قصة مدينة ملاهي عرسال

حسن الساحلي
الثلاثاء   2017/08/01
مدينة الملاهي أصبحت خلال وقت قصير "مجالاً عاماً" بالنسبة إلى السكان (Getty)
تحولت مدينة ملاهي عرسال، منذ اطلاقها في العام 2013، إلى مساحة عامة يقصدها السكان لتمضية أوقات فراغهم، وتسلية أولادهم، مبتعدين من هموم البلدة البعيدة منهم نحو 10 دقائق. لكن، بعد عام واحد، بدأت أحداث 2 آب 2014، التي شهدت احتلال مسلحي النصرة وداعش جرود عرسال، بما فيها منطقة مدينة الملاهي، التي ما لبثت أن تحولت إلى نقطة استراتيجية لم تتخل النصرة عنها سوى عند وصولها إلى نهايتها في الجرود، قبل أيام قليلة.

بعدما أصبح محمد علولي مختاراً، قرر استثمار قطعة الأرض الواسعة التي يملكها قرب وادي حميد بـ"مشروع نموذجي تستفيد منه البلدة المتحولة إلى مدينة (خصوصاً بعد دخول أكثر من 80 ألف لاجئ سوري إليها). لكن، على أن يكون في مكان ما خارجها"، وفق ما يقول علولي لـ"المدن". هكذا، حوّل الرجل قطعة الأرض إلى أول مدينة ملاهٍ في البلدة، وثاني مدينة ملاهٍ في البقاع الشمالي، بعد مدينة ملاهي الهرمل.

كان علولي قد عمل لسنوات طويلة في مناشر الحجر والمقالع، مثل عدد كبير من سكان البلدة. ثم وجد نفسه في العام 2013 بين آلات ضخمة، هي عبارة عن سفينة تتأرجح، دولاب متحرك، سيارات كهربائية، وقطار وكثير من الأطفال. ثم لاحقاً، كثير من سكان البلدة، الذين جلسوا على كراسي وطاولات وضعها لهم الرجل، لينتظروا أولادهم.

يقول علولي: "صاروا يأتون بأراكيلهم، وعدة القهوة والشاي، محضرين أنفسهم لتمضية وقت طويل في مدينة الملاهي، التي أصبحت خلال وقت قصير مجالاً عاماً بالنسبة إلى السكان".

يضيف: "صرت أرى أشخاصاً كنت على خصام معهم، يشربون القهوة مع عائلاتهم، من دون الإكتراث لواقع يقول إن علاقتهم غير جيدة معي. كأنهم يجلسون على ضفة نهر، أو في حديقة عامة ليست ملكاً لأحد".

اختفت مدينة الملاهي مع بداية الأحداث، إذ انتقم المسلحون من علولي عن طريق تدمير منشأته الترفيهية، بعدما هددوه بالقتل واصفين إياه بـ"عميل الجيش اللبناني". انتهى المشروع، وبقي الإسم فحسب، واضطر الرجل إلى الإبتعاد من البلدة نهائياً خوفاً من القتل على يد المسلحين. و"هذا ما كاد أن يحصل في كمين مسلح في العام 2016".

"منذ 2 آب 2014 لم أرَ المنطقة بأكملها، التي منعت عن سكان عرسال. واليوم، بعد انتهاء المعارك وانتصار الجيش اللبناني، عدت إلى البلدة، لكن لايزال الصعود إلى هناك مخاطرة، وعلى الأغلب عند صعودي لن أجد شيئاً من المدينة التي أصبحت الآن مدينة مختفية".