الجنوب: شباب يحركون الانتخابات

محمد أشرف نذر
السبت   2016/05/21
القاسم المشترك بين هؤلاء الشباب المستقلون طرحهم برامج عمل انمائية تغطي المجالات الحياتية (خليل حسن)

برز في الانتخابات البلدية والاختيارية 2016 ترشح عدد كبير من الشباب المنفردين والمستقلين. وفي حين تُربط دوافع الترشح بما أنتجه حراك صيف 2015، في لبنان، من تشجيع على الاهتمام والمشاركة في الشأن العام، إلا أن هؤلاء الشباب، لا يتمكنون في الغالب من الوصول إلى المجالس البلدية أو الاختيارية، طالما أنهم بعيدون من لوائح القوى النافذة في قراهم أو مدنهم. وهذه حال الشباب المرشحين إلى الانتخابات في جنوب لبنان.

طاقات
قرر المرشح إلى المقعد البلدي في بلدة عيناتا الجنوبية عباس نعمة، مع مجموعة من أصدقائه الترشح في الانتخابات كـ"مستقلين" عن الأحزاب، من أجل تفعيل دور الشباب في العمل البلدي والاستفادة من الطاقات التي "لا تعرف حدوداً، لخدمة الناس انطلاقاً من مجال معرفة كل منا". وبعيداً من حظوظه بالفوز، يعتبر نعمة أنّ مشاركة الشباب المستقل في هذا الاستحقاق الانتخابي انجاز بحد ذاته، وهو "دليل على ازدياد الوعي لدى الشباب للمشاركة في تحمّل المسوؤلية المجتمعية". ولا يفوت نعمة أنّ يؤكد أن ترشحه "ليس رفضاً لخطّ المقاومة أو تراجعاً عن تأييد قيادتها، بل هو ترشحي يدحض الافتراءات التي تعتبر أن حزب الله لا يتقبّل الرأي الآخر".

ولأن "مشاركة الشباب في العملية الانتخابية كانت في فترة سابقة محصورة بالانتخاب فقط، ما أبعد أصواتنا وهمومنا عن هذه المجالس"، قرر على ياسين الترشح مستقلاً في مدينة بنت جبيل. وهو يعتمد على جو مشابه لتطلاعته ومرتبط بـ"الوسط الشبابي الذي يميل إلى المستقلين".

ومن ضمن الموجة الشبابية، تحضر المشاركة النسائية. كما هي الحال في لائحة "كفررمان الغد" التي تبنّت كثيراً من المرشحين الشباب، خصوصاً الإناث منهم، مثل الشابة ميرنا سلامة، التي أعلنت نيّتها العمل على تفعيل دور المرأة في المجتمع المدني لما له من أثر بالغ الأهمية.

وفي الغسانية، ترشّحت الشابة المستقلّة مهى عباني عن المقعد البلدي. وعن سبب ترشّحها تقول: "انطلاقاً من عزيمتي وحقّي كشابة بالترشح، وبعد سيطرة الأحزاب المستمرة منذ سنوات، وعدم لمس الإنماء المطلوب في ضيعتي بما يواكب العصر والطموحات، اتخذت هذه الخطوة"، مستجيبة لما رأته من حماسة لترشح الشباب في القرى المجاورة.

لائحة "التنمية والوفاء"
فيما يتعرّض في هذا الاستحقاق الديموقراطي كثير من المرشحين للضغوط من أجل الانسحاب، تؤكد مضيها في الترشّح رغم الظروف، إذ إن "منافسة اللائحة التي تُملى علينا في كل انتخابات هي ما دفعني إلى الاستمرار. "وفي الوقت نفسه نحن نعي أن الأحزاب التقليدية موجودة ولها جمهورها، وبالتالي لا نهدف إلى إلغاء أحد بل إلى إيصال أصواتنا وأفكارنا بالتعاون معهم".

الحال ذاتها تتكرّر مع المرشح المستقل في بلدة عربصاليم طالب سعادة، الذي وجد في ترشحه حقاًّ ديمقراطياً يجب على جميع الأطراف احترامه. ويؤكّد أنّه ماضٍ في ترشحه حتّى النهاية رغم الضغوط التي يتعرّض لها، ويأمل الحصول على "دعم أبناء البلدة والمحبين في هذا الاستحقاق التنموي، الذي يفترض أن يكون بعيداً من الخيارات والمواقف السياسية".

تباينت مواقف المرشحين "المستقلين" من مسألة منافستهم لائحة التوافق بين "حزب الله" و"حركة أمل"، أي لائحة "التنمية والوفاء". فبعضهم يرى في اختلاف توجههم حقاً بديهيّاً، والبعض الآخر لا ينفي تأييده "الحزب والحركة"، ومع ذلك، "لنا الحق في الترشح في مواجهة الأحزاب التي نناصرها".

شاب "اختياري"
الترشّح شاب لموقع المختار ليس أمراً معتاداً. لكنّ "حب" محمد حمادي لمدينته النبطية وأبنائها دفعه إلى هذه الخطوة كمدخل لمشاركته في الخدمة العامة. وهو يعتقد أن الشباب في هذه المواقع الخدماتية قادرون على العطاء أكثر من الكبار في السنّ "بسبب امتلاكهم الطاقات". ومن هذا المنطلق جاء شعاره، المنتشر في المدينة، "المختار ما ضروري يكون ختيار". أما عن كونه مرشحاً مستقلاً فيقول إن "صفة المستقل ليست دقيقة في الانتخابات الاختيارية، فجميعنا أهل منطقة واحدة، والمعركة هي منافسة بيننا لخدمة الجميع. الأحزاب تهتم بالمقاعد البلدية أكثر من الاختيارية، وفي العموم لا يمكن لأحد أن يخرج من الغطاء الأهلي الذي يجمع الحزبيين والمواطنين الآخرين".

برامج
القاسم المشترك بين هؤلاء الشباب المستقلين هو طرحهم، عبر ترشحهم، برامج عمل انمائية تغطي المجالات الحياتية والمتطلبات الرئيسية. البعض منهم وقع في فخّ الشعارات الرنّانة، كإزالة النفايات كلّياً من دون الاستناد إلى خطة علمية واضحة، وهذا ما عجزت عنه أغلب اتحاد البلديات في لبنان. وهناك من يعد بإنشاء مستوصفات ومكتبات عامّة مجهّزة، كما الاهتمام بالطرق وإنشاء الحدائق العامة، وفق استراتيجيات وخطط دُرست باحتراف.

مرشحو مواقع التواصل
الملاحظ أنّ كثيرين من الشباب ركّزوا في حملاتهم الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشروا الصور والفيديوهات التي تشرح برامجهم الانتخابية بطرق بصرية جذابة وواضحة. تعلّق عباني على الموضوع قائلة إن "مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الأيام، منبر مهم لإيصال الأفكار بطريقة عصرية ومؤثرة. وبالتعاون مع فريق عمل متواضع من الشباب، قدمت نموذجاً إعلامياً جديداً في الحد الأدنى عبر منشورات يومية". لكن الحملة الالكترونية، على ما تؤكد عباني، لا تعني عدم القيام بجولات انتخابية وزيارة العائلات والتواصل المباشر معهم.