6 مستشفيات لم تستقبل عمر.. لأنه لاجئ سوري؟

محمد حسن
الأربعاء   2016/01/27
"مستشفى رفيق الحريري الجامعي" رفض استقبال عمر بالرغم من أنه متعاقد مع مفوضية شؤون اللاجئين (ريشار سمور)
الفرص القليلة المتاحة للاجئين السوريين لتقلي علاج تراعي تكلفته أوضاعهم المعيشية الصعبة في لبنان، تزيد من معاناتهم اليومية وقلقهم على مصيرهم ومصير أولادهم، حتى يبدو لهم أن الموت محتم عليهم، وهم يتعرضون لأسوأ أشكال المعاملة من القطاع الصحي، الذي صارت ميوله الربحية، في لبنان، ذائعة الصيت. وآخر هذه الحكايات، حكاية الطفل السوري عمر الريحاوي (13 سنة)، الذي جال أهله به، منذ السبت الماضي (16-1-2016)، على 6 مستشفيات، رفضت إستقباله، بما فيها مستشفى رفيق الحريري الجامعي، الذي يفترض أنه متعاقد مع مفوضية شؤون اللاجئين لاستقبال المرضى السوريين.


في آخر الأمر، وافق، يوم الاثنين الماضي، مستشفى الرسول الأعظم على استقبال عمر من دون دفع أي مبلغ مسبق خوفاً من أن يموت أمام المستشفى، وهو كان قد رفض استقباله في جولة أهله الأولى، كما غيره من المستشفيات لخطورة حالته وعدم توفر الملبغ المطلوب كتأمين لإدخاله إلى غرفة الطوارئ وتشخيص حالته، خصوصاً بعد انفجار "الزائدة" عنده. إلا أن المستشفى اشترط أن يوقع والده على ورقة رفع مسؤولية عن المستشفى في حال أصابه مكروه، وطلب منه تأمين مبلغ أولي هو 8 ملايين ليرة لبنانية إلى أن يخرج من غرفة العناية الفائقة، على أن يضاف إليه 200 دولار عن كل يوم تأخير عن دفع المبلغ الكامل، فما كان من العائلة إلا الموافقة لإنقاذ طفلها من الموت.

يقول حسين، والد الطفل، لـ"المدن" إنه "منذ 15 يوماً أُصيب عمر بوعكة صحية شديدة، وبقينا 8 أيام نجول به على المستشفيات، وكنا في كل مرة نواجه بالرفض". وكانت المستشفيات تقول لحسين "لا يوجد عندنا مطارح"، وإن وجدت "يكون المبلغ المطلوب ألاف الدولارات، ناهيك عن أن كل مستشفى يطلب تحاليلاً من مركز التحاليل الخاص به، ولا يعترفون بتحاليل وصور أجريت في مستشفيات أخرى. لم أكن أملك المال الكافي، اذ كنت أدفع في كل مستشفى تقريباً 200 دولار، فهل اختفى الحس الانساني من قلوب الأطباء؟".

وتعاني العائلة أيضاً من مرض مجد، وهو الشقيق الأصغر لعمر، الذي أصيب بكريب حاد. وبدا واضحاً أن الوالدين خائفان من تكرر التجربة مع إبنهما الصغير، إذ أن عمر بدأ مرضه بـ"كريب حاد بسبب سوء حالة الطقس"، على ما تروي امه. "عرضناه على أول طبيب فشخّص حالته وقال إن لديه التهاب أمعاء، وكتب له بعض الأدوية فلم يشفَ، فأخذته إلى طبيب آخر رجح أن يكون مرضه الزائدة أو التهاباً في الأمعاء. لكن حالة عمر كانت تزداد سوءاً، وظهرت عوارض غير طبيعية من التقيؤ والاسهال والدوخة والصداع، والاختناق، فلم أستطع التصرف وأصبحت عاجزة عن فعل أي شيء غير البكاء".

قلق العائلة من الحالة الصحية لعمر، دفعها للجوء إلى جارتهم اللبنانية، فادية، لمساعدتهم. وفادية، التي أسعفت عمر، اختبرت ما يعانيه السوريون في لبنان، وهي تقول إنها لا تصدق ما حصل. "ذهبنا إلى مستشفى الحريري كونه متعاقداً مع مفوضية شؤون اللاجئين، فلم يستقبلوه بحجة أنه لا يوجد مكان شاغر لعلاجه. ثم ذهبنا إلى مستشفى الساحل فحصلنا على الجواب نفسه، رغم أنهم أجروا له تحليلاً للدم وفحوصات. ثم ذهبنا إلى مستشفى الرسول الأعظم لأول مرة فرفضوا استقباله أيضاً لعدم توفر مكان له. بعدها ذهبنا إلى مستشفى ضهر الباشق وحصلنا على الجواب نفسه"، وفق فادية.

وفي مستشفى الكرنتينا، على ما تكمل فادية، "طلبوا أطباء الجراحة والتخدير، وأخذوا ثمن التصوير والتحاليل التي أجروها للطفل، لكنهم رفضوا إجراء العملية بحجة أنهم لا يستطيعون العناية به بعد العملية، فعدنا إلى مستشفى ضهر الباشق، فحصل أسوأ المتوقع، فبعد أن أجرينا له الصور التي طلبوها، قالوا لنا إن المستشفى ليس فيه قسم للأطفال، لكنهم أكدوا أنه بحاجة إلى عملية بأسرع وقت!". ثم قررت فادية الاتصال بمستشفى سيدة لبنان، وشرحت لهم حالة عمر، وسألتهم إن كانوا يملكون مكاناً لاستقباله، فقالوا لها إن المكان متوفر، وأخذوا منها معلومات عن الضمان أو التأمين. "لكن حين ذهبنا إليهم، وعرفوا أن الطفل سوري بدأت الحجج والأعذار، وفجأة اختفى المكان المتوفر، وما عاد باستطاعتهم استقباله، لأن المستشفى، وفق ما قالوا، ما عاد يتسع لأي سرير. وبدا واضحاً أنهم حين عرفوا انه سوري رفضوا استقباله، ولم يلتفتوا إلى حالته السيئة".

الآن، عائلة عمر بحاجة إلى تأمين المبلغ المطلوب منها، وبانتظار تحسن صحته وخروجه من العناية الفائقة. لكن حالته تؤكد ما صار مؤكداً أن عيش اللاجئين في هذه البلاد صعب، فهم غير قادرين حتى على معالجة حالاتهم الصحية الطارئة، فكيف يمكنهم اكمال حياتهم ودفع مصاريف الأطباء والمستشفيات المرتفعة، وهم ممنوعون من العمل بحسب شروط الاقامة التي تفرض على اللاجئ تقديم تعهد بعدم العمل؟