"مسرحية" السلطة في اليرموك

محمود سرحان
الجمعة   2013/07/26
ترجيحات بأن تصعيد العمل العسكري في المخيم يهدف إلى "احراج" وفد المنظمة وادخالها دائرة المناكفات بين الفصائل (المدن)
 
 
اختلطت دماء وأشلاء الضحايا بكلمات الغضب في مشاهد الدمار الكبير الذي خلفه سقوط صاروخين من نوع غراد على مخيم اليرموك أديا إلى سقوط 15 قتيلاً ونحو 25 جريحاً في أوضاع حرجة، في ثاني مجزرة تحدث في المخيم في أقل من أسبوع واحد، في سياق محاولة جماعة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، التابعة لأحمد جبريل، اقتحام المخيم مدعومة بشبيحة شارع نسرين والقوات النظامية.
الحادثة تزامنت مع زيارة وفد منظمة التحرير الفلسطينية إلى دمشق لمتابعة أوضاع المخيمات وايجاد حل للاوضاع المأساوية التي يعانيها الفلسطينيون هناك، وعلى وجه الخصوص داخل مخيم اليرموك. "الوفد" أعلن، بحسب الوكالة الفلسطينية للانباء، عن تقديم مبادرة جديدة للنظام السوري اتفقت عليها جميع الفصائل الفلسطينية في سوريا تشمل "إخلاء المخيمات من المظاهر المسلحة نهائياً، وتسوية أوضاع من يرغب برمي السلاح ووقف الاشتباكات وإنهائها بشكل كامل داخل هذه المخيمات"، فضلاً عن ضمان "حرية الحركة من وإلى المخيمات سواء للأفراد أو المركبات أو وسائل الإغاثة"،  إلى جانب "إعادة البنية التحتية للمخيمات، وتسوية أوضاع المعتقلين، والإفراج عن الذين لم يثبت عليهم تهم محددة". هذه المبادرة حازت على "تأييد و دعم" النظام السوري وتم الاتفاق على تشكيل لجنة متابعة من الفصائل الفلسطينية والسفارة الفلسطينية لتفيذها بشكل ايجابي في الأيام المقبلة، لكنها تزامنت مع تصاعد وتيرة القصف بالصواريخ التي يؤكد الناشطون انها من نوع "غراد" وتبنت اطلاقها جماعة جبريل، التي يفترض انها واحدة من ضمن الفصائل التي وافقت على المبادرة، الأمر الذي يضع مجمل الاتفاق في مهب الريح. كما أن استمرار العمل العسكري وارتفاع اعداد الضحايا المدنيين جرائه ربما يهدف إلى "احراج" وفد المنظمة ويدخلها دائرة المناكفات "الفصائلية"، ويساهم في عرقلة جهودها لتفيذ المبادرة، ولا سيما بعد اعلان نجل جبريل عن استمرار العمليات العسكرية بهدف "تطهير" المخيم من المجموعات المسلحة.
منظمة التحرير الفلسطينية لم تسلم من الانتقادات اللاذعة في المرتين السابقتين لزيارتها دمشق. انتقادات غلب عليها طابع التهكم من قبل الناشطين في المخيمات الفلسطينية. لكن هذه الزيارة التي تعد الثالثة نالت حظاً وافراً من الانتقاد والتنديد، بعدما اعتبرها البعض مجرد مسرحية تقدم من خلالها "المنظمة" نفسها على انها تسعى لحل سلمي بشأن المخيمات بينما هي في الواقع تغطية لاتفاق ضمني لحسم الأمر عسكرياً بالتواطؤ مع النظام وأزلامه - جماعة جبريل.
حتى الآن لا تزال النية المعلنة لدى جماعة جبريل اقتحام المخيم. وبعد قصفه بالصواريخ وسقوط عدد كبير من المدنيين وازدياد تدهور الأوضاع الانسانية داخله. وقد نقل العديد من صفحات التواصل الاجتماعي خبراً غير مؤكد عن التحضير لفتح "معبر" اليرموك لعدة ساعات للسماح للاهالي بالخروج من المخيم. وهي الطريقة التي يمارسها النظام في اخلاء وتهجير سكان المناطق المدنية في طول البلاد وعرضها،  ضمن سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها بحق المدنيين من خلال الحصار الخانق والقصف العنيف، والتوعد بحساب عسير لمن يبقى باعتباره "داعماً للجماعات المسلحة".
الجدير ذكره، أن مخيم اليرموك كان يسكنه نحو مليون نسمة، بينهم ما يقارب  200 ألف لاجئ فلسطيني، إلا أن غالبية السكان نزحت نتيجة المعارك التي اندلعت فيه منتصف كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي. ويقدر المتواجدون في المخيم حالياً، بحسب الناشطين، بحوالي 125 ألف نسمة معظمهم من اللاجئين الفلسطينين الذين لم يجدوا مكاناً لهم ينزحون إليه وفضلوا البقاء في بيوتهم صوناً  لكرامتهم رغم الأوضاع الانسانية والأمنية الصعبة، لتبقى الجريمة بحق الأهالي في مخيم اليرموك مستمرة .