8 أرقام للاكتئاب

أورنيلا عنتر
السبت   2017/04/08
تمرّ أيام وأيام على وجودنا في السرير (Getty)

الاكتئاب، أو "الدَبرسَة"، هو التعبير الذي يُذكر على لسان كلّ واحد منّا، بعدما أمضى أكثر من أسبوعين محبوساً في البيت من أجل التحضير لامتحانات آخر السنة، أو إثر انفصاله للتوّ عن حبيبته، أو بعد اكتسابه بضعة كيلوغرامات من الوزن تكاد لا تظهر له إلّا عند وقوفه فوق الميزان. أو عندما يشارف الموسم الأخير من المسلسل الذي تابعه لسنوات على النهاية. أو حتى عندما يجد نفسه عالقاً في سيارته وحوله مئات السيارات، التي تنتظر جميعها حلحلة زحمة السير. عندها، نكتب على الشاشة الأرقام الثمانية لصديقنا المفضّل. ونقول بقناعة تامّة: "أنا مدبرس"، أو "أنا مدبرسة".

ثم يأتي وقت تصبح فيه كتابة هذه الأرقام الثمانية على الشاشة، وانتظار سماع الصوت من الجهة الأخرى، غير كافية. يأتي وقت نحتاج فيه إلى أرقام أخرى نتصلّ بها للمرّة الأولى، لنقول: "مرحبا، هل لي بتسجيل موعد لديكم؟".

لمناسبة اليوم العالمي للصحة (7 نيسان)، الذي تقرر هذه السنة أن يكون الاكتئاب محوره، أطلقت منظمة الصحة العالمية حملة لعام واحد عنوانها: "دعونا نتحدّث عن الاكتئاب". لنتحدّث إذاً عن ذلك الوقت الذي نختار فيه أن نستخدم التعبير الصحيح والعلمي المعتمد في اللغة العربية، حتى نقول لأنفسنا: "أنا فعلاً مصاب بالاكتئاب".

أن تمرّ أيام وأيام على وجودنا في السرير، حتى يأتي من ينبّهنا إلى أننا قابعون في هذا السرير نفسه منذ 12 يوماً، من دون أن تراودنا أي رغبة بتركه. أن نضطر إلى الخروج من البيت لقضاء حاجة، أي إلى الخروج إلى العالم وإلى الحياة مرغمين، فنختار أن نبقي أعيننا خلف النظارات الشمسية في أي وقت كان من النهار، لأنه لا بدّ لنا أن نترك حاجزاً، ولو رفيعاً برفع الزجاجتين الملوّنتين، بيننا وبين الحياة. أن نحاول استعادة كل ما كان يفرحنا في الماضي، إن كان كتاباً أو صديقاً أو فيلماً أو مكاناً. أن نرحل إليه لنكتشف أنه لم يعد يفرحنا كما كان، وأن لا شيء تقريباً قادر على إسعادنا. أن يأتي وقت نصل فيه إلى الخلاصة التالية: لم يعد باستطاعتنا إدارة الأزمة التي تسمّى الحياة، كما يديرها بنجاح الآخرون من حولنا.

ثمانية أرقام فحسب هي مفتاح النجاح. أو أقلّه بداية المشوار. أن نطلب مساعدة معالج نفسيّ وأن نجلس على الكنبة أمامه، قبل أن يسألنا لماذا قررنا أن نأتي إليه. من الممكن أن نملك إجابة سريعة نخالها الصحيحة. ومن الممكن أن نختار أن نسكت لأننا لا نعرف شيئاً سوى أننا بحاجة إلى المساعدة، منذ أن أصبحنا غير قادرين على إدارة الأزمة بمفردنا. في الحالتين، نخرج من العيادة للمرّة الأولى مصحوبين بشعور صغير جداً، إنما كاف لكي نطمئن بعض الشيء، وهو أننا لم نعد وحيدين بعد اليوم.