إبتسامة سالم.. التي حرّكت العالم

صنعاء - فتحي أبو النصر
الخميس   2016/10/20
الطفل سالم قبل تحرك المنظمات الدولية.. وبعده
تحولت صورة طفل يمني، من منطقة تهامة الساحلية في غرب اليمن، إلى أيقونة ضد الحرب، بحيث انتشرت صورة الطفل سالم عبد الله عيسى (6 سنوات)، في وسائل التواصل الإجتماعي على نطاق واسع،  لتثير موجة غير مسبوقة من الاستهجان والاستنكار لطرفي الحرب، إضافة إلى حدة الحالة المأساوية التي وصلت إليها اليمن، نتيجة إستمرار الصراع. 

صدمت صورة سالم، الرأي العام اليمني. وبسببها باشرت وسائل الإعلام المحلية والدولية، مناشداتها البدء بحراك اغاثي عاجل. 

فالطفل سالم، ينتمي الى قرية فقيرة طحنتها الحرب أكثر من غيرها، فيما تعاني شبح الجوع الوخيم في ظل التدهور الإقتصادي، وتفاقم معاناة السكان جراء إرتفاع الحرارة التي تتميز بها المنطقة، وكذا النقص الحاد في الغذاء والدواء، إضافة إلى أن قوارب الأهالي كصيادين صارت معرضة للقصف.

وأطلق نشطاء، عشرات الهاشتاغات المتفاعلة والمتضامنة مع مأساة الفقر والجوع التي فجرها سالم في "فايسبوك" و"تويتر"، ومن أبرزها  #انقذوا_تهامه و #تهامة_تموت_جوعا.
وكانت صورة سالم قد انتشرت ضمن  صور أطفال على حافة الموت، التقطها مصورون هواة، قبل قرابة ثلاثة أسابيع، وبعدها تم إسعاف الصغار على نحو عاجل، وتلقوا وأمهاتهم القوت والعلاج.

والثابت أن صورة سالم الجديدة، وهو يبتسم، صارت من أكثر الأسباب التي تثير الأمل في قلوب اليمنيين، فتداولها النشطاء بفرح كبير، خصوصاً بإعتبارها بادرة تفاؤل لوقف الحرب المستعرة منذ قرابة العامين.

على أن الطفل سالم، الذي صار قادراً على الابتسام، بعد نجاته من الموت المحقق، جعلته بسمته يتحول إلى رمز لمَطالب السلام ولإيقاف الحرب، كما للتضامن الإجتماعي المتسع، بينما يُعدّ "الصورة المصغرة لبلاده".

وأخيراً ظهرت صور لسالم، لتكشف تحسن صحته، جراء إغاثات الأهالي، وفاعلي الخير، فضلاً عن تدخلات اليونسيف الإنقاذية الرئيسية.

وفي صوره السابقة، كان سالم عبارة عن هيكل عظمي لا يستطيع الحركة، وتحديداً في حالة وهن مريعة لم تشهدها اليمن من قبل. 

وإذ أثارت معاناة سالم، وبقية الأطفال، نداءات إنسانية متصاعدة، فهي لاقت تفاعلاً شعبياً كبيراً عبر السوشال ميديا وبالأخص مجموعات "الواتس اب"، حيث تم توجيهها لكل أطراف الصراع لإيقاف الحرب وإنقاذ السكان، وتبنى نشطاء في مختلف وسائل التواصل الإجتماعي حملات ومبادرات محلية تحذر ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ فظيعة متزايدة لحدوث ﻣﺠﺎﻋﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ، كما تدعو لتضامن اليمنيين في ما بينهم، وسرعة إغاثة تهامة.

وبحسب شهود عيان، فإن هناك الآف الأُسر في عموم اليمن، وبالذات في تهامة، صارت "تتغذى بوجبة شحيحة واحدة على مدار اليوم".

ويشير الناشط والإعلامي محمد المقبلي إلى "أهمية ما أحدثته صورة سالم في الوجدان الجمعي الذي يستخف بالحرب وآثارها، وكذا تأثير صورة سالم وهو على شفا الموت في حجم المبادرات المجتمعية، وقوافل الإغاثة التي اتجهت من مناطق يمنية عديدة إلى منطقة تهامة لمؤازرتها مما تعانيه بعد تعالي المناشدات المحلية". ويلفت المقبلي إلى "أهمية الظاهرة الإلكترونية التي ظهّرت الثورات العربية، وتفاقم إنتشارها مع الحروب، وهي نجحت أكثر من غيرها كما نرى في مجالات عديدة تضامنية منها المجال الإنساني".

من ناحيتها تؤكد الطبيبة والناشطة أشواق محرم، والتي كانت أحد أبرز الذين كشفوا مأساة الجوع والتدهور الصحي في قرية سالم المنسية، أن "الريف التهامي هو الأكثر تضرراً جراء الحرب، سواء بالقصف أو بالأضرار الاقتصادية والصحية والمعيشية".

والنتيجة: ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻓﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ومنطقة، خصوصاً ﺑﻌﺪ الانهيارات المالية للبنك المركزي، وعدم تسلم الموظفين لرواتبهم للشهر الثالث على التوالي، إضافة إلى كارثة منسية تتمثل في ﻮﻗﻒ ﺻﺮﻑ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍء ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ﻭﻧيف.