حزام للمكفوفين يرى وينطق

نيكول طعمة
الإثنين   2017/10/30
لا يترتب على الكفيف سوى شراء الحزام

لما كان المكفوفون يعتمدون على العصا البيضاء وسيلةً بديلة لتعويض البصر المفقود، يتحسّسون بها الطريق تجنباً للاصطدام بالأجسام أثناء الحركة من خلال تحريكها إلى الأمام والجانبين، لاحظت مجموعة من الشبان أن هذه التقنية اليدوية باتت تربك مستخدميها في تنقلاتهم وتعرض سلامتهم للخطر بفعل تكاثر الحفريات والمطبّات على الطرق اللبنانية، ناهيك بانتشار عوائق، خصوصاً الحديدية منها على الأرصفة. ما قد يتسبب بكسر أسفلها.

هذا الأمر دفع الشبان الأربعة: معلا عيلاني، بلال فرشوخ، محيي الدين طاش ومحمد بكري، الحائزين شهادات في هندسة الاتصالات وإدارة الأعمال من جامعة AUL، إلى تطوير "تقنية حديثة للاستغناء عن العصا البيضاء واستبدالها بتقنية رقمية. أي وضع تطبيق جديد يتم وصله إلى الهواتف الذكية المحمولة، فيتعرّف الكفيف أثناء تنقلاته إلى كل ما يظهر أمامه من خلال الصوت.. ما هو هذا المشروع المبتكر؟ وكيف يعمل؟

في حديث إلى "المدن"، يطلعنا المسؤول عن خطة عمل المشروع بلال فرشوخ (24 عاماً) على تطبيق Pathfinder، الذي هو "عبارة عن منصة خاصة بالمكفوفين يساعدهم في التنقل على الطرق بحرية واستقلالية تامة، يستخدمون من خلالها هذا التصميم المبتكر من طريق وضع حزام على الخاصرة يتعرف به المكفوف بواسطة Bluetooth على الهاتف الذكيّ، وتدخل فيه داتا بالمعلومات عن الأشياء التي تظهر أمام الكفيف عبر Hardware يعمل بواسطة Sensors، ويحوّلها من معلومات مكتوبة إلى صوتية بواسطة تطبيق باثفايندر. والأهم من ذلك قد يسمح التطبيق بتلقي Notification على بعد مسافة 50 متراً وبسرعة أقل من الثانية".


Hardware من أميركا وتطويره في لبنان
في نيسان 2015، قرر الشبان تحويل فكرة المشروع واقعاً بعدما تلقوا دعماً من أساتذتهم في الجامعة، يقول فرشوخ، "استقدمنا Hardware الخاص بالحزام من أميركا، ثم طورناه وأدخلنا بعض Features على التطبيق وأضفنا إليه تعديلات جديدة تتيح للمستخدم التعرّف إلى الأشياء التي قد تعترض طريقه، أكانت جامدة أم متحركة، مثل، درج، حفرة، شجرة، سيارة أو شخص قريب منه وغير ذلك". ويوضح أن "التطبيق يُزوّد الكفيف بالمعلومات المفصّلة عن الأشياء، والمواصفات الخاصة بها، حتى أنه يتكيّف في التعامل معها بحسب اتجاهاتها وتحديد السرعة التي تفصل بينهما الخ...".

يحرص الشبان على أن تكون خدمة المشروع لفاقدي البصر شاملة، ويرى فرشوخ أنه لا يجوز على المجتمع أن يعزل هؤلاء، بل يساهم في دمجهم مع العالم الخارجي. من هنا، يسمح لهم التطبيق عبر GPS بارتياد المحال التجارية أو المقاهي أو دور السينما، كون GPS يحوي معلومات دقيقة عن هذه الأماكن الموجودة ضمن نطاقهم الجغرافي، مع الإشارة إلى أن مستخدمي هذا التصميم يختارون في المجيب الصوتي اللغة التي تناسبهم.

"وفي حال أحتاج الكفيف إلى مساعدة طارئة عند تعرضه لحادث ما"، يفيد فرشوخ، "تستطيع هذه Application إرسال رسالة إلى أقرب شخص له أو في النقطة الموجود فيها، شرط أن يكون التطبيق على هاتفه".

وفي حال انقطع المكفوف فجأة عن الشبكة العنكبوتية بسبب ضعف التغطية، ماذا يفعل؟ "يبقى الحزام شغالاً ويقوم بوظيفته، لكن من دون تواصله مع العالم الخارجي".

إنجاز Pathfinder.. رهن التمويل؟
بعدما أنهى فريق العمل المرحلة التجريبية على عينة من المكفوفين ووضع اللمسات الأخيرة عليه، لم يرَ رواجاً لهذا التطبيق في الأسواق اللبنانية؟ ما سبب ذلك؟ يجيب فرشوخ: "بصراحة، إن عدم تأمين التمويل اللازم، أخّر توافر هذا التطبيق في السوق وفي متناول المكفوفين"، مؤكداً: "هدفنا أن يستخدم المعوقون بصرياً ما أنجزناه. ولا مشكلة لدينا إن رغبت أي شركة في تبني أو شراء المشروع. ونحن نزوّدها بما يلزم من معلومات لتصنيع أو تشغيل هذا النظام".

وبسؤاله عن العائق أمام مصادر تمويل المشروع، يجيب: "يحتاج هذا العمل إلى دعم مادي لإنجازه، ولتحقيق ذلك، شاركنا في العديد من المسابقات المحلية، العربية والعالمية التي نظمتها شركات أو مصارف"، مشيرأً إلى أن مشروعهم حل في المرتبة الثالثة في مباراة أجرتها شركة هيونداي قبل عامين. وفاز في المرتبة الأولى في مباراة MIT في السعودية قبل عامين أيضاً. وحصد المركز الثالث في مسابقة Social Impact Competition التي نظمتها شركة Pepsi-Co في الأردن العام المنصرم. و"رغم ذلك لم تُبادر أي جهة مانحة أو شركة إلى دعم مشروعنا مادياً".

لا يترتب على الكفيف سوى شراء الحزام أو ما يُسمى Hardware، الذي قدّر فرشوخ ثمنه بـ1000 دولار.. ويبقى السؤال برسم المسؤولين والمموّلين: ألا يستحق هذا المشروع الرائد لفتة منكم وتشجيع شبّان أفادوا من التكنولوجيا وحوّلوها خدمة عامة وعملاً إنسانياً يُحتذى به؟