باسيل-"حزب الله".. انفصال مؤجل ينتظر تفاهماً جديداً
|
لا يخفي جمهور الطرفين أن صلاحية ورقة التفاهم التي استمرت 17 عاماً، أشرفت على نهايتها. كل منهما لديه اعتباراته. فإشارات الانفصال تظهر من تغريدات تعبر عن المزاج الشعبي، حيث لم تعد ورقة التفاهم التي وقّعت في شباط 2006 رادعاً في وجه خروج جمهورَي الطرفين عنها.
|
القاعدة المؤيّدة لـ "التيار" أصبحت متفلّتة من الضوابط في إنتقاد "حزب الله" كما يحصل اليوم، تماهياً مع تصريحات رئيس التيار الذي لم يستثنِ الامين العام للحزب من انتقاداته.. والأمر نفسه يسري على قاعدة "حزب الله" التي يُفترض أنها الأكثر إنضباطاً، في حين أن الورقة الهشة ما زالت هي الخيط السياسي الذي يربطهما من فوق.
|
ولو أن حزب الله ما زال حريصاً على التحالف مع "التيار" كقوة مسيحية، إلا أن الحزب يُظْهِرُ أنه لن يخضع لِما يعتبره إبتزازاً يمارسه النائب باسيل، الأمر الذي أدى أساساً إلى أن تكون الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال، بسبب شروط "التيار" وسلوكه. وهذا يعني أن باسيل حَشَرَ نفسه في الزاوية التي لم يعد قادراً على الخروج منها منفرداً.
|
الخلافات ليست وليدة اليومن ففي شباط/فبراير2021 ، وفي ذكرى التفاهمن صدر بيان عن "التيار الوطني الحر" يقول إن تفاهمه مع الحزب "لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، ونرى في ذكرى التوقيع مناسبة للتمعّن في هذا التفاهم".
ومع خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، تصاعدت حدة الخلافات بين الحليفين، بسبب نقاط عديدة، أبرزها الاستحقاق الرئاسي والعلاقة مع الرئيس نبيه بري وإدارة الملف الحكومي.
عمل باسيل على دفع الحزب في اتجاه التراجع عن ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ورفضه ترشيح العماد جوزيف عون وتركيزه على تعثّر بناء مشروع الدولة مستهدفاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري بذريعة أن الحزب نأى بنفسه عن أن يكون شريكاً في مكافحة الفساد لأنه ليس في وارد التفريط في علاقته بحليفه الشيعي الاستراتيجي.
|
كثيرة هي المشكلات بين الطرفين. ويكفي مراجعة ما يكتبه مغردون متشددون في التيار في صفحاتهم، وما يدلي به نوابٌ باتوا يعتبرون أن شعبيتهم مهدَّدة بسبب سلوك "حزب الله" وتصرفاته غير المباشرة بعدم وضع حد لأداء الرئيس بري، للاستنتاج بأن الدف ثُقب بين الطرفين، و"تفرّق العشاق".
لطالما أطلق حزب الله شعارات مرتبطة بإستمرارية هذا التفاهم، على أنّه ثابت ولا يمكن المساس به. إلاّ أن هذا الاتفاق السياسي البحت في الواقع، لا يُمثّل أي توافق أيديولوجي بين الطرفين. هذا أقلّه ما عكسه تصريح الوزير جبران باسيل في مقابلة سابقة مع قناة "الميادين" تحدث فيها عن السلام مع "إسرائيل" وبأنّ لا مشكلة لدى التيار في وجودهان مما يتنافى مع الادبيات الأساسية لامتلاك حزب الله للسلاح وهي مواجهة إسرائيل، ذلك فضلاً عن رهان باسيل الخاطئ حول إمكانية نجاحه في ابتزاز حزب الله لفك ارتباطه مع حليفه الشيعي الرئيس نبيه بري.
ربما تغيب عن باسيل التصريحات الداخلية ضمن جسم حزب الله حول متانة العلاقة والتحالف المقدس مع بري، إذ يمعن الأمين العام لحزب الله في وصف الحزب والحركة بالجسم الواحد. هذه العلاقة التي تجمع الحزب والحركة، أعمق من أي تحالف سياسي، حسبما يقول أنصار الحزب، فهي تصب في خانة حسابات متصلة بالطائفة الشيعية، ما يجعل هذه الحسابات مثار خلاف تمنع احتكار التفاهم لأي ارتباط سياسي آخر.
|