الخميس 2015/06/18

آخر تحديث: 17:59 (بيروت)

الدور المصري الملتبس تجاه سوريا

الخميس 2015/06/18
الدور المصري الملتبس تجاه سوريا
تجلّى ذلك في محاولة القاهرة إنشاء جسم سياسي معارض بديل عن الإئتلاف (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
تتمسك جمهورية مصر العربية بشعور حنينيّ إلى دورها القومي القديم، لكن الظروف تغيّرت، حيث ترزح أرض الكنانة تحت ضغوط إقتصادية وإجتماعية هائلة، عدا عن حالة العقم السياسي والقضائي الذي يضرب كل جنبات المؤسسات الحكومية فيها، منذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سدة الحكم. ويحاول الحاكم العسكري الجديد إعادة إحياء أمجاد سلفت، من دون توفّر المقومات. فاللعبة الإعلامية والبروباغاندا المرافقة، تكفي بالنسبة إلى أركان الحكم، لإرساء دعائم القوة المصرية وتأثيرها على الساحة العربية. ومن هنا تبرز الإشكالات التي تعترض أي دور مصري، وهي ليست مرتبطة فقط بعدم قدرة مصر الاقتصادية لهذا الدور، بل بالإشكالات البنيوية في الإدارة الجديدة.

منذ إنطلاق "عاصفة الحزم" برز تمايز مصري عن الموقف الخليجي، وإن ادعى السيسي دعمه لدول الخليج والعاصفة، إلّا أنه لم يقرن الأقوال بالأفعال. ويتنامى التمايز أكثر حول الملف السوري، وكيفية تعاطي مصر مع هذه المعضلة الأساسية التي تنذر بتفكيك حدود الدول من ناحية، والحروب المجتمعية من ناحية ثانية. ولكن السيسي لا يتنازل عن السعي لصناعة دور لدولة يحكمها في هذه الأزمات، وفي مساعيه يبرز التمايز أكثر بينه وبين القوى التي تدعمه، ولا سيما المملكة العربية السعودية.

بعيد حصول تقارب سعودي-قطري-تركي، انحسرت موجة السيسي، ففي هذا التحالف تآكل دور مصر، لكن المحاولات استمرّت لتأمين حضور على الساحة وإبرازه. ومن هنا، لا تزال مصر السيسي تحاول إيجاد موقع لها في المعادلة، وذلك في محاولات ضرب الحراك السوري المعارض، من داخل جسم "الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" أو من خارجه عبر عقد مؤتمرات لبعض المعارضين الذين يطلقون على أنفسهم اسم المعارضة الوطنية أو معارضة الداخل.

تجلّى ذلك في محاولة القاهرة إنشاء جسم سياسي معارض بديل عن الإئتلاف، من خلال المؤتمر الذي عقد في العاصمة المصرية مؤخراً. المؤتمر خرج بمفهوم -وإن تم إعلانه بشكل ملتبس- يفيد بأن الأسد جزء من المرحلة الإنتقالية في سوريا، وذلك بخلاف المعارضين للنظام سياسياً وشعبياً، وبخلاف توجهات الإئتلاف الذي يحظى باعتراف دولي.

من هنا، يبدو التمايز المصري السعودي واضحاً حول سوريا، إذ أن لدى المملكة العربية السعودية، قراراً واضحاً وحاسماً أن لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، ولا حتى في المرحلة الإنتقالية، وعليه تحاول مصر الإستثمار بشخص رئيس الإئتلاف السابق أحمد الجربا الذي لديه كتلة لا بأس بها داخل الإئتلاف. وقد كان أول التحركات التي قام بها الجربا وكتلته، وفق ما تؤكد مصادر "المدن"، بعد قرار رئيس الإئتلاف خالد خوجة بحل "المجلس العسكري" لتشكيل مجلس عسكري موحد يضم مختلف الفصائل الفاعلة على الأرض، لجوء المجلس المنحل الى توجيه رسالة إلى الإئتلاف طالب فيها باستبدال ممثليه، في محاولة لإعادة تكوين كتلة أكبر توالي الجربا داخل الإئتلاف.

لكن التصويت على هذا الأمر أتى بالأكثرية لصالح قرار التجميد، وعليه فقد أسقطت محاولة الجربا، التي يسعى من خلالها إلى لعب دور مقرر في تسمية الرئيس المقبل للإئتلاف. وهنا تشير المصادر إلى أنه بعد التصويت على قرار الحلّ، وصف أحد أعضاء كتلة الجربا "جيش الفتح" في سوريا، بانه جيش احتلال، ما استدعى تقديم شكوى رسمية من قبل عدد من ممثلي الأركان والقيادات العسكرية.

هناك تلاقٍ واضح بين مصر والجربا. مصر تريد لعب دور في الأزمة السورية، قائم على مبدأ أن الأسد أفضل من "داعش"، في انسجام مع توجهات حكم العسكر التي يرسيها السيسي في مصر. وبالتالي فإن ما يهمه هو ضرب أي حراك شعبي وإن كان إدعاءاً بمحاربة الإرهاب والتطرف والإسلام السياسي. في المقابل فإن الجربا يحاول التمايز عن الإئتلاف، بدعم مصري، من أجل لعب دور سياسي جديد، وبالتالي لا مشكلة لديه ببقاء الأسد في المرحلة الإنتقالية، ولذلك يريد الإنفتاح على المعارضة الداخلية أو المعارضة الموالية للنظام، على حد تعبير أحد المعارضين البارزين لـ"المدن". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها