"سيدة سوريا".. تسد فراغ الإعلام "النسوي؟"

ملاذ الزعبي
الأحد   2014/03/09
غلاف العدد الأول من مجلة "سيدة سوريا"
 لا تقتصر التجارب الإعلامية التي قدمتها وتقدمها الثورة السورية على وسائل الإعلام الإخبارية أو السياسية، بل تمتد لتشمل ميادين متعددة في الإعلام التخصصي. هكذا، ظهرت مطبوعات ساخرة وأخرى موجهة للأطفال ومواقع إلكترونية تعنى بالشأن الاقتصادي، عدا عن وسائل إعلام محلية تخاطب جمهوراً محلياً قد يقتصر على قرية أو بلدة أو حتى حيّ، وإن أفرد النوع الأخير حيزاً واسعاً للشؤون السياسية.

في السياق هذا، تأتي شهرية "سيدة سوريا" التي صدر منها عددان حتى الآن، وتعرف عن نفسها بأنها "شهرية مستقلة تعنى بالمرأة السورية تصدر عن المركز السوري للصحافة والنشر"، وتتخذ من مدينة غازي عنتاب التركية مقراً لها.
 
فالتطورات الهائلة التي طاولت أوضاع المرأة السورية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً خلال السنوات الثلاث الفائتة تحتاج إلى مواكبة إعلامية تختلف عن الحال التي كانت عليها في زمن ما قبل الثورة. عندما كان الإعلام الرسمي وشبه الرسمي يرفض حتى مناقشة مفردات وعبارات مثل "حقوق المرأة"، بينما حاولت مواقع إلكترونية مثل "الثرى" و"مرصد نساء سورية" ملء الفراغ والتصدي لقضايا عديدة متعلقة بالمرأة السورية كانت غائبة عن وسائل إعلام النظام، فنجحت حيناً وفشلت أحياناً.
 
في افتتاحية العدد الأول، كتب رئيس التحرير، محمد ملاك، أن الثورة "لم تقدم خطاباً يوازي دور المرأة، يوازي تضحياتها وأهمية حضورها، وقيمة وجودها، ولا زالت المعارضة السياسية تبحث في خضم تنافسها عن وجود صوري للمرأة، تفرضه عليها محاولة الظهور بالمظهر اللائق أمام الغرب والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، في تمثيل غير حقيقي، يكرر غلطة نظام الأسد ذاتها، لتحضر المرأة كشكل من دون مضمون"، مضيفاً أن المجلة تهدف إلى "بناء منبر إعلامي يحشد رأي النساء، ليستطعن من خلال تشكيل رأي عام، التعبير عن أنفسهن، محققات حضوراً في المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي السوري".
 
تلفت مديرة التحرير ياسمين مرعي في حديث لـ"المدن" إلى أسباب أخرى دفعت أيضاً إلى إطلاق الشهرية وهي "غياب المشاريع الإعلامية المتخصصة في الشأن النسوي.. فرأينا في فريق التحرير أن مساهمة المرأة السورية في الحراك وكذلك معاناتها تستحقان الوقوف عندهما"، وكذلك "انقطاع السيدات والفتيات عن وسائل التواصل في المناطق المحررة"، مشيرة إلى أن "الهدف الأهم هو تكريس وعي نسائي بالشأن العام الحقوقي والسياسي وفتح الأفق أمام النساء لمعرفة ما لهن وما عليهن، والبدء في إشراك الرجل في مشروع يدعم النساء بشكل فعلي عبر مساهمتهم في الحديث عنها ولها من خلال كتاباتهم".
 
ضم العددان الأول والثاني، تحقيقات وتقارير ميدانية وأخرى تثقيفية وترجمات وحوارات ومقالات في مواضيع سياسية وحقوقية واقتصادية واجتماعية وثقافية، بعضها غير مرتبط بشكل مباشر بقضايا المرأة، منها مثلاً الانفراد بحوار مع رئيس الحكومة الانتقالية أحمد طعمة. كما تضمنت المجلة في إصداريها الأولين مقالات رأي استقطبت كتّاباً وفاعلين مهمين في الشأن العام في سوريا، منهم بسمة قضماني ومية الرحبي وياسين الحاج صالح وغالية قباني وهند قبوات ورشا عمران، مع تخصيص باب ثابت بعنوان "شهادة معتقلة" يتضمن سرد معتقلة سابقة لتجربتها في سجون النظام السوري، وانفتاح لافت على المكون السوري الكردي نسوياً وسياسياً.
 
طبعت المجلة في عددها الأول 1800 نسخة، ثم ارتفع الرقم في العدد الثاني إلى 2200 نسخة، وتم توزيعها على السوريين في مدن غازي عنتاب وإسطنبول وهاتاي بتركيا، كما أرسلت نسخ إلى مناطق تحت سيطرة قوات المعارضة السورية في ريف حماة وريف إدلب وحلب، وتهدف الإدارة إلى بلوغ ستة آلاف نسخة شهرياً لتغطية مناطق أكبر داخل سورية، بحسب ياسمين مرعي، بالإضافة إلى نشر الأعداد بصيغة PDF عبر صفحة المجلة في  "فايسبوك".
 
لكن، ألا يمكن أن تقع المجلة في فخ التكرار أو عدم الاستمرارية؟ إذ سبق وظهرت محاولات مطبوعة في مجال الإعلام النسوي السوري بعيد الثورة لكنها سرعان ما توقفت. تجيب مرعي بالقول إن "تكرار التجارب في مثل الظرف السوري الحالي هو حالة صحية من جهة زيادة عدد الجهات الفاعلة وزيادة عدد الأشخاص الذين يمكن استهدافهم في حال تعددت التجارب"، مضيفة أن "التكرار كقالب لا أظنه يحدث في حال وجود رؤية واضحة وهدف واضح".
 
وتتابع مديرة تحرير "سيدة سوريا": "حين قررنا الانطلاق فكرنا أننا سننجزها (المجلة) أياً كان الظرف ولن نتوقف أياً كان الظرف، باعتقادي أن جدية الطرح وجدواه كفيلان بتبني المشروع من قبل جهات عدة، وبالنتيجة لسنا قلقين من عدم الاستمرار". توضح مرعي أن تغطية قضايا المرأة في المناطق الساخنة جزء مهم وأساسي من خطة عمل المجلة، لافتة إلى توجه إدارة التحرير لزيادة حصة التحقيقات والتقارير الميدانية وإن كان ذلك "يتوقف على قدرة المراسلين في الداخل على إيصال المعلومات"، كما أن المجلة لديها مراسلين في عدة مناطق فقط.
 
من جانبها، ترى عضو شبكة الصحافيات السوريات، رولا أسد، أن المجلة لم تأخذ حتى الآن الخط الاختصاصي الذي وضعته لنفسها لأن "المواد متعددة بطريقة لا تتصل بالنساء بشكل مباشرة ولا بالمساواة بين الجنسين"، مشددة على أهمية التجربة في الفترة الحالية وعلى تضمنها "مواد جيدة عديدة سواء من حيث المحتوى أو الأسلوب"، رغم وجود "رتابة وتقليدية في المواضيع المطروحة المتعلقة بالنساء".