"حرج" سياسي وأمني: إصرار البيطار على توقيف خليل
حرج السلطة
من الواضح أنّ القاضي طارق البيطار، من خلال إصرار على تعميم المذكرة وتنفيذها، وضع النيابة العامة والقوى الأمنية في موقف حرج. على اعتبار أنه ليس بإمكان الأخيرتين عدم التنفيذ وفق النصوص القانونية. إذ تنصّ المادة 362 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن "للمحقق العدلي أن يصدر جميع المذكرات التي يقتضيها التحقيق من دون طلب من النيابة العامة. إن قراراته في هذا الخصوص لا تقبل أي طريق من طرق المراجعة". وخلف النيابة العامة والضابطة العدلية، أحرج البيطار أيضاً السلطة السياسية، المعنيّ الأول في الملف.
فرق المذكرتين
وفي السياق نفسه، لا بد من الإشارة إلى الفرق بين مذكرتي التوقيف الصادرتين بحق كل من خليل وزميله الوزير السابق يوسف فنيانوس. فالأول نائب حالي يتمتّع بحصانة، وظهوره العلني عند سريان مهلة تنفيذ مذكرة التوقيف قد يكون دقيقاً، إن لم يتمّ وضعه أساساً في خانة تحدّي السلطة القضائية والأمنية. كما أنّ موقعه النيابي، من شأنه أن يسلّط عليه أيضاً المزيد من الأضواء، خصوصاً أنه هارب من الاستجواب والعدالة، تحديداً عند جهات وحكومات خارجية. بينما الثاني، مختفٍ عن الأنظار، ويكاد يكون ظهوره العلني الأخير يوم زفاف ابنته في 21 آب الماضي.
عمل البيطار
ومن جهته، يستمرّ المحقق العدلي في عمله على ملف مجزرة 4 آب. وحسب ما تم تناقله خلال الساعات الماضية، فإنّ البيطار يولي ملف شحنة النيترات والاستنابات الخارجية الأولوية في هذه المرحلة، تحديداً في مراسلة بعض الجهات الأجنبية، ومعرفة أسباب عدم تعاون أخرى مع الاستنابات اللبنانية. كما يستكمل البيطار تدوين إفادات بعض الشهود الإضافيين.
طلبات إخلاء السبيل
وعلى مستوى طلبات إخلاء السبيل المقدّمة من قبل الموقوفين في ملف انفجار المرفأ، علمت "المدن" أنّ النيابة العامة ردّت على الطلبات التي أحالها إليها البيطار مبديةً الرأي. وأنّ القاضي بانتظار ردود الجهات المدّعية وآرائها بهذا الشأن، بهدف اتّخاذ الموقف المناسب حيال كل طلب مقدّم. مع العلم أنّ رأي النيابة العامة والجهات المدّعية غير ملزمة للمحقق العدلي. وكان وفد من أهالي الموقوفين قد التقى اليوم وزير العدل هنري خوري، بعد أن كان الوفد نفسه التقى البيطار الأسبوع الماضي بهدف المطالبة بإطلاق سراح أبنائهم والتسريع في النظر بطلبات إخلاء السبيل المقدّمة.
كل هذا في مقلب، وفي مقلب آخر هناك انتظار لما سيصدر عن البيطار حيال استجواب المدعى عليهم السياسيين، تحديداً الرئيس السابق حسان دياب والوزيرين السابقين النائبين غازي زعيتر ونهاد المشنوق. وفي السياق أيضاً، ورقة استجواب القيادة العسكرية السابقة لا تزال بيد البيطار أيضاً. وأمام كمّ التساؤلات التي يطرحها المعنيون في الملف حول موعد تحرّك البيطار على هذا الصعيد، لا جواب شافياً بعد. من يعرفون البيطار، قد يفهمون تريّثه الحالي. القاضي غير متريّث ولا يعيد التفكير في استجواب المدعى عليهم، جميعهم. ومن إصراره على تنفيذ مذكرة خليل يمكن استقراء إصراره على استكمال التحقيق وفق المسار الذي وضعه. ووفق الوعد الذي قطعه للبنانيين، المعنيين مباشرة بالانفجار وسواهم، بأنه يريد الحقيقة والمحاسبة كاملةً. ومن هذا الإصرار يمكن انتظار المزيد من القرارات والمواعيد في الآتي من الأيام.