ليس دفاعاً عن القاهرة..

فايز سارة
الثلاثاء   2015/06/23

لست بمعرض الدفاع عن مصر والموقف المصري. فثمة من يعرف الحقائق اكثر مني، وهو اقرب الى فهم مصر وسياسات مصر الداخلية والخارجية وخاصة الاخوة المصريين، وان كان لي موقف اجمالي في هذا المجال يستند الى ما اعرفه عن مصر وواقعها وسياسة حكومتها بالنسبة لنا نحن السوريين الغارقين في كارثة سببها نظام الاسد بارهابه وتطرفه م حلفائه، وقد زادت عليها جماعات متطرفة ارهابية مثل "داعش" و"النصرة" وغيرهما ما شقيقات القاعدة والمقربين منها.

ما أرغب التوقف عنده هنا، بعض ما تضمنه مقال الزميل حداد حول "الدور المصري الملتبس تجاه سوريا" المنشور في المدن (الخميس(18/06/2015) سواء في مقدماته او في معطياته أو استنتاجاته، التي لاتخلو من معلومات تجانب الحقيقة، جرى توظيفها بطريقة تسيء للمعارضة السورية وللائتلاف الوطني ولقسم رئيس في الائتلاف نفسه وهي الكتلة الديمقراطية، التي قدمت لرئاسة الائتلاف اثنين من اعضائها في العامين الماضيين احمد الجربا وهادي البحرة ومنها نائب لرئيس الائتلاف حالياً.


فمن حيث المبدأ الذين حضروا مؤتمر القاهرة ليسوا "بعض المعارضين" اذا هم قيادات في الاجسام الرئيسية للمعارضة السورية في الائتلاف الوطني، وفي هيئة التنسيق الوطنية، ومن المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وتنظيمات اخرى بينها تشكيلات عسكرية وممثلين عن الحراك المدني، اضافة الى شخصيات مستقلة، ووصل عدد هؤلاء الى نحو مائة وستين شخصاً، ولاننا نعرف من هم، ونعرف من هم الاعضاء في الائتلاف، نقدر ان هذا الحضور يمثل تمايزاً ايجابياً لصالح الحاضرين في مؤتمر القاهرة.


اما في موضوع تصنيف المعارضة باعتبارها "معارضة وطنية او معارضة الداخل" كما يقول الكاتب الذي يذهب الى الابعد في وصفها مستعيراً قول شخص ما بأنها "المعارضة الداخلية أو المعارضة الموالية للنظام" فهذا امر غير صحيح. ليس في سوريا معارضة للداخل واخرى للخارج، وليست هناك معارضة موالية للنظام. فكرة المعارضة، تضع المنتمين اليها مباشرة في وجه نظام الاسد، ووجود معارضة في "الداخل" او الخارج" طبيعية في ظل الوضع الحالي المشتت للسوريين، وفي الحقيقة فان للائتلاف الوطني انصار في الداخل والخارج السوري، والامر ذاته ينطبق اليوم على كل التشكيلات السورية المعارضة.


النقطة الاهم في وصف نشاط المعارضة عبر مؤتمرها في القاهرة وصف الكاتب ماجرى بانه "محاولة القاهرة إنشاء جسم سياسي معارض بديل عن الإئتلاف"، وهذا مخالف لكل المعطيات سواء المتعلقة بهدف االمؤتمر ممثلاً بالبحث في موضوع الحل السياسي في سوريا، وفي النقاشات التي جرت بين اعضائه، وفي ما تمخض عنه من وثائق: "الميثاق الوطني السوري" و"خريطة الطريق نحو الحل السياسي في سوريا". الموجودتين على موقع المؤتمر الالكتروني. وقد جرى التعبير عن ذلك كتابة وقولاً من جانب اعضاء في المؤتمر وعبر مؤتمر صحافي اعقب نهاية اعمال المؤتمر، تمت اذاعته عبر كثير من وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة، وجرى فيها جميعاً التركيز على ان مؤتمر القاهرة (حزيران/يونيو 2015) بالقول، ان مؤتمر القاهرة، لن ينتج جسماً سياسياً جديداً في المعارضة السورية، ولن يكون بديلاً للائتلاف أو لأي جسد سياسي سوري، ولا بين اهدافه اطلاق قيادة جديدة للمعارضة او للشعب السوري، انما هو معني بموضوع الحل السياسي في سوريا لاخراجها من كارثتها الراهنة.


واذ لم يكن مؤتمر القاهرة بديلاً عن الائتلاف، كما هو مؤكد، فان المؤتمر ذهب الى الابعد في التقاطع مع موقف الائتلاف في رؤية الحل السياسي وفق الوثيقة التي اقرها الاخير في اجتماع لهيئته العامة قبل ثلاثة اشهر تحت عنوان وثيقة الحل السياسي المستندة الى بيان "جنيف 1"، ومضامين "جنيف 2" الذي حضره الائتلاف في مواجهة نظام الاسد، وهي ذات الاسس التي استندت اليها خريطة طريق الحل السياسي الناتجة عن مؤتمر القاهرة، وبهذا عزز الاخير موقف الائتلاف ولم يتناقض معه او يقف في مواجهته حتى في موضوع رحيل الاسد الذي لا مكان له وبطانته في مستقبل سوريا، كما وقف موقفاً حاسماً ضد جماعات التطرف والارهاب وما تمارسه في سوريا سواء كانت تقال في صف النظام مثل حزب الله ولواء القدس او مثل "داعش" التي "تقاتل" النظام نظرياً وتتواطئ معه عملياً.


النقطة الاخيرة التي لابد من التوقف عندها في محتويات المقال، تتعلق بموضوع مساعي ما اسماه الكاتب "التحركات التي قام بها الجربا وكتلته" في الاجتماع الاخير للائتلاف في موضوع المجلس العسكري الذي حله رئيس الائتلاف خالد خوجة، وقد اتخذت الهيئة العامة قراراً برد قرار رئيس الائتلاف والابقاء على المجلس العسكري على حاله. الاهم في هذه النقطة، ان الكتلة الديمقراطية التي ينتمي اليها احمد الجربا عزفت في الانتخابات الاخيرة على التنافس على رئاسة الائتلاف، وهي ساهمت في ترشيح، ودعمت خالد خوجة للوصول الى رئاسة الائتلاف، والمجلس العسكري الحالي، لم يكن منذ تشكيله مقرباً من الكتلة الديمقراطية وهذا امر معروف، وفي مقابلة اخيرة للجربا نشرت قبل ايام في موقع مدار اليوم اعلن بما لايدع مجالاً للشكل انه لن يترشح لرئاسة الائتلاف الوطني بخلاف كل ما اثير من من زوابع حول المجلس العسكري وكتلة الاركان، ودورهما المحتمل في عودة الجربا لرئاسة الائتلاف في الانتخابات، التي يفترض اجراؤها بعد شهر من الآن.


خلاصة القول، ان الكتابة في الموضوع السوري وفي شؤون معارضته ومجريات الحال في الائتلاف، تتطلب معرفة وتدقيقاً في المعطيات القائمة لان فخ الوقوع بخطأ التحليل والاستنتاج قائم، اذا غابت المعطيات، او لم يتم التحري عنها والتدقيق فيها على نحو ماحصل، وان اكاد اجزم، ان الامر لم يكن مقصوداً.