الحراك في صبح يومه الطويل: عوائق حديدية.. وأمطار

عاصم بدر الدين
السبت   2016/02/06
عند الساعة الرابعة، من بعد ظهر السبت، هناك دعوة أخرى للمشاركة في الاعتصام (المدن)
في ساحة رياض الصلح، ابتداءاً من صباح السبت، استبق ناشطو الحراك انعقاد جلسة الحكومة بالاحتجاج على خطتها "الغامضة" لترحيل النفايات، وإن بدا أنهم، في انتظارهم في هذا اليوم الطويل، الذي أعلن عنه قبل أيام تحت إسم "انتفاضة 6 شباط" يظنون أن الجلسة ستعقد بالتزامن مع تحركهم الاحتجاجي، أو أن شيئاً يحضّر لهم، ولغيرهم من المواطنين. 


على أن المتجمعين، إن كانوا بالعشرات أو المئات، كانوا أيضاً ينتظرون الأمطار، من بين أشياء أخرى. وهذه، في هطولها عليهم بشدتها، أنهت سريعاً المشهد الصباحي للكتلة المتجمهرة أمام العوائق الحديدية التي تفصل الساحة عن السراي الحكومي. هكذا، راح المعتصمون يتوزعون، في كل مكان ، حيث يجدون سقفاً يحميهم، فيما بقي منهم عشرة أشخاص تقريباً يهتفون وحيدين، كما لو أنهم يجربون تشجيع زملائهم الذين تركوا الساحة إلى زواياها على العودة إليها. وهؤلاء، المصرون على الهتاف، وإن بدوا شجعاناً، في قياس تحملهم ما لا يُحتمل بسهولة، شكلوا مشهداً مضحكاً، في آخر الأمر.

وهذه اللحظة تحديداً كانت مفارقة، إذ فرغت الساحة أيضاً من القوى الأمنية، التي كانت تشكل سداً ثانياً خلف العوائق الحديدية، فبدا كأن السراي الحكومي مباح لمن يصرخون، منذ أشهر، بإتجاهه. لكن الأكثر مفارقة، أن عودة المعتصمين إلى نقطة تجمعهم الأولى، بعد تحفيز حثيث من رموزهم، لم ترافقها عودة لحراس السراي، المختبئين. وما جرى بعدها بدا كأنه مخطط له، لكن بتسهيل من صدفة غير متوقعة. هكذا، أُنشد النشيد الوطني اللبناني، وتبعته أغنية "نحن الثورة والغضب"، كأنهما شحذٌ للهمم، ثم من بعدها، فجأة، أزال المتجمعون، أو بعضهم، العوائق الحديدية وتدافعت العناصر الأمنية، من حيث لا يعلم أحد.

والحال إن هذا المشهد، وحده، يلخص الساعات الأولى من التحرك الذي قالت مجموعات الحراك إنه سيستمر طوال النهار. كأنه اثبات حضور، ليس إلا. ذلك أن الناشطين أنفسهم، وبعد الفورة الأولى، راحوا يبنون سداً بأجسادهم، يفصل بين المتجمهرين والقوى الأمنية، عوضاً عن الحاجز الحديدي، ثم أقفلوا الطريق التي تتيح للسيارات الوصول إلى ساحة رياض الصلح عبر شارع المصارف، لمدة زمنية قصيرة، فيما صرخ واحد منهم أن الذين أزالوا العوائق سيحالون إلى المحكمة العسكرية، كما في كل مرة، لكنه تمنى أن يعاملوا كما عومل، في المحكمة نفسها، الوزير السابق ميشال سماحة. ثم إنتقلنا إلى مرحلة توزيع الأعلام اللبنانية الصغيرة، وهكذا إلى آخره.

عند الساعة الرابعة، هناك دعوة أخرى للمشاركة في الاعتصام، على ما أعلنت في وقت سابق مجموعة "جايي التغيير". ويؤكد أيمن مروة، من "جايي التغيير"، لـ"المدن" أن التحرك الذي دعت إليه المجموعة "هو دعوة لجميع الناس للمشاركة، وسيكون اعتصاماً يستكمل ما يحصل الآن في الساحة". أما الموجودون منذ الصباح، فهم "يرفضون سياسة الحكومة بترحيل النفايات، ذلك أن أي عقد ستوقعه مع أي شركة سيكون عقداً جديداً من الفساد، بسبب غياب الوضوح والشفافية"، وهم أيضاً "يجربون أن يقولوا للشعب اللبناني إن الآوان قد حان ليتحرك ويرفض الظلم الذي تفرضه عليه السلطة السياسية، فعليه أن يرفض الفساد وهدر المال العام، وأن يصنع قراره بيديه لا أن تتحكم به حكومة فاشلة، خصوصاً أن أولادنا صاروا مهددين بسبب انتشار الفايروسات والأمراض، وبالتالي مستقبلهم في خطر".