيي،عليها أن تسجن كلّ من يفرّق بين الأديان والمذاهب، فأين هي الحرية الشخصية؟ وأين هي الحرّيّة الّتي يقولون أنّنا نتغنّى بها وأنّنا وطن حر مستقل؟

كما أرى أنه ليس علينا إلقاء اللّوم كلّه على عاتق الدّولة، فهناك مسؤوليّة أخرى يتحمّلّها الشّعب اللّبنانيّ وتتحملّها المدارس الّتي تربّي العقول، والّتي يتوجّب عليها تعليم تلامذتها حبّ الوطن والمواطنة الصّحيحة، واستغلال إختلافنا كوجه غنى للبنان لا تعصب وقتال .

أتمنى من كلّ الّذين سيقرأون ما كتبته أو الّذين سيسمعونه، أن يقدّموا النّصائح  الّتي تهدف إلى التّوقف عن تفرقة النّاس، وتمنعهم من التّدخل بشؤون غيرهم، واحترام جميع الأديان والطوائف.

وأطلب من الدّولة أن تقوم بواجباتها تجاه كلّ من يثير النّعرات الطّائقية ويفرّق بين أبناء وطني الحبيب لبنان. .

 

ريان صباغ:

إسمي ريان صباغ، عمري 8 سنوات. أعيش في لبنان وأتعلم في مدرسة Collège Protestant.

كنت أعيش في مدينة الرياض في السعودية، وأمي وأبي كانا يعيشان هناك. عندما تركنا السعودية وجئنا إلى لبنان، أمي وأبي لم يجدا عملاً في لبنان. فأكملا العمل هناك وبقيت في لبنان مع أخوتي، وصرت لا أرى والديّ كل يوم بل مرة في الأسبوع تقريباً وهذا يحزنني كثيراً. أنا أطلب من الدولة في لبنان أن تؤمن شغلاً لأمي وأبي في لبنان حتى أشعر بالغبطة وأصبح سعيداً لأنني أحب والديّ ولبنان.

 

تيريزا حردان

إسمي تيريزا حردان تلميذة المدرسة الثانوية لراهبات المحبة-الأشرفية.

"نيّال مين عندو مرقد عنزة بجبل لبنان". ربّ مقولة طالما سمعتها أذناي، ربّ هو وطن على حجم خيالي، ربّ هو وطُن على قدر تطلّعاتي، أنا ابنة الرّابعة عشر، ها أنا أرسم "لبناني" المثالي.

لوحتي الّتي رسمتها ما لبثت أن رشقتها الأيادي السّوداء، محاولةً تشويه ألوان الحياة. أشاروا بأصابعهم إلى المقالع والكسّارات الّتي نهشت جبال لبنان، فرحتُ أزرعها أشجارًا خضراء مستوحية من الأرزة المغروسة في وسط علم لبنان. تحدّثوا عن الأمراض والأوبئة الّتي تفتك بأجسام اللّبنانيين جرّاء النّفايات الّتي افترشت طرقات لبنان، فناديتُ بضرورة إعادة تدوير النّفايات انطلاقًا من فرزها في البيوت أو تصديرها إلى الخارج. تساءلوا أين أمضي أوقات المراهقة في بلدٍ افتقرت أماكنه إلى حدائق عامّة، فناديتُ بأعلى صوتي البلديّات لتخصيص مساحات خضراء يتمتّع بها أبناء البلدة للاستراحة من اليوميّات المتعبة.

منهم من سألني عن مصدر جرأتي للتّجوّل في بلدٍ انتشر فيه السّلاح المتفلّت وانطفأت مصابيح طرقاته مسبّبة الحوادث، فأخبرتهم عن ثقتي بالجيش اللبنانيّ وقدرته على فرض الأمن داخل البلد وبدء تنفيذ مشاريع إنارة الطّرقات بالطّرق الحديثة (مثل الطّاقة الشّمسيّة). وآخرون سلّطوا الضّوء على ضروريّات الحياةِ اليوميّة كالكهرباء الّتي نفتقدها في القرن الواحد والعشرين، فدلَلْتُ بأصابعي على عروس البقاع زحلة الّتي أنشأت معملاً لتوليد الطّاقة الكهربائيّة 24/24. ولمّا ملّوا من الإنتقادات، حدّثوني بلُغتي، لغة المراهقة والتّكنولوجيا، فها هم ينتقدون بطء الإنترنت في بلدي مقارنةً مع معظم بلدان العالم، فأخبرتهم عن مهارة التّقنيّين واستعداد الشّركات الخليويّة تنفيذ مشروع الـ"56" في لبنان.

"لكم لبنانكم ولي لبناني" بهذه العبارة أنهيْتُ حديثي مستندةً إلى قول الأديب الكبير جبران خليل جبران: "لو لم يكن لبنان وطني لاخترْتُ لبنان وطنًا لي".