فودكا VS ويسكي.. صراع الجبابرة

حسن الساحلي
الثلاثاء   2017/06/06
لا تخلو تعابير الرجل الذي يشرب الويسكي من بعض القسوة والجديّة
في مناطق عديدة حول العالم، ترتبط بعض المشروبات الكحولية برمزية معينة، وتقدم معلومات عن الموقع الاجتماعي والثقافي وحتى السياسي لمن يحتسيها. على سبيل المثال، يعتبر النبيذ مشروب الطبقات الوسطى المفضل في بولندا، بعكس الفودكا التي تعتبر مشروباً مخصصاً للفقراء والكادحين. في اسكتلندا أخذ الويسكي طابعاً وطنياً، وقد ارتبط بمبادئ المساواة، الكرم والفحولة. ما ينطبق أيضاً على التكليلا في المكسيك، الأوزو في اليونان والعرق البلدي في لبنان.


لكن أيضاً هناك نظرة موحدة حول بعض المشروبات، تكرست مع انفتاح الأسواق العالمية على بعضها، وتحول مشروبات كالفودكا والويسكي، من مشروبات خاصة ببلدان معينة، إلى مشروبات مرغوبة في أنحاء العالم. وقد أسهمت الإعلانات (والأفلام إلى حد ما) في انتشار هذه المشروبات تجارياً، وفي تكريس أفكار وصور نمطية، كوّنت شخصية معينة لكل مشروب منها، تتجسد بشكل أو آخر في الشخص الذي يحتسي هذا المشروب.


في لبنان، تعتبر الفودكا والويكسي من الأكثر استهلاكاً في المطاعم، Pubs والأندية الليلية. لكن لا يمكننا القول إن هناك منافسة مباشرة وواضحة بينهما. فكل واحد منهما يتمتع بشخصية مناقضة لشخصية المشروب الآخر. وكل مشروب "يلعب في ملعبه"، كما يقال.  

للويسكي طعم حاد وقاس، لا يتم تخفيفه عادة سوى من خلال مكعبات الثلج. يعرف عنه قدرته على إرخاء الأعصاب، والتخفيف من الإنفعال والحركة الزائدة. هذه المزايا الموجودة في المشروب، يتم تجسيدها في الشخص الذي يحتسي المشروب، والذي يظهر في إعلانات الويسكي رجلاً ناضجاً، لا تخلو تعابيره من بعض القسوة والجديّة، يرتدي بذلة رسمية، وأحياناً يكون ملتحياً وكبيراً في السن. ما يعطي إنطباعاً أنه حكيم، يعرف ماذا يقول ويفعل. وفي حال كان الإعلان تلفزيونياً، سنسمع منه جملةً، يوجهها إلى المشاهدين بصوت خشن وتعابير صارمة.


الأشخاص الذين يحتسون الويسكي عادةً، لا بد أن تتوافر فيهم بعض هذه الصفات، أو هم يطمحون إلى ذلك. نلتقيهم في المطاعم والمقاهي، لكن بنسبة أقل في الحفلات الصاخبة. ويبدو ملاحظاً الإنقسام العمري والجيلي بين محبي الفودكا ومحبي الويسكي. فالفترة التي يختار فيها الشخص أن يصبح الويسكي مشروبه المفضل، تكون عادة عندما يرى أنه قد أنهى مرحلة "الطيش وعدم تحمل المسؤولية"، وانتقل إلى مرحلة "النضج وتحمل المسؤولية". 


أما الفودكا، فعلى النقيض من الويسكي، تعتبر من دون طعم واضح. تأخذ طعمها من العصير أو المشروب الملون الذي يتم تخفيفها بواسطته. تعطي الفودكا مفعولاً مثيراً للنشاط نسبياً، تحرر من التوتر العصبي، وتزيد من التفاعل مع المحيط. لذلك، تعتبر مشروباً مثالياً للحفلات. في عدد كبير من إعلانات الفودكا، تظهر قرب الشخصية الرئيسية فتاة ترتدي قليلاً من الثياب، وتبدو في حالة رغبة. أو تكون هي الشخص الوحيد في الإعلان، جالسة داخل كأس كبير من الفودكا، منتظرة حبيبها أن يأتي. تبدو أحياناً الفتاة متأهبة من أجل الرقص أو الدخول في أجواء الحفل. كأن اللحظة التي ستشرب فيها الفودكا ستحملها مباشرةً إلى عالم جديد مليء بالسعادة والرقص والمتعة. 



الفودكا هي فعلاً مشروب موجه إلى الفئات العمرية الأصغر في لبنان، والراعي الرسمي لعدد كبير من الحفلات الكبيرة التي تنظم في المدينة. تبدو إعلاناتها مليئة بالألوان بعكس إعلانات الويسكي القاتمة والسوداء. فالفودكا يشربها أصحاب الأحلام الكبيرة والطموح. أما الويسكي فيشربها من لا يريد المخاطرة، ويخاف عادة من مغامرات الشباب الطائشة. الفودكا لا تحب عادة المواقف الصلبة وتعابير القوة والقسوة الذكورية، بل كل ما تريده هو الرقص والمتعة.